[ ص: 323 ] بسم الله الرحمن الرحيم سورة الأنفال مدنية بدرية في قول
الحسن وعكرمة وجابر nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء . وقال
ابن عباس : هي مدنية إلا سبع آيات ، من قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=30وإذ يمكر بك الذين كفروا إلى آخر السبع آيات .
nindex.php?page=treesubj&link=28979قوله تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين فيه سبع مسائل :
الأولى : روى
عبادة بن الصامت قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836172خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر فلقوا العدو ; فلما هزمهم الله اتبعتهم طائفة من المسلمين يقتلونهم ، وأحدقت طائفة برسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستولت طائفة على العسكر والنهب ; فلما نفى الله العدو ورجع الذين طلبوهم قالوا : لنا النفل ، نحن الذين طلبنا العدو وبنا نفاهم الله وهزمهم . وقال الذين أحدقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أنتم أحق به منا ، بل هو لنا ، نحن أحدقنا برسول الله صلى الله عليه وسلم لئلا ينال العدو منه غرة . وقال الذين استلووا على العسكر والنهب : ما أنتم بأحق منا ، هو لنا ، نحن حويناه واستولينا عليه ; فأنزل الله عز وجل : nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين . فقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فواق بينهم . قال
أبو عمر : قال أهل العلم بلسان العرب : استلووا أطافوا وأحاطوا ; يقال : الموت مستلو على
[ ص: 324 ] العباد . وقوله :
فقسمه على فواق يعني عن سرعة . قالوا : والفواق ما بين حلبتي الناقة . يقال : انتظره فواق ناقة ، أي هذا المقدار . ويقولونها بالضم والفتح : فواق وفواق . وكان هذا قبل أن ينزل :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=41واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه الآية . وكأن المعنى عند العلماء : أي إلى الله وإلى الرسول الحكم فيها والعمل بها بما يقرب من الله تعالى . وذكر
محمد بن إسحاق قال : حدثني
عبد الرحمن بن الحارث وغيره من أصحابنا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16047سليمان بن موسى الأشدق عن
مكحول عن
nindex.php?page=showalam&ids=481أبي أمامة الباهلي قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836173سألت عبادة بن الصامت عن الأنفال فقال : فينا معشر أصحاب بدر نزلت حين اختلفنا في النفل ، وساءت فيه أخلاقنا ، فنزعه الله من أيدينا وجعله إلى الرسول ، فقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بواء . يقول : على السواء . فكان ذلك تقوى الله وطاعة رسوله وصلاح ذات البين وروي في الصحيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836174اغتنم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غنيمة عظيمة ، فإذا فيها سيف ، فأخذته فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : نفلني هذا السيف ، فأنا من قد علمت حاله . قال : رده من حيث أخذته فانطلقت حتى أردت أن ألقيه في القبض لامتني نفسي فرجعت إليه فقلت : أعطنيه . قال : فشد لي صوته رده من حيث أخذته فانطلقت حتى أردت أن ألقيه في القبض لامتني نفسي فرجعت إليه فقلت : أعطنيه ، قال : فشد لي صوته : رده من حيث أخذته فأنزل الله nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1يسألونك عن الأنفال . لفظ
مسلم . والروايات كثيرة ، وفيما ذكرناه كفاية ، والله الموفق للهداية .
الثانية : الأنفال واحدها نفل بتحريك الفاء ; قال :
إن تقوى ربنا خير نفل وبإذن الله ريثي والعجل
أي خير غنيمة . والنفل : اليمين ; ومنه الحديث فتبرئكم يهود بنفل خمسين منهم . والنفل الانتفاء ; ومنه الحديث فانتفل من ولدها . والنفل : نبت معروف . والنفل : الزيادة على الواجب ، وهو التطوع . وولد الولد نافلة ; لأنه زيادة على الولد . والغنيمة نافلة ; لأنها زيادة فيما أحل الله لهذه الأمة مما كان محرما على غيرها . قال صلى الله عليه وسلم : فضلت على الأنبياء بست - وفيها -
nindex.php?page=hadith&LINKID=836175وأحلت لي الغنائم . والأنفال : الغنائم أنفسها . قال
عنترة :
[ ص: 325 ] إنا إذا احمر الوغى نروي القنا ونعف عند مقاسم الأنفال
أي الغنائم .
