ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر  
3532 - إسماعيل بن مسعدة بن إسماعيل بن أحمد بن إبراهيم ، أبو القاسم الجرجاني الإسماعيلي    . 
ولد سنة سبع وأربعمائة ، وسمع الكثير ، وكان دينا فاضلا متواضعا ، وافر العقل ، تام المروءة ، صدوقا ، يفتي ويدرس ، وكان بيته جامعا لعلم الحديث والفقه ، ودخل  [ ص: 235 ] بغداد  سنة اثنتين وسبعين فحدث بها فسمع منه جماعة من شيوخنا وحدثونا عنه . 
وتوفي بجرجان  في هذه السنة . 
3533 - أحمد بن محمد بن دوست ، أبو سعيد النيسابوري الصوفي    . 
صحب أبا سعيد بن أبي الخير  مدة ، وسافر الكثير ، وحج مرات حتى انقطعت طريق الحج ، وكان يجمع جماعة من الفقراء ويخرج معهم ويدور في قبائل العرب  فينتقل من حلة إلى حلة ، وقدم مرة من البادية فنزل عند صاحبه أبي بكر الطريثيثي ،  وكانت بينهما صداقة وكانت له زاوية صغيرة فقال له: يا أبا بكر ،  لو بنيت للأصحاب موضعا أوسع من هذا وأرفع بابا . فقال له: إذا بنيت رباطا للصوفية  فاجعل له بابا يدخل فيه جمل براكبه . فذهب أبو سعد  إلى نيسابور  فباع جميع أملاكه ، وجاء إلى بغداد ،  وكتب إلى  القائم بأمر الله  يلتمس منه خربة يبني فيها رباطا ، وكانت له خدمة في زمن  البساسيري ،  فأذن له ، وأمر بعرض المواضع عليه ، فبنى الرباط وجمع الأصحاب ، وأحضر أبا بكر الطريثيثي ،  وأركب رجلا جملا فدخل راكبا من الباب ، فقال: يا أبا بكر ،  قد امتثلت ما رسمت . ثم جاء الغرق في سنة ست وستين فهدم الرباط ، فأعاده أجود مما كان ، وكان قبل بناء الرباط ينزل في رباط عتاب ، فخرج يوما فرأى الخبز النقي ، فقال في نفسه: إن الصوفية  لا يرون مثل هذا ، فإن قدر لي بناء رباط شرطت في سجله أن لا يقدم بين يدي الصوفية  خشكار فهم الآن على ذلك . 
وتوفي ليلة الجمعة ودفن من يومه تاسع ربيع الآخر من هذه السنة ، ودفن في مقبرة باب أبرز ،  وقد نيف على السبعين ، وأوصى أن يستخلف ابنه ، فاستخلف وكان له اثنتا عشرة سنة . 
3534 - أحمد بن المحسن بن محمد بن علي بن العباس بن أحمد بن العطار الوكيل ، أبو الحسن بن أبي يعلى بن أبي بكر بن الحسن   
.  [ ص: 236 ] 
ولد سنة إحدى وأربعمائة ، وسمع  أبا علي بن شاذان ،  وأبا القاسم الخرقي ،  وأبا الحسن بن مخلد  وغيرهم ، روى عنه أشياخنا ، وكان عالما بالوكالة والشروط ، متبحرا في ذلك حتى يضرب به المثل في الوكالة ، وكان فيه ذكاء مفرط ، ودهاء غالب . 
قال شيخنا  عبد الوهاب الأنماطي:  سمعت منه ، وهو صدوق صحيح السماع ، إلا أن أفعاله كانت مدبرة . 
وقال شيخنا أبو بكر بن عبد الباقي:  طلق رجل امرأة فتزوجت بعد يوم ، فجاء الزوج المطلق إلى القاضي أبي عبد الله البيضاوي  وكان يلي القضاء بربع الكرخ ،  فقال له: طلقت أمس وتزوجها اليوم ، فتقدم القاضي بأن تحضر المرأة وتركب الحمار ، ويطاف بها في السوق . فمضت المرأة إلى ابن محسن  وأعطته مبلغا من المال ، فجاء إلى القاضي وقال له: يا سيدنا القاضي ، الله الله لا يسمع الناس هذا ويظنون أنك لا تعرف هذا القدر . فقال له القاضي: طلقها أمس وتزوجت اليوم ، فأين العدة؟ فقال له: هذه كانت حاملا فطلقها أمس ، ووضعت الحمل البارحة ، ومات الولد ، فتزوجت اليوم ، فسكت القاضي وتخلصت المرأة . 
توفي يوم الثلاثاء عاشر رجب من هذه السنة . 
3535 - عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحيم ، أبو عبد الله .   
أصله وأصل بني عبد الرحيم  من براز الروم  للملك أبي كاليجار  وللملك أبي نصر ،  وخلصت له أموال كثيرة ، وكان كريما ، وقتله أبو نصر  في دار المملكة  في رمضان هذه السنة وعمره تسع وأربعون سنة . 
3536 - عبد السيد بن محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن جعفر ، أبو نصر الصباغ   
.  [ ص: 237 ] 
ولد سنة أربعمائة ببغداد ،  وسمع أبا الحسين بن الفضل القطان ،  وبرع في الفقه ، وكان فقيه العراق ،  وكان يضاهي الشيخ  أبا إسحاق الشيرازي ،  ويقدم عليه في معرفة المذهب وغيره ، وكان ثقة ثبتا دينا خيرا ، ومن تصانيفه "الشامل" و "الكامل" و "تذكرة العالم" و "الطريق السالم" . ولي التدريس بالنظامية ببغداد  قبل أبي إسحاق  عشرين يوما ، ثم بعد وفاة أبي إسحاق ،  وكان قد سافر إلى السلطان ففعل معه هناك كل جميل ، فأقام بعد قدومه ثلاثة أيام يهنأ بذلك . 
قال  أبو الوفاء بن عقيل:  ما كان يثبت مع قاضي القضاة  أبي عبد الله الدامغاني  ويشفى في مناظرته من أصحاب  الشافعي  مثل أبي نصر الصباغ .  
توفي بكرة الثلاثاء ثالث عشر جمادى الأولى من هذه السنة ، ودفن في داره بدرب السلولي من الكرخ ،  ثم نقل إلى مقبرة باب حرب .  
3537 - محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن القاسم بن إسماعيل ، أبو الفضل المحاملي    . 
ولد سنة ست وأربعمائة ، وسمع أبا الحسين بن بشران ،   وأبا علي بن شاذان ،  وأبا الفرج بن المسلمة  وغيرهم ، وتفقه على أبيه ، وأبوه صاحب التعليقة ، وحدث عنه مشايخنا وكان فهما فطنا ، ثم إنه دخل في أشغال الدنيا . 
وتوفي يوم الخميس خامس رجب ، ودفن بمقبرة باب حرب  في هذه السنة . 
3538 - مسعود بن ناصر بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن إسماعيل ، أبو سعيد الشجري    . 
أقام مدة ببغداد  يدور على الشيوخ ويفيد الواردين ، سمع بها من أبي طالب بن غيلان ،  وأبي بكر بن بشران ،  وأبي القاسم التنوخي ،  وأبي محمد الخلال الجوهري .  
وسمع بواسط ،  وبهراة ،  ونيسابور ،  وسجستان  وغيرها ، وجال في الآفاق ، وسمع منه  [ ص: 238 ]  أبو بكر الخطيب ،  وحصل كتبا كثيرة ، ونسخا نفيسة ، وكان حسن الخط ، صحيح النقل ، حافظا ضابطا متقنا ومكثرا ، واحتبسه نظام الملك  بناحية بيهق  مدة ، ثم بطوس  للاستفادة منه ، ثم انتقل في آخر عمره إلى نيسابور  فاستوطنها ، ووقف كتبه فيها في مسجد عقيل .  
وقال أبو بكر بن الخاضبة:  وكان مسعود قدريا ، سمعته يقرأ الحديث ، فلما أتى على حديث  أبي هريرة:   "احتج آدم  وموسى"  في الحديث ، وقال:  "فحج آدم  موسى"   . 
فجعل موسى  فاعلا وآدم  محجوجا ، نوزع في ذلك ، وجرت قصة . 
وتوفي في جمادى الآخرة من هذه السنة بنيسابور ،  وصلى عليه  أبو المعالي الجويني .   [ ص: 239 ] 
				
						
						
