ثم دخلت
فمن الحوادث فيها غزاة أرض العباس بن الوليد الروم . سنة ثلاث وتسعين
ففتح الله على يده بعضها ، وغزاها أيضا مسلمة فافتتح بلادا منها .
وفيها صالح قتيبة ملك خوارزم
قالوا: كان ملك خوارزم ضعيفا فغلبه أخوه خرزاذ على أمره ، وكان خرزاذ أصغر منه ، فكان إذا بلغه أن عند أحد جارية أو دابة أو متاعا فاخرا أرسل فأخذه ، أو بلغه أن لأحد بنتا أو أختا أو امرأة جميلة أخذها ، ولا يمتنع عليه أحد ، ولا يمنعه الملك ، فإذا قيل له ، قال: لا أقوى عليه ، فلما طال ذلك عليه كتب إلى قتيبة في السر يدعوه إلى أرضه ليسلمها إليه ، وبعث إليه بمفتاح البلد واشترط عليه أن يسلم إليه أخاه وكل من يضاده ، يحكم فيهم بما يرى ، فرجعت الرسل بما يحب ، وسار قتيبة مظهرا أنه يريد الصغد ، فقال الملك لأصحابه: إن قتيبة يريد الصغد ، فهل لكم أن نتنعم في ربيعنا هذا ، فأقبلوا على التنعم والشراب ، وأمنوا ، فلم يشعروا إلا بقتيبة ، فقال الملك: ما ترون؟ قالوا: نقاتله ، قال: لا أرى ذلك لأنه قد عجز عنه من هو أقوى منا ، ولكن نصرفه عنا بشيء نؤديه إليه ، فصالحه على مال عظيم ، وأخذ أخاه فدفعه إليه ، ثم أتى قتيبة الصغد فصالحوه على ألفي ألف ومائتي ألف كل عام ، وأن يبنى له فيها مسجد ، ويضع [ ص: 309 ] فيه منبرا فيخطب عليه ، ففعلوا ، فدخل فخطب [وصلى] فقال: لست ببارح [فاخرجوا] ، وجاءوه بالأصنام فأحرقها ، فوجدوا من بقايا ما كان فيها من مسامير الذهب والفضة خمسين ألف مثقال ، ودخل المسلمون مدينة سمرقند فصالحوهم . ثم ارتحل قتيبة راجعا إلى مرو ، واستخلف على سمرقند عبد الرحمن بن مسلم ، وخلف عنده جندا كثيفا وآلة من آلات الحرب كثيرة .