[ ص: 288 ] وقوله: بينهما برزخ لا يبغيان : قال أي: لا يبغيان على الناس فيغرقانهم، جعل بينهما وبين الناس اليبس. قتادة:
المعنى: لا يبغي أحدهما على الآخر، فيختلط به كله. مجاهد:
المعنى: لا يبغيان أن يلتقيا. ابن زيد:
وقوله: يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان : قيل: يعني: من أحدهما، [وقيل: هما بحران، يخرج من أحدهما] اللؤلؤ، ومن الآخر المرجان.
وقال: إن الصدف الذي فيه هذه الأشياء إنما يخرج من الموضع الذي فيه العذب والملح؛ كالعيون.
وروي عن أن اللؤلؤ لا يتكون في الصدف إلا عن قطر السماء، وقاله الطبري. ابن عباس:
و {اللؤلؤ} : معروف، و {المرجان} في قول ابن مسعود: الخرز الأحمر، وقال جماعة من المفسرين: إن {اللؤلؤ} : كبار اللؤلؤ، و {المرجان} : صغاره ، [ ص: 289 ] وروي ذلك عن علي بن أبي طالب، وغيرهما. وابن عباس،
وروي عن علي أيضا: أن {المرجان} : كبار اللؤلؤ، و {اللؤلؤ} : صغاره. وابن عباس
وقوله: وله الجوار يعني: السفن {المنشآت} : قال التي رفعت قلوعها، وليست بمنشآت إذا لم ترفع قلوعها، و (الأعلام) : الجبال. مجاهد:
والضمير في قوله: كل من عليها فان : للأرض.
وقوله: يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن : قيل: المعنى: يسأله من في السماوات الرحمة، ومن في الأرض الرزق.
علي بن سليمان: يسأله من في السماوات والأرض عن شأنه.
وروي عن النبي عليه الصلاة والسلام في قوله: كل يوم هو في شأن أنه قال: "يغفر ذنبا، ويفرج كربا، ويجيب داعيا".
وقيل: المعنى: كل يوم هو في شأن خلقه من تدبير أمورهم ومصالحهم.
[ ص: 290 ] وحقيقة معنى الآية: أنه ينفذ ما سبق في أم الكتاب أنه كائن، لا أنه يحدث ما لم يتقدم في علمه.
وقوله: سنفرغ لكم أيه الثقلان : وعيد، والعرب تستعمل (الفراغ) في القصد إلى الشيء.
وقيل: المعنى: سنفرغ لكم من وعدكم الذي وعدته. [ووعيدكم الذي أوعدته].
و {الثقلان} : الجن والإنس.
وقوله: إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض أي: إن استطعتم أن تهربوا من الموت فاهربوا، عن الضحاك.
إن استطعتم أن تعلموا ما في السماوات وما في الأرض؛ فاعلموه، ولن تعلموه إلا بسلطان؛ أي: ببينة من الله عز وجل، وعنه أيضا: أن المعنى: لا تخرجون من سلطاني وقدرتي عليكم. ابن عباس:
مجاهد: {بسلطان} : بحجة.
لا تنفذون إلا بملك، وليس لكم ملك. قتادة:
وقيل: المراد بذلك: هروب الناس في يوم القيامة حين تحدق الملائكة بأقطار الأرض، والأقطار: النواحي.
[ ص: 291 ] وقوله: يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس : (الشواظ) في قول ابن عباس وغيره: اللهب الذي لا دخان فيه، و(النحاس) : الدخان الذي لا لهب فيه، وعن ابن عباس أيضا: أن (النحاس) الصفر يذاب ويصب على رءوسهم.
وقد قيل: إن (الشواظ) : النار والدخان جميعا، قاله أبو عمرو، وحكاه الأخفش عن بعض العرب.
فالجر في {نحاس} في من قرأ به- على هذا بين، وأما الجر على قول من جعل (الشواظ) اللهب الذي لا دخان فيه؛ فبعيد، لا يسوغ إلا على تقدير حذف موصوف؛ كأنه قال: يرسل عليكما شواظ من نار، وشيء من نحاس؛ فـ (شيء) معطوف على {شواظ} ، و(من نحاس) : جملة هي صفة لـ (شيء) ، وحذف (شيء) ، وحذفت (من) ؛ لتقدم ذكرها في من نار ، كما حذفت (على) من قولهم: (على من تنزل أنزل) ؛ أي: أنزل عليه؛ فيكون {نحاس} على هذا- مجرورا بـ (من) المحذوفة.
ومن رفع؛ فهو معطوف على {شواظ} ، وهو ظاهر.
ومعنى فلا تنتصران : فلا ينصر بعضكم بعضا.
[ ص: 292 ] وقوله: فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان : (الدهان) : الدهن، عن مجاهد، وغيرهما: والمعنى: أنها صارت في صفاء الدهن، و(الدهان) على هذا جمع (دهن) . والضحاك،
سعيد بن جبير، المعنى: فكانت حمراء. وقتادة:
وقيل: المعنى: أنها تصير في حمرة الورد، وجريان الدهن.
وقيل: (الدهان) : الجلد الأحمر.
المعنى: فكانت كالفرس الورد، يقال لـ (الكميت) : (ورد) إذا كان يتلون بألوان مختلفة. ابن عباس:
زيد بن أسلم: المعنى: أنها تصير كعكر الزيت.
وقيل: المعنى: أنها تمر وتجيء.
وروي: أن السماء تذوب يوم القيامة من حر نار جهنم، فتصير حمراء ذائبة كالدهن.
وقوله: فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان : هذا في موطن من مواطن القيامة، ويسألون في موطن آخر، على ما قدمناه في غير هذا الموضع.
وقيل: المعنى: لا يسألون إذا استقروا في النار.
وقيل: لا يسألون سؤال اختبار.
قال المعنى: لا أسألهم عن ذنوبهم، ولا أسأل بعضهم عن [ ص: 293 ] ذنوب بعض. ابن عباس:
الحسن، المعنى: لا تسأل الملائكة عنهم؛ لأنهم يعرفونهم بسيماهم. ومجاهد:
[وقيل: المعنى: لا تسأل الملائكة عن ذنوبهم؛ لأن الله تعالى قد أحصاها.
وقوله: يعرف المجرمون بسيماهم ]: قال بسواد الوجوه، وزرقة الأعين. الحسن:
وقوله: فيؤخذ بالنواصي والأقدام : يروى: أنه يجمع بين رجليه وناصيته من خلفه، ثم يلقى في النار.
وقوله: هذه جهنم أي: يقال لهم: هذه جهنم.
وقوله: يطوفون بينها وبين حميم آن أي: قد انتهى حره؛ والمعنى: يطوف المجرمون بين أطباق جهنم.
وقوله: ولمن خاف مقام ربه جنتان : هذا والمعنى في قول دليل على أن الجن يجازون؛ وغيره: من خاف مقام ربه في الدنيا، فكان إذا هم بمعصية تركها. مجاهد
ابن زيد: (مقامه) : حين يقوم العباد يوم القيامة بين يديه.
وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ابن عباس "الجنتان بستانان في عرض الجنة، كل بستان مسيرة خمس مئة عام، في وسط كل بستان دار من نور على نور ، [ ص: 294 ] وليس منها شيء إلا يهتز نعمة وخضرة، قرارها ثابت، وشجرها نابت".
وقيل: إن (الجنتين) : جنته التي خلقت له، وجنة ورثها، حسب ما قدمناه في غير هذا المكان.
وقوله: ذواتا أفنان : قال وغيره: أي: ذواتا ألوان من الفاكهة، فواحد (الأفنان) على هذا: (فن) ، وقيل: إن (الأفنان) : الأغصان، فواحدها: (فنن) . ابن عباس
قال وغيره: هي ظل الأغصان على الحيطان. مجاهد
وقوله: فيهما من كل فاكهة زوجان أي: ضربان، عن سفيان وغيره.