الثالثة : واختلف العلماء في
nindex.php?page=treesubj&link=24468محل الأنفال على أربعة أقوال : الأول : محلها فيما شذ عن الكافرين إلى المسلمين أو أخذ بغير حرب . الثاني : محلها الخمس . الثالث : خمس الخمس . الرابع : رأس الغنيمة ; حسب ما يراه الإمام . ومذهب
مالك رحمه الله أن الأنفال مواهب الإمام من الخمس ، على ما يرى من الاجتهاد ، وليس في الأربعة الأخماس نفل ، وإنما لم ير
nindex.php?page=treesubj&link=24469النفل من رأس الغنيمة لأن أهلها معينون وهم الموجفون ، والخمس مردود قسمه إلى اجتهاد الإمام . وأهله غير معينين . قال صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836176ما لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس والخمس مردود عليكم . فلم يمكن بعد هذا أن يكون النفل من حق أحد ، وإنما يكون من حق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الخمس . هذا هو المعروف من مذهبه وقد روي عنه أن ذلك من خمس الخمس . وهو قول
ابن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة . وسبب الخلاف حديث
ابن عمر ، رواه
مالك قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية قبل
نجد فغنموا إبلا كثيرة ، وكانت سهمانهم اثني عشر بعيرا أو أحد عشر بعيرا ; ونفلوا بعيرا بعيرا . هكذا رواه
مالك على الشك في رواية
يحيى عنه ، وتابعه على ذلك جماعة رواة الموطأ إلا
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم فإنه رواه عن
مالك عن
نافع عن
ابن عمر ، فقال فيه : فكانت سهمانهم اثني عشر بعيرا ، ونفلوا بعيرا بعيرا . ولم يشك . وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم والحكم بن نافع عن
شعيب بن أبي حمزة عن
نافع عن
ابن عمر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836177بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيش قبل نجد - في رواية الوليد : أربعة آلاف - وانبعثت سرية من الجيش - في رواية الوليد : فكنت ممن خرج فيها - فكان سهمان الجيش اثني عشر بعيرا ، اثني عشر بعيرا ; ونفل أهل السرية بعيرا بعيرا ; فكان سهمانهم ثلاثة عشر بعيرا ; ذكره
أبو داود . فاحتج بهذا من يقول : إن النفل إنما يكون من جملة الخمس . وبيانه أن هذه السرية لو نزلت على أن أهلها كانوا عشرة مثلا أصابوا في غنيمتهم مائة وخمسين ، أخرج منها خمسها ثلاثين وصار لهم مائة وعشرون ، قسمت على عشرة وجب لكل واحد اثنا عشر بعيرا ، اثنا عشر بعيرا ،
[ ص: 326 ] ثم أعطي القوم من الخمس بعيرا بعيرا ; لأن خمس الثلاثين لا يكون فيه عشرة أبعرة . فإذا عرفت ما للعشرة عرفت ما للمائة والألف وأزيد . واحتج من قال : إن ذلك كان من خمس الخمس بأن قال : جائز أن يكون هناك ثياب تباع ومتاع غير الإبل ، فأعطى من لم يبلغه البعير قيمة البعير من تلك العروض . ومما يعضد هذا ما روى
مسلم في بعض طرق هذا الحديث : فأصبنا إبلا وغنما ; الحديث . وذكر
محمد بن إسحاق في هذا الحديث أن الأمير نفلهم قبل القسم ، وهذا يوجب أن يكون
nindex.php?page=treesubj&link=24469النفل من رأس الغنيمة ، وهو خلاف قول
مالك . وقول من روى خلافه أولى لأنهم حفاظ ; قاله
أبو عمر رحمه الله . وقال
مكحول nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي : لا ينفل بأكثر من الثلث ; وهو قول الجمهور من العلماء . قال
الأوزاعي : فإن زادهم فليف لهم ويجعل ذلك من الخمس . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : ليس في النفل حد لا يتجاوزه الإمام .
الرابعة : ودل حديث
ابن عمر على ما ذكره
الوليد والحكم عن
شعيب عن
نافع أن
nindex.php?page=treesubj&link=8506السرية إذا خرجت من العسكر فغنمت أن العسكر شركاؤهم . وهذه مسألة وحكم لم يذكره في الحديث غير
شعيب عن
نافع ، ولم يختلف العلماء فيه ، والحمد لله .
الخامسة : واختلف العلماء في
nindex.php?page=treesubj&link=24008_8489الإمام يقول قبل القتال : من هدم كذا من الحصن فله كذا ، ومن بلغ إلى موضع كذا فله كذا ، ومن جاء برأس فله كذا ، ومن جاء بأسير فله كذا ; يضريهم . فروي عن
مالك أنه كرهه . وقال : هو قتال على الدنيا . وكان لا يجيزه . قال
الثوري : ذلك جائز ولا بأس به .
قلت : وقد جاء هذا المعنى مرفوعا من حديث
ابن عباس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836178لما كان يوم بدر قال النبي صلى الله عليه وسلم : من قتل قتيلا فله كذا ومن أسر أسيرا فله كذا . الحديث بطوله . وفي رواية
عكرمة عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : "
من فعل كذا وكذا وأتى مكان كذا وكذا فله كذا " . فتسارع الشبان وثبت الشيوخ مع الرايات ; فلما فتح لهم جاء الشبان يطلبون ما جعل لهم فقال لهم الأشياخ : لا تذهبون به دوننا ، فقد كنا ردءا لكم ; فأنزل الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1وأصلحوا ذات بينكم ذكره
إسماعيل بن إسحاق أيضا . وروي عن
عمر بن الخطاب أنه قال
nindex.php?page=showalam&ids=97لجرير بن عبد الله البجلي لما قدم عليه في قومه وهو يريد
الشأم : هل لك أن تأتي
الكوفة ولك الثلث بعد الخمس من كل أرض وسبي ؟ . وقال بهذا جماعة فقهاء
الشأم :
الأوزاعي ومكحول nindex.php?page=showalam&ids=15889وابن حيوة وغيرهم . ورأوا
[ ص: 327 ] الخمس من جملة الغنيمة ، والنفل بعد الخمس ثم الغنيمة بين أهل العسكر ; وبه قال
إسحاق وأحمد وأبو عبيد . قال
أبو عبيد : والناس اليوم على أن
nindex.php?page=treesubj&link=8489_1906لا نفل من جهة الغنيمة حتى تخمس . وقال
مالك : لا يجوز أن
nindex.php?page=treesubj&link=8489_24012يقول الإمام لسرية : ما أخذتم فلكم ثلثه . قال
سحنون : يريد ابتداء . فإن نزل مضى ، ولهم أنصباؤهم في الباقي . وقال
سحنون : إذا قال الإمام لسرية ما أخذتم فلا خمس عليكم فيه ; فهذا لا يجوز ، فإن نزل رددته ; لأن هذا حكم شاذ لا يجوز ولا يمضى .
السادسة : واستحب
مالك رحمه الله ألا ينفل الإمام إلا ما يظهر كالعمامة والفرس والسيف . ومنع بعض العلماء أن
nindex.php?page=treesubj&link=8489_8505ينفل الإمام ذهبا أو فضة أو لؤلؤا ونحوه . وقال بعضهم : النفل جائز من كل شيء . وهو الصحيح لقول
عمر ومقتضى الآية ، والله أعلم .
السابعة : قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم أمر بالتقوى والإصلاح ، أي كونوا مجتمعين على أمر الله . في الدعاء : اللهم أصلح ذات البين ، أي الحال التي يقع بها الاجتماع . فدل هذا على التصريح بأنه شجر بينهم اختلاف ، أو مالت النفوس إلى التشاح ; كما هو منصوص في الحديث . وتقدم معنى التقوى ، أي اتقوا الله في أقوالكم وأفعالكم ، وأصلحوا ذات بينكم .
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1وأطيعوا الله ورسوله في الغنائم ونحوها .
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1إن كنتم مؤمنين أي إن سبيل المؤمن أن يمتثل ما ذكرنا . وقيل : " إن " بمعنى " إذ " .
قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=2إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم
[ ص: 323 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سُورَةُ الْأَنْفَالِ مَدَنِيَّةٌ بَدْرِيَّةٌ فِي قَوْلِ
الْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَجَابِرٍ nindex.php?page=showalam&ids=16568وَعَطَاءٍ . وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : هِيَ مَدَنِيَّةٌ إِلَّا سَبْعَ آيَاتٍ ، مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=30وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى آخِرِ السَّبْعِ آيَاتٍ .
nindex.php?page=treesubj&link=28979قَوْلُهُ تَعَالَى nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فِيهِ سَبْعُ مَسَائِلَ :
الْأُولَى : رَوَى
عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836172خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَدْرٍ فَلَقُوا الْعَدُوَّ ; فَلَمَّا هَزَمَهُمُ اللَّهُ اتَّبَعَتْهُمْ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَقْتُلُونَهُمْ ، وَأَحْدَقَتْ طَائِفَةٌ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَاسْتَوْلَتْ طَائِفَةٌ عَلَى الْعَسْكَرِ وَالنَّهْبِ ; فَلَمَّا نَفَى اللَّهُ الْعَدُوَّ وَرَجَعَ الَّذِينَ طَلَبُوهُمْ قَالُوا : لَنَا النَّفْلُ ، نَحْنُ الَّذِينَ طَلَبْنَا الْعَدُوَّ وَبِنَا نَفَاهُمُ اللَّهُ وَهَزَمَهُمْ . وَقَالَ الَّذِينَ أَحْدَقُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا أَنْتُمْ أَحَقُّ بِهِ مِنَّا ، بَلْ هُوَ لَنَا ، نَحْنُ أَحْدَقْنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِئَلَّا يَنَالَ الْعَدُوُّ مِنْهُ غِرَّةً . وَقَالَ الَّذِينَ اسْتَلْوَوْا عَلَى الْعَسْكَرِ وَالنَّهْبِ : مَا أَنْتُمْ بِأَحَقَّ مِنَّا ، هُوَ لَنَا ، نَحْنُ حَوَيْنَاهُ وَاسْتَوْلَيْنَا عَلَيْهِ ; فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ . فَقَسَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ فُوَاقٍ بَيْنَهُمْ . قَالَ
أَبُو عُمَرَ : قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِلِسَانِ الْعَرَبِ : اسْتَلْوَوْا أَطَافُوا وَأَحَاطُوا ; يُقَالُ : الْمَوْتُ مُسْتَلْوٍ عَلَى
[ ص: 324 ] الْعِبَادِ . وَقَوْلُهُ :
فَقَسَمَهُ عَلَى فُوَاقٍ يَعْنِي عَنْ سُرْعَةٍ . قَالُوا : وَالْفُوَاقُ مَا بَيْنَ حَلْبَتَيِ النَّاقَةِ . يُقَالُ : انْتَظَرَهُ فُوَاقَ نَاقَةٍ ، أَيْ هَذَا الْمِقْدَارُ . وَيَقُولُونَهَا بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ : فُوَاقٌ وَفَوَاقٌ . وَكَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=41وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ الْآيَةَ . وَكَأَنَّ الْمَعْنَى عِنْدَ الْعُلَمَاءِ : أَيْ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى الرَّسُولِ الْحُكْمُ فِيهَا وَالْعَمَلُ بِهَا بِمَا يُقَرِّبُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى . وَذَكَرَ
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ : حَدَّثَنِي
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16047سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى الْأَشْدَقِ عَنْ
مَكْحُولٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=481أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836173سَأَلْتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ عَنِ الْأَنْفَالِ فَقَالَ : فِينَا مَعْشَرَ أَصْحَابِ بَدْرٍ نَزَلَتْ حِينَ اخْتَلَفْنَا فِي النَّفْلِ ، وَسَاءَتْ فِيهِ أَخْلَاقُنَا ، فَنَزَعَهُ اللَّهُ مِنْ أَيْدِينَا وَجَعَلَهُ إِلَى الرَّسُولِ ، فَقَسَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَوَاءٍ . يَقُولُ : عَلَى السَّوَاءِ . فَكَانَ ذَلِكَ تَقْوَى اللَّهِ وَطَاعَةَ رَسُولِهِ وَصَلَاحَ ذَاتِ الْبَيْنِ وَرُوِيَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=37سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836174اغْتَنَمَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَنِيمَةً عَظِيمَةً ، فَإِذَا فِيهَا سَيْفٌ ، فَأَخَذْتُهُ فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ : نَفِّلْنِي هَذَا السَّيْفَ ، فَأَنَا مَنْ قَدْ عَلِمْتَ حَالَهُ . قَالَ : رُدَّهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْتَهُ فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَرَدْتُ أَنْ أُلْقِيَهُ فِي الْقَبَضِ لَامَتْنِي نَفْسِي فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ : أَعْطِنِيهِ . قَالَ : فَشَدَّ لِي صَوْتَهُ رُدَّهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْتَهُ فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَرَدْتُ أَنْ أُلْقِيَهُ فِي الْقَبَضِ لَامَتْنِي نَفْسِي فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ : أَعْطِنِيهِ ، قَالَ : فَشَدَّ لِي صَوْتَهُ : رُدَّهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْتَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ . لَفْظُ
مُسْلِمٍ . وَالرِّوَايَاتُ كَثِيرَةٌ ، وَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ كِفَايَةٌ ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلْهِدَايَةِ .
الثَّانِيَةُ : الْأَنْفَالُ وَاحِدُهَا نَفَلٌ بِتَحْرِيكِ الْفَاءِ ; قَالَ :
إِنَّ تَقْوَى رَبِّنَا خَيْرُ نَفَلٍ وَبِإِذْنِ اللَّهِ رَيْثِي وَالْعَجَلْ
أَيْ خَيْرُ غَنِيمَةٍ . وَالنَّفْلُ : الْيَمِينُ ; وَمِنْهُ الْحَدِيثُ فَتُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ بِنَفْلِ خَمْسِينَ مِنْهُمْ . وَالنَّفْلُ الِانْتِفَاءُ ; وَمِنْهُ الْحَدِيثُ فَانْتَفَلَ مِنْ وَلَدِهَا . وَالنَّفَلُ : نَبْتٌ مَعْرُوفٌ . وَالنَّفْلُ : الزِّيَادَةُ عَلَى الْوَاجِبِ ، وَهُوَ التَّطَوُّعُ . وَوَلَدُ الْوَلَدِ نَافِلَةٌ ; لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى الْوَلَدِ . وَالْغَنِيمَةُ نَافِلَةٌ ; لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ فِيمَا أَحَلَّ اللَّهُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ مِمَّا كَانَ مُحَرَّمًا عَلَى غَيْرِهَا . قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ - وَفِيهَا -
nindex.php?page=hadith&LINKID=836175وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ . وَالْأَنْفَالُ : الْغَنَائِمُ أَنْفُسُهَا . قَالَ
عَنْتَرَةُ :
[ ص: 325 ] إِنَّا إِذَا احْمَرَّ الْوَغَى نَرْوِي الْقَنَا وَنَعِفُّ عِنْدَ مَقَاسِمِ الْأَنْفَالِ
أَيِ الْغَنَائِمُ .
