وأما القسم الثالث وهو فالوقوف لا يكون إلا يوم عرفة وليلة النحر، وهو مختص بعرفات، لا يسافر إلى غيرها للوقوف، وكذلك توابعه: كالوقوف بمزدلفة، والمبيت بمنى، ورمي الجمار، فهذا له مكان مخصوص، وهو مشروع في أوقات مخصوصة. ما يختص [به] الحج، كالوقوف بعرفة وتوابعه مزدلفة ومنى، ورمي الجمار، فهذه الأعمال يختص بها الحج، وما اختص به الحج فإنه يختص بمكان وزمان.
بخلاف قال الله تعالى: العمرة، فإنها مشروعة في جميع السنة، الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ، وقال: *يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج .
ولهذا اتفق العلماء على أن من أنه فاته الحج، لأن له وقتا محدودا، وإذا فاته الحج سقطت توابعه - كالوقوف ورمي الجمار - عند عامة العلماء للسلف والخلف، وهو قول الأئمة الأربعة وغيرهم، لكنه هل ينقلب إحرامه عمرة؟ لكونها لا وقت لها، أو يتحلل بطواف الحج وسعيه؟ فيه قولان مشهوران للعلماء، والنزاع في مذهب طلع عليه فجر يوم النحر ولم يقف بعرفة، وغيره . [ ص: 205 ] أحمد
وفيها قول شاذ أنه يتم أعمال الحج من الوقوف بمزدلفة ورمي الجمار، يروى عن الأوزاعي والمزني، وهو رواية ضعيفة عن أحمد.
والصواب ما عليه الجمهور، كما نقل عن الصحابة، ولأن الله إنما أمر بهذه الأعمال من وقف بعرفة، فقال: فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا الآية. وإذا كان إنما أمر بذلك من أفاض من عرفات، فمن فاته الحج لم يفض من عرفات، فلا يؤمر بذلك. وهذا كما أن الطواف بين الصفا والمروة إنما يكون تابعا للطواف بالبيت، فلا يفعل إلا بعده، فمن لم يطف بالبيت لم يطف بالصفا والمروة.
وهذا من جنس السكون، وهذا من جنس الحركة. وأعظم أعمال الحج الوقوف والطواف، وهما ركنان في الحج باتفاق العلماء،