الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 189 ] وقوله: وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا الآية:

                                                                                                                                                                                                                                      في هذه الآية دليل على وجوب قتال الفئة الباغية على الإمام، أو على أحد من المسلمين، وعلى فساد قول من منع من قتال المؤمنين، واحتج بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «قتال المؤمن كفر» ، ولو كان قتال المؤمن الباغي كفرا؛ لكان الله تعالى قد أمر بالكفر، تعالى الله عن ذلك، وقد قاتل أبو بكر رضي الله عنه من تمسك بالإسلام ومنع الزكاة، وأمر ألا يتبع مول، ولا يجهز على جريح، ولم يحل أموالهم، بخلاف الواجب في الكفار.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم الآية: أمر الله عز وجل في هذه الآية بالتواضع، ونهى عن الطعن على أحد من المسلمين، أو الاستهزاء به، والدعاء بالألقاب المغضبة، أو باسم الكفر بعد الإيمان.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن الآية: [قال تعالى: كثيرا من الظن ، ولم يعمه؛ لأن من الظن ما يكون خيرا، [وأكثر العلماء: على أن الظن القبيح بمن ظاهره الخير لا يجوز، وأنه لا حرج في الظن القبيح بمن ظاهره قبيح].

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 190 ] ونهى الله عز وجل عن التجسس على أحد من المسلمين، فينبغي أن يحسن الظن بالمسلمين، وأن تستر زلة من زل منهم، ويوعظ، ويخوف.

                                                                                                                                                                                                                                      ونهى الله عز وجل عن الغيبة؛ وهي أن يذكر الرجل بما فيه، فإن ذكره بما ليس فيه؛ فهو البهتان، روي معنى ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومثل الله تعالى الغيبة بأكل لحم الميت؛ لأن الميت لا يعلم بأكل لحمه، كما أن الحي لا يعلم بغيبة من اغتابه.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس: إنما ضرب الله هذا المثل للغيبة؛ لأن أكل لحم الميت حرام مستقذر، وكذلك الغيبة حرام في الدين، وقبيح في النفوس.

                                                                                                                                                                                                                                      وفي قوله: {فكرهتموه} معنى الأمر، ودل على ذلك عطف واتقوا الله عليه.

                                                                                                                                                                                                                                      الكسائي: معنى {فكرهتموه} : فينبغي أن تكرهوه.

                                                                                                                                                                                                                                      المبرد: معنى {فكرهتموه} : فكرهتم أن تأكلوه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى الآية: سوى الله عز وجل في هذه [ ص: 191 ] الآية بين الناس، وأعلم أن الذي يشرف به بعضهم على بعض التقوى، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم: «الحسب المال، والكرم التقوى» ؛ يعني: أن المال يستغني به الإنسان عن الناس في الدنيا، ويستغني بالتقوى في الآخرة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية