التفسير:
روي: أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يستخلف على المدينة رجلا إذ مضى إلى خيبر، فأشار عليه رضي الله عنه برجل آخر، فنزل: عمر يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله .
وقيل: نزلت بسبب كلام جرى بين أبي بكر رضي الله عنهما؛ بسبب وفد من وعمر بني تميم قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر للنبي صلى الله عليه وسلم: أمر القعقاع بن معبد، وقال أمر عمر: الأقرع بن حابس التميمي، فارتفعت أصواتهما، فنزلت الآية.
[ ص: 192 ] وعن رضي الله عنه: نزل قوله: علي لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي فينا، لما ارتفعت أصواتنا؛ أنا، وجعفر، نتنازع ابنة وزيد بن حارثة، لما جاء بها حمزة زيد من مكة، فقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لجعفر؛ لأن خالتها عنده.
ومعنى ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض : لا تنادوه كما ينادي بعضكم بعضا، لكن خاطبوه بالنبوة في لين، قاله وغيره. مجاهد
وقوله: أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون أي: كراهة أن تحبط أعمالكم، [أو لئلا تحبط أعمالكم].
التقدير: لأن تحبط أعمالكم؛ [أي: فتحبط أعمالكم]، فاللام المقدرة لام الصيرورة. الزجاج:
وليس قوله: أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون بموجب أن يكفر الإنسان وهو لا يعلم، وكما لا يكون الكافر مؤمنا إلا باختياره الإيمان على الكفر؛ كذلك لا يكون المؤمن كافرا من حيث لا يقصد إلى الكفر ولا يختاره بإجماع، [وكذلك لا يكون الكافر كافرا من حيث لا يعلم].
وقوله: أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى أي: أخلصها؛ أي: امتحنها فوجدها خالصة، روي معناه عن مجاهد.
[ ص: 193 ] وعن رضي الله عنه: أذهب من قلوبهم الشهوات. عمر
وقوله: إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون : قال نزلت في أعراب مجاهد: بني تميم، وروي: الأقرع بن حابس نادى: يا محمد؛ إن مدحي زين، وذمي شين؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ذلك الله عز وجل» . أن
يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ الآية: نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط؛ إذ رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن وقوله: بني المصطلق منعوا صدقاتهم؛ فأرسل فوجدهم على خلاف ما قاله الوليد. خالد بن الوليد،
وقوله: ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم ؛ [أي: وفقكم له، وهداكم إليه]، وبينه بالحجج القاطعة.
وقوله: وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا الآية:
قال نزلت في مجاهد: الأوس والخزرج، قال تقاتل حيان من الأنصار بالعصي والنعال، فنزلت. مجاهد:
آذى أنس بن مالك: عبد الله بن أبي النبي صلى الله عليه وسلم، فرد عليه الأنصار، وتعصب له قومه، فاقتتلت الطائفتان.
[ ص: 194 ] السدي: كانت امرأة من الأنصار يقال لها: أم زيد- تحت رجل من غير الأنصار، فتخاصمت مع زوجها، فاقتتل قومهما بالأيدي والنعال، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ليصلح بينهم، فنزلت الآية.
وقوله: لا يسخر قوم من قوم : قال هو سخري الغني من الفقير. مجاهد:
المعنى: لا يسخر من ستر الله عليه ذنوبه ممن كشفه الله؛ فلعل إظهار ذنوبه في الدنيا خير له في الآخرة. ابن زيد:
وقيل: نزلت في حين قدم عكرمة بن أبي جهل المدينة مسلما، وكان المسلمون إذا رأوه قالوا: هذا ابن فرعون هذه الأمة، فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت.
ومعنى عسى أن يكونوا خيرا منهم : عسى أن يكون المسخور منهم خيرا من الساخرين.
و {قوم} في اللغة: للمذكرين خاصة، وسموا قوما؛ لأنهم يقومون مع داعيهم في الشدائد، وقيل: إنه جمع (قائم) ، ثم استعمل في كل جماعة وإن لم يكونوا قائمين، وقد يدخل في القوم النساء مجازا.
وقد تقدم القول في (اللمز) .