التفسير:
للذين أحسنوا الحسنى وزيادة : روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: وروي ذلك عن جماعة من الصحابة والتابعين. "أن {الحسنى} الجنة، و (الزيادة) : النظر إلى الله عز وجل"،
وعن رضي الله عنه أنه قال: (الزيادة) : غرفة من لؤلؤة واحدة، لها أربعة أبواب. علي بن أبي طالب
قال {الحسنى} : واحدة من الحسنات بواحدة، و (الزيادة) : التضعيف إلى العشر. ابن عباس:
(الزيادة) : التضعيف إلى سبع مئة. الحسن:
وقوله تعالى: ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة : (القتر) : جمع (قترة) ؛ وهي الغبرة التي فيها سواد.
[ ص: 341 ] (القتر) : سواد الوجوه، ومعنى {يرهق} : يغشى. ابن عباس:
وقوله تعالى: أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون : قيل: المعنى: في الجنة، وقيل: في الزيادة، وقيل: في الجنة والزيادة، وهو الوجه.
وقوله تعالى: جزاء سيئة بمثلها : قيل: المعنى: جزاء سيئة مثلها، والباء زائدة، وقيل: ليست بزائدة، والمعنى معنى الشرط، وهو مذكور في الإعراب.
وقوله تعالى: كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما : وذلك من شدة اسودادها، و (القطع) : مذكور في الإعراب.
وقوله تعالى: مكانكم أنتم وشركاؤكم : أي: انتظروا مكانكم أنتم وشركاؤكم، وهو وعيد.
فزيلنا بينهم : أي: [فرقنا بينهم.
وقوله: هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت : أي: تختبر ثواب ما أسلفت، ومن قرأ: {تتلوا} ؛ جاز أن يكون] معناه: تقرأ، وجاز أن يكون تتبع.
وقوله تعالى: قل من يرزقكم من السماء والأرض : يعني: المطر والنبات، وهذا احتجاج عليهم في عبادتهم مع الله تعالى غيره، وهم مقرون بأن جميع ما [ ص: 342 ] ذكره الله تعالى عنه.
فماذا بعد الحق إلا الضلال : (ما) ههنا: للتقرير.
وقوله: كذلك حقت كلمت ربك على الذين فسقوا : [المعنى: كما ليس بعد الحق إلا الضلال؛ كذلك حقت كلمات ربك على الذين فسقوا] أنهم لا يؤمنون.
وقوله تعالى: قل الله يهدي للحق ، و {إلى الحق} : سواء.
أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى : المعنى: آلله الذي يهدي للحق أحق أن يتبع أم الأصنام؟
فما لكم أي: أي شيء لكم في عبادة الأصنام؟ وهو وقف حسن، ثم يبتدئ: كيف تحكمون ؟
وقوله: إن الظن لا يغني من الحق شيئا أي: لا يقوم مقام اليقين.
وقوله تعالى: وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله أي: ما كان مفترى؛ أي: مختلقا.
ولكن تصديق الذي بين يديه أي: تصديق ما تقدمه من الكتب، وقيل: تصديق ما لم يأت بعد من أمر الساعة.
وقوله تعالى: أم يقولون افتراه : {أم} ههنا: في موضع ألف الاستفهام؛ لأنها اتصلت بكلام قبلها، وإذا كانت مبتدأة؛ لم تكن كالألف، وقيل: هي بمعنى: (بل) .
وقوله تعالى: قل فأتوا بسورة مثله يعني: مثل سوره؛ يريد الجنس.
[ ص: 343 ] وقيل: المعنى: فأتوا بقرآن مثل هذا القرآن، فكنى بـ(السورة) عن القرآن؛ لأنها قرآن، ولو كان على اللفظ؛ لقال: مثلها.
وقوله تعالى: وادعوا من استطعتم أي: من استطعتم دعاءه؛ ليعينكم.
إن كنتم صادقين : أنه مفترى.
بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه يعني: تكذيبهم وهم شاكون، وقيل: المعنى: بما لم يحيطوا بعلمه بما فيه من الوعيد على كفرهم.
ولما يأتهم تأويله أي: ما يؤول إليه أمره؛ أي: أمر الوعيد.
وقوله تعالى: ومنهم من يؤمن به أي: منهم من يعلم أنه حق ويكفر عنادا، ومنهم من لا يؤمن به : في السر والعلانية.
وقيل: المعنى: ومنهم من يؤمن به في المستقبل، ومنهم من لا يؤمن به.
وقوله تعالى: ومنهم من يستمعون إليك يعني: أن ظاهرهم ظاهر من يستمع، وهم بمنزلة الصم.
أفأنت تسمع الصم أي: تقدر على هداية من أصمه الله تعالى عن سماع الهدى، وكذلك المعنى في: أفأنت تهدي العمي .
وقوله تعالى: ولكن الناس أنفسهم يظلمون أي: بأعمالهم المؤدية إلى العقاب.
[ ص: 344 ] ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار : قرب عليهم ما بين موتهم ومبعثهم.
وقوله: قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله : قيل: هو إخبار من الله عز وجل، وقيل: المعنى: يقولون يوم يتعارفون بينهم: قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله .
وقوله تعالى: وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك يعني: أنه لا بد من الجزاء، أري ذلك النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته، أو مات قبله.
وقوله تعالى: فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط : قال هذا يوم القيامة؛ فالمعنى: فإذا جاء رسولهم في القيامة؛ شهد عليهم بإيمانهم وكفرهم. مجاهد:
وقيل: هذا في الدنيا؛ والمعنى: أنه لا يعذب أحد حتى تأتيه الرسل بالإنذار.
وقوله تعالى: قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا يعني: ليلا.
ماذا يستعجل منه المجرمون : قيل: المعنى: ماذا يستعجل من الله المجرمون؟ اللفظ لفظ الاستفهام، والمعنى: الإنكار، وقيل: من العذاب؛ يدل على هذا: أثم إذا ما وقع آمنتم به ؛ المعنى: أتأمنون إذا نزل بكم العذاب أن تؤمنوا؟ فيقال لكم: آلآن آمنتم وقد كنتم بالعذاب تستعجلون؟ ودخلت ألف الاستفهام [ ص: 345 ] على {ثم} ؛ والمعنى: [التقرير؛ ليدل على أن مجيء الجملة الثانية بعد الأولى، وقيل: إن {ثم} ههنا: بمعنى (ثم) ؛ والمعنى]: هنالك، وهو مذهب الطبري.
وقوله تعالى: ويستنبئونك أحق هو أي: يستخبرونك، فيقولون: أحق هو؟ أي: أحق ما تعدنا به من البعث والجزاء؟
قل إي وربي أي: نعم، وربي.
وما أنتم بمعجزين أي: بفائتين.
وقوله: وأسروا الندامة لما رأوا العذاب : قيل: المعنى: أنهم أخفوا الندامة حين رأوا العذاب من أتباعهم.
وقيل: معنى {أسروا} : أظهروا؛ أي: بدت الندامة في أسرة وجوههم، وواحد (الأسرة) : (سرار) ؛ وهي الخطوط التي في الجبهة.
وقوله تعالى: قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور يعني: القرآن.
وقوله تعالى: قل بفضل الله وبرحمته : قال أبو سعيد الخدري، وغيرهما: (فضل الله) : القرآن، و (رحمته) : الإسلام، وعن وابن عباس، أيضا الحسن عكس ذلك. والضحاك
وعن أيضا أنه قال: (فضل الله) : القرآن، و (رحمته) : أن جعلكم من أهله. ابن عباس
[ ص: 346 ] ومعنى {فليفرحوا} : فليفرح المؤمنون.