الثَّالِثَةُ : وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=24468مَحِلِّ الْأَنْفَالِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ : الْأَوَّلُ : مَحِلُّهَا فِيمَا شُذَّ عَنِ الْكَافِرِينَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ أَوْ أُخِذَ بِغَيْرِ حَرْبٍ . الثَّانِي : مَحِلُّهَا الْخُمُسُ . الثَّالِثُ : خُمُسُ الْخُمُسِ . الرَّابِعُ : رَأْسُ الْغَنِيمَةِ ; حَسَبَ مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ . وَمَذْهَبُ
مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْأَنْفَالَ مَوَاهِبُ الْإِمَامِ مِنَ الْخُمُسِ ، عَلَى مَا يَرَى مِنَ الِاجْتِهَادِ ، وَلَيْسَ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ نَفَلٌ ، وَإِنَّمَا لَمْ يَرَ
nindex.php?page=treesubj&link=24469النَّفْلَ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ لِأَنَّ أَهْلَهَا مُعَيَّنُونَ وَهُمُ الْمُوجِفُونَ ، وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ قَسْمُهُ إِلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ . وَأَهْلُهُ غَيْرُ مُعَيَّنِينَ . قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836176مَا لِيَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ إِلَّا الْخُمُسُ وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ . فَلَمْ يُمْكِنْ بَعْدَ هَذَا أَنْ يَكُونَ النَّفْلُ مِنْ حَقِّ أَحَدٍ ، وَإِنَّمَا يَكُونُ مِنْ حَقِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الْخُمُسُ . هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ . وَهُوَ قَوْلُ
ابْنِ الْمُسَيِّبِ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=11990وَأَبِي حَنِيفَةَ . وَسَبَبُ الْخِلَافِ حَدِيثُ
ابْنِ عُمَرَ ، رَوَاهُ
مَالِكٌ قَالَ : بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً قِبَلَ
نَجْدٍ فَغَنِمُوا إِبِلًا كَثِيرَةً ، وَكَانَتْ سُهْمَانُهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا أَوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا ; وَنُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا . هَكَذَا رَوَاهُ
مَالِكٌ عَلَى الشَّكِّ فِي رِوَايَةِ
يَحْيَى عَنْهُ ، وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ إِلَّا
nindex.php?page=showalam&ids=15500الْوَلِيدَ بْنَ مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنْ
مَالِكٍ عَنْ
نَافِعٍ عَنِ
ابْنِ عُمَرَ ، فَقَالَ فِيهِ : فَكَانَتْ سُهْمَانُهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا ، وَنُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا . وَلَمْ يَشُكَّ . وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=15500الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَالْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ
شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ
نَافِعٍ عَنِ
ابْنِ عُمَرَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836177بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَيْشٍ قِبَلَ نَجْدٍ - فِي رِوَايَةِ الْوَلِيدِ : أَرْبَعَةُ آلَافٍ - وَانْبَعَثَتْ سَرِيَّةٌ مِنَ الْجَيْشِ - فِي رِوَايَةِ الْوَلِيدِ : فَكُنْتُ مِمَّنْ خَرَجَ فِيهَا - فَكَانَ سُهْمَانُ الْجَيْشِ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا ، اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا ; وَنَفَّلَ أَهْلَ السَّرِيَّةِ بَعِيرًا بَعِيرًا ; فَكَانَ سُهْمَانُهُمْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ بَعِيرًا ; ذَكَرَهُ
أَبُو دَاوُدَ . فَاحْتَجَّ بِهَذَا مَنْ يَقُولُ : إِنَّ النَّفْلَ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ الْخُمُسِ . وَبَيَانُهُ أَنَّ هَذِهِ السَّرِيَّةَ لَوْ نُزِّلَتْ عَلَى أَنَّ أَهْلَهَا كَانُوا عَشَرَةً مَثَلًا أَصَابُوا فِي غَنِيمَتِهِمْ مِائَةً وَخَمْسِينَ ، أَخْرَجَ مِنْهَا خُمُسَهَا ثَلَاثِينَ وَصَارَ لَهُمْ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ ، قُسِّمَتْ عَلَى عَشْرَةٍ وَجَبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ اثْنَا عَشَرَ بَعِيرًا ، اثْنَا عَشَرَ بَعِيرًا ،
[ ص: 326 ] ثُمَّ أُعْطِيَ الْقَوْمُ مِنَ الْخُمُسِ بَعِيرًا بَعِيرًا ; لِأَنَّ خُمُسَ الثَّلَاثِينَ لَا يَكُونُ فِيهِ عَشَرَةُ أَبْعِرَةٍ . فَإِذَا عَرَفْتَ مَا لِلْعَشَرَةِ عَرَفْتَ مَا لِلْمِائَةِ وَالْأَلْفِ وَأَزْيَدَ . وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ : إِنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ بِأَنْ قَالَ : جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ ثِيَابٌ تُبَاعُ وَمَتَاعٌ غَيْرُ الْإِبِلِ ، فَأَعْطَى مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ الْبَعِيرُ قِيمَةَ الْبَعِيرِ مِنْ تِلْكَ الْعُرُوضِ . وَمِمَّا يُعَضِّدُ هَذَا مَا رَوَى
مُسْلِمٌ فِي بَعْضِ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ : فَأَصَبْنَا إِبِلًا وَغَنَمًا ; الْحَدِيثَ . وَذَكَرَ
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْأَمِيرَ نَفَّلَهُمْ قَبْلَ الْقَسْمِ ، وَهَذَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ
nindex.php?page=treesubj&link=24469النَّفْلُ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ ، وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ
مَالِكٍ . وَقَوْلُ مَنْ رَوَى خِلَافَهُ أَوْلَى لِأَنَّهُمْ حُفَّاظٌ ; قَالَهُ
أَبُو عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ . وَقَالَ
مَكْحُولٌ nindex.php?page=showalam&ids=13760وَالْأَوْزَاعِيُّ : لَا يُنَفَّلُ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ ; وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ مِنَ الْعُلَمَاءِ . قَالَ
الْأَوْزَاعِيُّ : فَإِنْ زَادَهُمْ فَلْيَفِ لَهُمْ وَيَجْعَلْ ذَلِكَ مِنَ الْخُمُسِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : لَيْسَ فِي النَّفْلِ حَدٌّ لَا يَتَجَاوَزُهُ الْإِمَامُ .
الرَّابِعَةُ : وَدَلَّ حَدِيثُ
ابْنِ عُمَرَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ
الْوَلِيدُ وَالْحَكَمُ عَنْ
شُعَيْبٍ عَنْ
نَافِعٍ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=8506السَّرِيَّةَ إِذَا خَرَجَتْ مِنَ الْعَسْكَرِ فَغَنِمَتْ أَنَّ الْعَسْكَرَ شُرَكَاؤُهُمْ . وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ وَحُكْمٌ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْحَدِيثِ غَيْرُ
شُعَيْبٍ عَنْ
نَافِعٍ ، وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِيهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ .
الْخَامِسَةُ : وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=24008_8489الْإِمَامِ يَقُولُ قَبْلَ الْقِتَالِ : مَنْ هَدَمَ كَذَا مِنَ الْحِصْنِ فَلَهُ كَذَا ، وَمَنْ بَلَغَ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا فَلَهُ كَذَا ، وَمَنْ جَاءَ بِرَأْسٍ فَلَهُ كَذَا ، وَمَنْ جَاءَ بِأَسِيرٍ فَلَهُ كَذَا ; يُضَرِّيهِمْ . فَرُوِيَ عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ كَرِهَهُ . وَقَالَ : هُوَ قِتَالٌ عَلَى الدُّنْيَا . وَكَانَ لَا يُجِيزُهُ . قَالَ
الثَّوْرِيُّ : ذَلِكَ جَائِزٌ وَلَا بَأْسَ بِهِ .
