الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      التفسير:

                                                                                                                                                                                                                                      قوله جل ذكره: خلق الإنسان علمه البيان : قيل: إن {الإنسان} [ ص: 284 ] ههنا يراد به: محمد صلى الله عليه وسلم، و {البيان} : بيان الحلال من الحرام، والهدى من الضلال.

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة: {الإنسان} ههنا: آدم عليه السلام.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إن {الإنسان} ههنا يراد به: جميع الناس، فهو اسم للجنس، و {البيان} على هذا: الكلام والفهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: معنى علم القرآن : جعله علامة يعتبر بها.

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم معنى الشمس والقمر بحسبان .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: والنجم والشجر يسجدان : قال ابن عباس وغيره: {النجم} : ما لا ساق له، و {الشجر} : ما له ساق، واشتقاق {النجم} من (نجم الشيء) ؛ إذا طلع.

                                                                                                                                                                                                                                      الحسن، ومجاهد: {النجم} : نجم السماء.

                                                                                                                                                                                                                                      وسجود ذلك في قول مجاهد: دوران ظله، وهو اختيار الطبري، وقد تقدم القول في مثله.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 285 ] وقوله: والسماء رفعها أي: فوق الأرض.

                                                                                                                                                                                                                                      ووضع الميزان أي: عن مجاهد، وقيل: الذي يوزن به، وهو خبر بمعنى الأمر بالعدل، يدل عليه قوله: وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان ؛ أي: لا تنقصوه.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى ألا تطغوا في الميزان : لا تجوروا، و(القسط) : العدل.

                                                                                                                                                                                                                                      و(الأنام) : الناس، عن ابن عباس، الحسن: الجن والإنس، الضحاك: كل كما دب على الأرض.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: والنخل ذات الأكمام أي: الليف، عن الحسن وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      القرظي: {الأكمام} : الطلع، وكل شيء ستر شيئا فهو له كم.

                                                                                                                                                                                                                                      و {العصف} : التبن، عن الحسن وغيره، مجاهد: هو ورق الحنطة، [ابن جبير: هو بقل الزرع، والعرب تقول: (خرجنا نعصف الزرع) ؛ إذا قطعوا منه قبل أن يدرك].

                                                                                                                                                                                                                                      {الريحان} : الرزق، عن ابن عباس وغيره، وعنه أيضا وعن قتادة: أنه الريحان الذي يشم، وعن ابن عباس أيضا: أنه خضرة الزرع، وعن ابن جبير: هو ما قام به على ساق.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 286 ] الفراء: {العصف} : المأكول من الزرع، و {الريحان} : ما لا يؤكل.

                                                                                                                                                                                                                                      و(ريحان) : يجوز أن يكون على (فعلان) ، أو(فيعلان) ؛ فإن كان على (فيعلان) ؛ فأصله: (ريوحان) ، فأبدل من الواو ياء، وأدغم؛ كـ (هين) ، و(لين) ، ثم ألزم التخفيف؛ لطوله، ولحاق الزيادتين الألف والنون، والمحذوف منه العين.

                                                                                                                                                                                                                                      وإن كان (فعلان) ؛ فأصله: (روحان) ، فقلبت الواو ياء؛ كما قلبت في (أشاوى) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فبأي آلاء ربكما تكذبان : [خطاب للجن والإنس]؛ لأن (الأنام) واقع عليهما.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: لما قال: خلق الإنسان ، و وخلق الجان ؛ دل ذلك على أن ما تقدم وما تأخر لهما.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إنه خطاب للواحد، حسب ما تقدم من القول في ألقيا في جهنم [ق: 24]، فأما ما بعد خلق الإنسان ، و وخلق الجان ؛ فإنه خطاب للإنس والجن.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 287 ] و(الآلاء) : النعم، وهو قول جميع المفسرين، وقد قال ابن زيد: إنها القدرة.

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم ذكر (الصلصال) .

                                                                                                                                                                                                                                      و(المارج) : اللهب، عن ابن عباس، وقال: خلق الله الجان من خالص النار، وعنه أيضا: من لسانها الذي يكون في طرفها إذا التهبت، [الحسن: (المارج) : الحسن].

                                                                                                                                                                                                                                      أبو عبيدة: (المارج) : الخلط، وأصله من (مرج) ؛ إذا اضطرب واختلط.

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد: (المارج) ههنا يراد به: لهب أحمر وأسود.

                                                                                                                                                                                                                                      ويروى: أن الله تعالى خلق نارين، فمرج إحداهما بالأخرى، [فأكلت إحداهما الأخرى]؛ وهي نار السموم، فخلق منها إبليس.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: رب المشرقين ورب المغربين يعني: مشرق الشتاء، ومشرق الصيف، وكذلك المراد بـ {المغربين} .

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم القول في مرج البحرين يلتقيان .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية