وقد ضرب الله مثل الإيمان الذي هو كلمة طيبة بشجرة طيبة، ومثل الشرك الذي هو كلمة خبيثة بشجرة خبيثة، فهذا أصله كلمة طيبة في قلبه وهي كلمة التوحيد، وهذا أصله كلمة خبيثة في قلبه وهي كلمة الشرك; فهذا يتغذى بهذه الكلمة الطيبة، وهذا يتغذى بهذه [ ص: 134 ] الكلمة الخبيثة، كما تتغذى الأبدان بالطيب والخبيث. قال تعالى: يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا ، وقد أمر الله المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم .
ولهذا كان أهل الشرك والضلال لهم مواجيد وأذواق وأعمال بحسب ذلك، لكنها باطلة لا تنفع، إذ هم في جهل بسيط يعملون بهواهم بلا اعتقاد ونظر، أو في جهل مركب يحسبون أنهم على هدى وهم على ضلال، والمؤمنون يعملون بعلم وهدى من الله. ولهذا قال تعالى: فالتوحيد والإيمان كلمة طيبة، مثلها مثل الشجرة الطيبة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء; والشرك والكفر كلمة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار ، ليس لها أصل راسخ ولا فرع باسق. الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة الآية إلى قوله نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم . ثم قال: في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه إلى آخر الآية . ثم ضرب للكفار مثلين للجهل المركب والبسيط فقال: والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا الآية . فهذا مثل الجهل المركب، وهو الاعتقادات [ ص: 135 ] الفاسدة. ثم قال: أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها . وهذا مثل الجهل البسيط.