الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الآية : أكثر العلماء على أن هذا ناسخ لما كان النبي عليه الصلاة والسلام عاهد عليه قريشا؛ [ ص: 387 ] من أنه يرد إليهم من جاءه منهم مسلما ، فنسخ من ذلك النساء ، وهذا مذهب من يرى نسخ السنة بالقرآن .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال بعض العلماء : كله منسوخ في الرجال والنساء ، ولا يجوز أن يهادن الإمام العدو على أن يرد إليهم من جاءه مسلما؛ لأن إقامة المسلم بأرض الشرك لا تجوز ، وهذا مذهب الكوفيين ، وعقد الصلح على ذلك جائز عند مالك .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ولا تمسكوا بعصم الكوافر يعني : عبدة الأوثان ، ومن لا يجوز ابتداء نكاحها ، فهي خاصة في الكوافر من أهل الكتاب ، وقيل : هي عامة ، نسخ منها نساء أهل الكتاب .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم الآية :

                                                                                                                                                                                                                                      أكثر العلماء على أن هذا منسوخ ، قال قتادة : نسخ هذا في {براءة} ، وقال الزهري : انقطع ذلك يوم الفتح .

                                                                                                                                                                                                                                      وأكثر العلماء على أنها نزلت في أهل مكة ، قالت عائشة رضي الله عنها : فكتب إليهم المسلمون بقوله : واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ، فكتبوا إليهم : أما نحن؛ فما نعلم لكم عندنا شيئا ، فإن كان لنا عندكم شيء؛ فوجهوا به ، فأنزل الله تعالى : وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 388 ] قال قتادة ومجاهد : إنما أمروا أن يعطوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا من الفيء والغنيمة ، وقالا : هي في من بيننا وبينه عهد ، أو ليس بيننا وبينه عهد ، وقالا : فمعنى {فعاقبتم} : فاقتصصتم .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا يعني : الصدقات ، فهي عامة في جميع الكفار .

                                                                                                                                                                                                                                      الزهري : أمر الله تعالى أن يعطى من ذهبت امرأته إلى المشركين من صدقات النساء اللاتي هاجرن من نساء المشركين ، فإن فضل بعد ذلك فضل؛ ردوه إلى المشركين ، قال : وانقطع ذلك يوم الفتح .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك الآية :

                                                                                                                                                                                                                                      أجمع المسلمون أنه ليس على الإمام أن يشترط عليهن هذا ، والأمر بذلك ندب ، لا إلزام ، وقال بعض أهل النظر : إذا احتيج إلى المحنة من أجل تباعد الدار؛ كان على إمام المسلمين إقامة المحنة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية