يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين
فيه مسألتان :
الأولى : روي عن ابن عباس رضي الله عنه أن قوما من اليهود والمشركين ضحكوا من المسلمين وقت سجودهم فأنزل الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا إلى آخر الآيات . وتقدم معنى الهزؤ في " البقرة " . من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء قرأه أبو عمرو بالخفض بمعنى ومن الكفار . قال والكسائي الكسائي : وفي حرف أبي رحمه الله " ومن الكفار " ، ومن هاهنا لبيان الجنس ; والنصب أوضح وأبين . قاله النحاس ، وقيل : هو معطوف على أقرب العاملين منه وهو قوله : من الذين أوتوا الكتاب فنهاهم الله أن يتخذوا اليهود والمشركين أولياء ، وأعلمهم أن الفريقين اتخذوا دين المؤمنين هزوا ولعبا ، ومن نصب عطف على الذين الأول في قوله : لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء أي : لا تتخذوا هؤلاء وهؤلاء أولياء ; فالموصوف بالهزؤ واللعب في هذه القراءة اليهود لا غير ، والمنهي عن اتخاذهم أولياء اليهود والمشركون ، وكلاهما في القراءة بالخفض موصوف بالهزؤ واللعب . قال مكي : ولولا اتفاق الجماعة على النصب لاخترت الخفض ، لقوته في الإعراب وفي المعنى والتفسير والقرب من المعطوف عليه . وقيل : المعنى لا تتخذوا المشركين والمنافقين أولياء ; بدليل قولهم : إنما نحن مستهزئون والمشركون كلهم كفار ، لكن يطلق في الغالب لفظ الكفار على المشركين ; فلهذا فصل ذكر أهل الكتاب من الكافرين .
الثانية : قال ابن خويز منداد : هذه الآية مثل قوله تعالى : لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ، و لا تتخذوا بطانة من دونكم تضمنت المنع من ونحو ذلك ، وروى التأييد [ ص: 164 ] والانتصار بالمشركين جابر : أحد جاءه قوم من اليهود فقالوا : نسير معك ; فقال عليه الصلاة والسلام : إنا لا نستعين على أمرنا بالمشركين وهذا هو الصحيح من مذهب أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد الخروج إلى ، الشافعي جوز الانتصار بهم على المشركين للمسلمين ; وكتاب الله تعالى يدل على خلاف ما قالوه مع ما جاء من السنة في ذلك ، والله أعلم . وأبو حنيفة