التفسير:
قوله جل ذكره: خلق الإنسان علمه البيان : قيل: إن {الإنسان} [ ص: 284 ] ههنا يراد به: محمد صلى الله عليه وسلم، و {البيان} : بيان الحلال من الحرام، والهدى من الضلال.
قتادة: {الإنسان} ههنا: آدم عليه السلام.
وقيل: إن {الإنسان} ههنا يراد به: جميع الناس، فهو اسم للجنس، و {البيان} على هذا: الكلام والفهم.
وقيل: معنى علم القرآن : جعله علامة يعتبر بها.
وتقدم معنى الشمس والقمر بحسبان .
وقوله: والنجم والشجر يسجدان : قال ابن عباس وغيره: {النجم} : ما لا ساق له، و {الشجر} : ما له ساق، واشتقاق {النجم} من (نجم الشيء) ؛ إذا طلع.
الحسن، ومجاهد: {النجم} : نجم السماء.
وسجود ذلك في قول مجاهد: دوران ظله، وهو اختيار الطبري، وقد تقدم القول في مثله.
[ ص: 285 ] وقوله: والسماء رفعها أي: فوق الأرض.
ووضع الميزان أي: عن مجاهد، وقيل: الذي يوزن به، وهو خبر بمعنى الأمر بالعدل، يدل عليه قوله: وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان ؛ أي: لا تنقصوه.
ومعنى ألا تطغوا في الميزان : لا تجوروا، و(القسط) : العدل.
و(الأنام) : الناس، عن ابن عباس، الحسن: الجن والإنس، الضحاك: كل كما دب على الأرض.
وقوله: والنخل ذات الأكمام أي: الليف، عن الحسن وغيره.
القرظي: {الأكمام} : الطلع، وكل شيء ستر شيئا فهو له كم.
و {العصف} : التبن، عن الحسن وغيره، مجاهد: هو ورق الحنطة، [ابن جبير: هو بقل الزرع، والعرب تقول: (خرجنا نعصف الزرع) ؛ إذا قطعوا منه قبل أن يدرك].
{الريحان} : الرزق، عن ابن عباس وغيره، وعنه أيضا وعن قتادة: أنه الريحان الذي يشم، وعن ابن عباس أيضا: أنه خضرة الزرع، وعن ابن جبير: هو ما قام به على ساق.
[ ص: 286 ] الفراء: {العصف} : المأكول من الزرع، و {الريحان} : ما لا يؤكل.
و(ريحان) : يجوز أن يكون على (فعلان) ، أو(فيعلان) ؛ فإن كان على (فيعلان) ؛ فأصله: (ريوحان) ، فأبدل من الواو ياء، وأدغم؛ كـ (هين) ، و(لين) ، ثم ألزم التخفيف؛ لطوله، ولحاق الزيادتين الألف والنون، والمحذوف منه العين.
وإن كان (فعلان) ؛ فأصله: (روحان) ، فقلبت الواو ياء؛ كما قلبت في (أشاوى) .
وقوله: فبأي آلاء ربكما تكذبان : [خطاب للجن والإنس]؛ لأن (الأنام) واقع عليهما.
وقيل: لما قال: خلق الإنسان ، و وخلق الجان ؛ دل ذلك على أن ما تقدم وما تأخر لهما.
وقيل: إنه خطاب للواحد، حسب ما تقدم من القول في ألقيا في جهنم [ق: 24]، فأما ما بعد خلق الإنسان ، و وخلق الجان ؛ فإنه خطاب للإنس والجن.
[ ص: 287 ] و(الآلاء) : النعم، وهو قول جميع المفسرين، وقد قال ابن زيد: إنها القدرة.
وتقدم ذكر (الصلصال) .
و(المارج) : اللهب، عن ابن عباس، وقال: خلق الله الجان من خالص النار، وعنه أيضا: من لسانها الذي يكون في طرفها إذا التهبت، [الحسن: (المارج) : الحسن].
أبو عبيدة: (المارج) : الخلط، وأصله من (مرج) ؛ إذا اضطرب واختلط.
مجاهد: (المارج) ههنا يراد به: لهب أحمر وأسود.
ويروى: أن الله تعالى خلق نارين، فمرج إحداهما بالأخرى، [فأكلت إحداهما الأخرى]؛ وهي نار السموم، فخلق منها إبليس.
وقوله: رب المشرقين ورب المغربين يعني: مشرق الشتاء، ومشرق الصيف، وكذلك المراد بـ {المغربين} .
وتقدم القول في مرج البحرين يلتقيان .