وتقدم ذكر (الإستبرق) .
و(البطائن) في قول وسائر المفسرين: ما يلي الأرض، وقال ابن عباس المراد ب(البطائن) ههنا: الظواهر، وفي الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الفراء: "ظواهرها نور يتلألأ".
وقوله: وجنى الجنتين دان : (الجنى) : ما يجتنى؛ وهو الثمر، و {دان} : قريب.
[ ص: 295 ] وقوله: فيهن قاصرات الطرف : قال: {فيهن} ؛ لأن الجنتين تشتمل جنات، وقيل: لأن التثنية جمع.
يعني: في الجنتين وما أعد له. الزجاج:
وقيل: إن الضمير في {فيهن} : للفرش؛ والمعنى: عليهن.
وتقدم ذكر قاصرات الطرف .
وقوله: لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان أي: لم يدمهن، عن وغيره، ومنه قيل للحائض: (طامث) . ابن عباس
لم يطأهن، وقد جاء (طمثها) ؛ إذا وطئها وإن لم يفتضها. مجاهد:
المعنى: لم ينكحهن، قال: و(الطمث) : الجماع، ويروى: عكرمة: . (أن الرجل إذا جامع ولم يسم؛ انطوى الجان على إحليله، فجامع معه)
وفي هذا الآية دليل على أن الجن تطأ، وتدخل الجنة، وتكون لهم فيهم جنيات.
[ ص: 296 ] وقوله: هل جزاء الإحسان إلا الإحسان أي: هل جزاء من قال: (لا إله الا الله) إلا الجنة؟ عن وغيره، وقيل: المعنى: هل جزاء من أحسن في الدنيا إلا أن يحسن إليه في الآخرة؟ عكرمة
وقوله: ومن دونهما جنتان أي: ومن دونهما في الدرج.
وقوله: {مدهامتان} أي: خضراوان من الري، قاله وغيره. ابن عباس
مسوادتان، و(الدهمة) في اللغة: السواد. مجاهد:
وقوله: فيهما عينان نضاختان أي: فوارتان بالماء، و(النضخ) بالخاء أكثر من (النضح) بالحاء.
المعنى: نضاختان بالخير. مجاهد:
فيهما فاكهة ونخل ورمان أعاد ذكر النخل والرمان؛ لفضلهما على الفاكهة، وقوله: فيهن خيرات حسان : قيل: أصل {خيرات} : (خيرات) ، فخفف، وقيل: هو جمع (خير) ؛ والمعنى: ذوات خير.
المعنى: "خيرات الأخلاق، حسان الوجوه"، وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. الزهري:
وقوله: مقصورات في الخيام : قال رضي الله عنه: (الخيمة) : درة مجوفة، وقاله عمر وقال: هي فرسخ في فرسخ، [لها أربعة آلاف مصراع من ذهب]. ابن عباس،
[ ص: 297 ] ومعنى {مقصورات} : قد قصرن على أزواجهن، فلا يردن بدلا بهم، قاله وغيره. مجاهد
ابن عباس وغيره: محبوسات في الخيام، وهو حبس صيانة وتكرمة.
وقوله: متكئين على رفرف خضر : قال (الرفرف) : فضول الفرش والبسط، وعن ابن عباس: أيضا، ابن عباس وغيرهما: (الرفرف) : المحابس. وقتادة،
الحسن: المرافق، ابن جبير: رياض الجنة، واشتقاقه من (رف يرف) ؛ إذا ارتفع.
و(العبقري) : الزرابي. عن وغيره، ابن عباس البسط، الحسن: الديباج. مجاهد:
و(العبقري) : منسوب إلى (عبقر) ؛ موضع باليمن ينسج فيه الديباج.
العرب إذا استحسنت الشيء واستجادته؛ قالت عبقري، وأصله: أن (عبقر) موضع تجود فيه صناعة الوشي. الأصمعي:
[ ص: 298 ]