[ ص: 141 ] ثم دخلت سنة خمس ومائتين
فمن الحوادث فيها:
المأمون طاهر بن الحسين من مدينة السلام إلى أقصى عمل المشرق . تولية
ودخل طاهر عليه يوما فبكى فقال له المأمون طاهر : لم تبكي؟ لا أبكى الله عينك ، والله لقد دانت لك البلاد وأذعن لك العباد ، فصرت إلى المحبة في كل أمرك . فقال: أبكي لأمر ذكره ذل ، وستره حزن ، ولن يخلو أحد من شجو ، فلما خرج طاهر أنفذ إلى حسين الخادم مائتي ألف درهم ، وإلى كاتبه محمد بن هارون مائة ألف درهم ، وسأله أن يسأل لم بكى . المأمون
فلما تغدى قال: يا المأمون حسين ، اسقني [ماء] ، قال: لا والله لا أسقيك حتى تقول لي لم بكيت حين دخل عليك طاهر . قال: يا حسين ، وكيف عنيت بهذا حتى سألت عنه!؟ قال لغمي بذلك قال: يا حسين ، أمر إن خرج [من رأسك] قتلتك قال: يا سيدي ، ومتى أخرجت لك سرا؟ قال: إني ذكرت محمدا أخي وما ناله من الذل ، فخنقتني العبرة فاستحرت إلى الإفاضة ، ولن يفوت طاهر مني ما يكره . قال: فأخبر حسين طاهرا بذلك ، فركب طاهر إلى أحمد بن أبي خالد فقال [ ص: 142 ] له: إن الثناء مني ليس برخيص ، وإن المعروف عندي ليس بضائع فغيبني عن عينه ، فقال له: سأفعل وبكر علي غدا . وركب ابن أبي خالد إلى ، فلما دخل قال ما نمت البارحة . قال: ولم ويحك؟ قال: لأنك وليت المأمون غسان بن عباد خراسان ، وهو ومن معه أكلة رأس فأخاف أن يخرج عليه خارج من الترك فتصطلحه ، قال: فمن ترى؟ قال: طاهر بن الحسين فعقد له فشخص يوم الجمعة لليلة بقيت من ذي القعدة من سنة خمس .
وفي هذه السنة: ولى المأمون يحيى بن معاذ الجزيرة لما قدم عليه .
وولى عيسى بن محمد بن أبي خالد بلاد أرمينية ، وأذربيجان ، ومحاربة بابك .
وولى بشر بن داود مصر على أن يحمل إليه في كل سنة ألف ألف درهم .
وولى عيسى بن يزيد الجلوذي محاربة الزط .
وحج بالناس في هذه السنة عبيد الله بن الحسن والي الحرمين وقد تقدم ذكره .