قُلْتُ : وَقَدْ جَاءَ هَذَا الْمَعْنَى مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836178لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ كَذَا وَمَنْ أَسَرَ أَسِيرًا فَلَهُ كَذَا . الْحَدِيثَ بِطُولِهِ . وَفِي رِوَايَةِ
عِكْرِمَةَ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
مَنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا وَأَتَى مَكَانَ كَذَا وَكَذَا فَلَهُ كَذَا " . فَتَسَارَعَ الشُّبَّانُ وَثَبَتَ الشُّيُوخُ مَعَ الرَّايَاتِ ; فَلَمَّا فُتِحَ لَهُمْ جَاءَ الشُّبَّانُ يَطْلُبُونَ مَا جَعَلَ لَهُمْ فَقَالَ لَهُمُ الْأَشْيَاخُ : لَا تَذْهَبُونَ بِهِ دُونَنَا ، فَقَدْ كُنَّا رِدْءًا لَكُمْ ; فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ذَكَرَهُ
إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ أَيْضًا . وَرُوِيَ عَنْ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=97لِجَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ لَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ فِي قَوْمِهِ وَهُوَ يُرِيدُ
الشَّأْمَ : هَلْ لَكَ أَنْ تَأْتِيَ
الْكُوفَةَ وَلَكَ الثُّلُثُ بَعْدَ الْخُمُسِ مِنْ كُلِّ أَرْضٍ وَسَبْيٍ ؟ . وَقَالَ بِهَذَا جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ
الشَّأْمِ :
الْأَوْزَاعِيُّ وَمَكْحُولٌ nindex.php?page=showalam&ids=15889وَابْنُ حَيْوَةَ وَغَيْرُهُمْ . وَرَأَوْا
[ ص: 327 ] الْخُمُسَ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ ، وَالنَّفْلُ بَعْدَ الْخُمُسِ ثُمَّ الْغَنِيمَةُ بَيْنَ أَهْلِ الْعَسْكَرِ ; وَبِهِ قَالَ
إِسْحَاقُ وَأَحْمَدُ وَأَبُو عُبَيْدٍ . قَالَ
أَبُو عُبَيْدٍ : وَالنَّاسُ الْيَوْمَ عَلَى أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=8489_1906لَا نَفْلَ مِنْ جِهَةِ الْغَنِيمَةِ حَتَّى تُخَمَّسَ . وَقَالَ
مَالِكٌ : لَا يَجُوزُ أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=8489_24012يَقُولَ الْإِمَامُ لِسَرِيَّةٍ : مَا أَخَذْتُمْ فَلَكُمْ ثُلُثُهُ . قَالَ
سَحْنُونُ : يُرِيدُ ابْتِدَاءً . فَإِنْ نَزَلَ مَضَى ، وَلَهُمْ أَنْصِبَاؤُهُمْ فِي الْبَاقِي . وَقَالَ
سَحْنُونُ : إِذَا قَالَ الْإِمَامُ لِسَرِيَّةٍ مَا أَخَذْتُمْ فَلَا خُمُسَ عَلَيْكُمْ فِيهِ ; فَهَذَا لَا يَجُوزُ ، فَإِنْ نَزَلَ رَدَدْتُهُ ; لِأَنَّ هَذَا حُكْمٌ شَاذٌّ لَا يَجُوزُ وَلَا يُمْضَى .
السَّادِسَةُ : وَاسْتَحَبَّ
مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ أَلَّا يُنَفِّلَ الْإِمَامُ إِلَّا مَا يَظْهَرُ كَالْعِمَامَةِ وَالْفَرَسِ وَالسَّيْفِ . وَمَنَعَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=8489_8505يُنَفِّلُ الْإِمَامُ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَوْ لُؤْلُؤًا وَنَحْوَهُ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : النَّفْلُ جَائِزٌ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ . وَهُوَ الصَّحِيحُ لِقَوْلِ
عُمَرَ وَمُقْتَضَى الْآيَةِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
السَّابِعَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ أَمْرٌ بِالتَّقْوَى وَالْإِصْلَاحِ ، أَيْ كُونُوا مُجْتَمِعِينَ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ . فِي الدُّعَاءِ : اللَّهُمَّ أَصْلِحْ ذَاتَ الْبَيْنِ ، أَيِ الْحَالُ الَّتِي يَقَعُ بِهَا الِاجْتِمَاعُ . فَدَلَّ هَذَا عَلَى التَّصْرِيحِ بِأَنَّهُ شَجَرَ بَيْنَهُمُ اخْتِلَافٌ ، أَوْ مَالَتِ النُّفُوسُ إِلَى التَّشَاحِّ ; كَمَا هُوَ مَنْصُوصٌ فِي الْحَدِيثِ . وَتَقَدَّمَ مَعْنَى التَّقْوَى ، أَيِ اتَّقُوا اللَّهَ فِي أَقْوَالِكُمْ وَأَفْعَالِكُمْ ، وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنَكُمْ .
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِي الْغَنَائِمِ وَنَحْوِهَا .
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ أَيْ إِنَّ سَبِيلَ الْمُؤْمِنِ أَنْ يَمْتَثِلَ مَا ذَكَرْنَا . وَقِيلَ : " إِنْ " بِمَعْنَى " إِذْ " .
قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=2إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