قوله تعالى : إنا جعلناه قرآنا عربيا أي : سميناه ، وصيرناه ، وقد تقدم ذلك .
وإنه في أم الكتاب يعني : اللوح المحفوظ .
لعلي حكيم أي : رفيع محكم .
وقوله : أفنضرب عنكم الذكر صفحا يعني : القرآن ، عن . الضحاك
: المعنى : أتكذبون بالقرآن ولا تعاقبون ؟ فـ {الذكر} على هذا يراد به : ذكر العذاب ، وكذلك قال أبو صالح : {الذكر} : العذاب . مجاهد
: المعنى : أفنهلككم ولا نأمركم ، ولا ننهاكم ؟ قتادة
وقيل : يعني : التذكير ؛ فكأنه قال : أفنترك تذكيركم ؛ لأن كنتم قوما مسرفين ؟ في قراءة من فتح {إن} ، ومن كسرها ؛ جعلها للشرط ، وما قبلها جوابا لها ؛ لأنها لم تعمل في اللفظ ، ويجوز أن يكون الجواب محذوفا دل عليه ما تقدم ؛ كما تقول : (أنت ظالم إن فعلت كذا ) ، ومعنى الكسر عند الزجاج الحال ؛ لأن في الكلام [ ص: 58 ] معنى التقرير والتوبيخ .
: سألت سيبويه الخليل عن قول : [من الطويل ] الفرزدق
أتغضب إن أذنا قتيبة حزتا .....................
فقال : هي مكسورة ؛ لأنه قبيح أن يفصل بين (أن ) والفعل ؛ يريد : (أن ) المفتوحة ، وذلك في المكسورة جائز على إضمار فعل آخر ؛ نحو قوله تعالى : وإن أحد من المشركين استجارك فأجره [التوبة : 6 ] .ومعنى قوله : {صفحا} : إعراضا ، وقيل : التقدير : أفنضرب عنكم الذكر صافحين ؟ كما يقال : (جاء فلان مشيا ) .
ومعنى {مسرفين} : مشركين .
وقوله : فأهلكنا أشد منهم بطشا أي : قوما أشد منهم بطشا .
ومضى مثل الأولين أي : عقوبتهم ، عن ، وقيل : معناه : صفة الأولين ؛ بأنهم أهلكوا على كفرهم . قتادة
[ ص: 59 ] وقوله : لتستووا على ظهوره أي : على ظهور هذا الجنس .
وقيل : جاء التذكير على لفظ {ما} ، وجمعت (الظهور ) على معناها ، فقدم الحمل على المعنى على الحمل على اللفظ ، والأكثر أن يقدم الحمل على اللفظ على الحمل على المعنى .
وقوله : ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه : قيل : هو (الحمد لله ) ، وقال مجاهد : هو سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين .
ومعنى {مقرنين} في قول : مطيقين . ابن عباس
: {مقرنين} : ضابطين . أبو عبيدة
قال أهل اللغة : يقال : (أقرن له ) ؛ إذا أطاقه ؛ كأنه صار له قرنا .
وقوله : وإنا إلى ربنا لمنقلبون أي : مبعوثون .
وقوله : وجعلوا له من عباده جزءا أي : عدلا ، عن ؛ يعني : ما عبد من دون الله عز وجل . قتادة
الزجاج : (الجزء ) ههنا : البنات . والمبرد
إن الإنسان لكفور مبين يعني : الكافر .
وقوله : أم اتخذ مما يخلق بنات : لفظه لفظ الاستفهام ، ومعناه : التوبيخ .
[ ص: 60 ] وقوله : أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين : قال وغيره : يعني : النساء ، زيهن غير زي الرجال . ابن عباس
قتادة : ما تكلمت امرأة ولها حجة إلا جعلتها على نفسها .
ابن زيد : يعني : أصنامهم ، يصوغونها من ذهب وفضة ؛ وهو إنشاؤها .
وقوله : وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أي : وصفوهم بذلك ، وسموهم ، وهو قولهم : الملائكة بنات الله ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .
والقول في قوله تعالى : وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم كالقول في قوله : سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا [الأنعام : 148 ] .
وقوله : ما لهم بذلك من علم مردود إلى قوله : وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا ؛ أي : ما لهم بقولهم : (الملائكة بنات الله ) من علم .
وقيل : إن الرد عليهم محمول على المعنى ؛ ومعناه : ما لهم من قولهم : لو شاء الرحمن ما عبدناهم من عذر .
أم آتيناهم كتابا من قبله فهم به مستمسكون : هذا معادل لقوله : أشهدوا خلقهم ؛ والمعنى : أأحضروا خلقهم ، أم آتيناهم كتابا من قبل القرآن بما ادعوه ؟
بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة أي : على طريقة ومذهب ، وإنا على آثارهم مهتدون أي : وإنا مهتدون على آثارهم ، ويجوز أن يكونا خبرين .
وقوله : قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم أي : أولو جئتكم بذلك ؛ [ ص: 61 ] تقيمون على ما كنتم عليه من كفركم ؟
وقوله : قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون : الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، ولفظه لفظ جمع ؛ لأن تكذيبه تكذيب لمن سواه .
وقوله : وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون : (البراء ) : يستعمل للواحد فما فوقه ، ومعناه في التثنية والجمع : ذوا براء ، وذوو براء .
إلا الذي فطرني فإنه سيهدين : استثناء متصل ؛ لأنهم عبدوا الله مع آلهتهم ، ويجوز أن يكون منقطعا .
وجعلها كلمة باقية في عقبه : الضمير في {جعلها} عائد على قوله : إلا الذي فطرني ، وضمير الفاعل في {جعلها} لله عز وجل .
و (العقب ) : من يأتي بعده ، : هم آل محمد صلى الله عليه وسلم ، وفي الكلام تقديم وتأخير ؛ والمعنى : فإنه سيهديني ؛ لعلهم يرجعون ، وجعلها كلمة باقية في عقبه ؛ أي : قال لهم ذلك ؛ لعلهم يتوبون عن عبادة غير الله عز وجل . السدي
مجاهد : (الكلمة الباقية ) : لا إله إلا الله .
: لا يزال من عقبه من يعبد الله إلى يوم القيامة . قتادة
وقوله : وقالوا لولا نـزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم أي : على رجل من [ ص: 62 ] رجلي القريتين عظيم .
: يعنون : ابن عباس الوليد بن المغيرة من مكة ، وحبيب بن عمرو الثقفي من الطائف .
: الرجلان : أبو مسعود عروة بن مسعود الثقفي من الطائف ] ، [قتادة [والوليد بن المغيرة من مكة ] .
: السدي الوليد بن المغيرة ، [وكنانة بن عبد بن عمير من الطائف .
وروي : أن الوليد بن المغيرة ] كان يقول : لو كان ما يقول محمد حقا ؛ لنزل علي ، أو على أبي مسعود ، فقال الله عز وجل : أهم يقسمون رحمت ربك ؟ يعني : أنه يصطفي من يشاء ، ويفعل ما يشاء .