nindex.php?page=treesubj&link=28983_31896قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=16وجاءوا أباهم عشاء يبكون فيه مسألتان :
الأولى : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=16وجاءوا أباهم عشاء أي ليلا ، وهو ظرف يكون في موضع الحال ; وإنما جاءوا عشاء ليكونوا أقدر على الاعتذار في الظلمة ، ولذا قيل : لا تطلب الحاجة بالليل ، فإن الحياء في العينين ، ولا تعتذر بالنهار من ذنب فتتلجلج في الاعتذار ; فروي أن
يعقوب - عليه السلام - لما سمع بكاءهم قال : ما بكم ؟ أجرى في الغنم شيء ؟ قالوا : لا . قال : فأين
يوسف ؟ قالوا : ذهبنا نستبق فأكله الذئب ، فبكى وصاح وقال : أين قميصه ؟ على ما يأتي بيانه إن شاء الله . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان : إنه لما قالوا أكله الذئب خر مغشيا عليه ، فأفاضوا عليه الماء فلم يتحرك ، ونادوه فلم يجب ; قال
وهب : ولقد وضع
يهوذا يده على مخارج نفس
يعقوب فلم
[ ص: 128 ] يحس بنفس ، ولم يتحرك له عرق ; فقال لهم
يهوذا : ويل لنا من ديان يوم الدين ضيعنا أخانا ، وقتلنا أبانا ، فلم يفق
يعقوب إلا ببرد السحر ، فأفاق ورأسه في حجر
روبيل ; فقال : يا
روبيل ألم أأتمنك على ولدي ؟ ألم أعهد إليك عهدا ؟ فقال : يا أبت كف عني بكاءك أخبرك ; فكف
يعقوب بكاءه فقال : يا أبت
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=17إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب .
الثانية : قال علماؤنا : هذه الآية دليل على أن بكاء المرء لا يدل على صدق مقاله ، لاحتمال أن يكون تصنعا ; فمن الخلق من يقدر على ذلك ، ومنهم من لا يقدر . وقد قيل : إن الدمع المصنوع لا يخفى ; كما قال حكيم :
إذا اشتبكت دموع في خدود تبين من بكى ممن تباكى
nindex.php?page=treesubj&link=28983_31896قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=16وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ فِيهِ مَسْأَلَتَانِ :
الْأُولَى : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=16وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً أَيْ لَيْلًا ، وَهُوَ ظَرْفٌ يَكُونُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ ; وَإِنَّمَا جَاءُوا عِشَاءً لِيَكُونُوا أَقْدَرَ عَلَى الِاعْتِذَارِ فِي الظُّلْمَةِ ، وَلِذَا قِيلَ : لَا تَطْلُبِ الْحَاجَةَ بِاللَّيْلِ ، فَإِنَّ الْحَيَاءَ فِي الْعَيْنَيْنِ ، وَلَا تَعْتَذِرْ بِالنَّهَارِ مِنْ ذَنْبٍ فَتَتَلَجْلَجَ فِي الِاعْتِذَارِ ; فَرُوِيَ أَنَّ
يَعْقُوبَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا سَمِعَ بُكَاءَهُمْ قَالَ : مَا بِكُمْ ؟ أَجْرَى فِي الْغَنَمِ شَيْءٌ ؟ قَالُوا : لَا . قَالَ : فَأَيْنَ
يُوسُفُ ؟ قَالُوا : ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ ، فَبَكَى وَصَاحَ وَقَالَ : أَيْنَ قَمِيصُهُ ؟ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13053وَابْنُ حِبَّانَ : إِنَّهُ لَمَّا قَالُوا أَكَلَهُ الذِّئْبُ خَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ ، فَأَفَاضُوا عَلَيْهِ الْمَاءَ فَلَمْ يَتَحَرَّكْ ، وَنَادَوْهُ فَلَمْ يُجِبْ ; قَالَ
وَهْبٌ : وَلَقَدْ وَضَعَ
يَهُوذَا يَدَهُ عَلَى مَخَارِجِ نَفَسِ
يَعْقُوبَ فَلَمْ
[ ص: 128 ] يُحِسَّ بِنَفَسٍ ، وَلَمْ يَتَحَرَّكْ لَهُ عِرْقٌ ; فَقَالَ لَهُمْ
يَهُوذَا : وَيْلٌ لَنَا مِنْ دَيَّانِ يَوْمِ الدِّينِ ضَيَّعْنَا أَخَانَا ، وَقَتَلْنَا أَبَانَا ، فَلَمْ يُفِقْ
يَعْقُوبُ إِلَّا بِبَرْدِ السَّحَرِ ، فَأَفَاقَ وَرَأْسُهُ فِي حَجْرِ
رُوبِيلَ ; فَقَالَ : يَا
رُوبِيلُ أَلَمْ أَأْتَمِنْكَ عَلَى وَلَدِي ؟ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكَ عَهْدًا ؟ فَقَالَ : يَا أَبَتِ كُفَّ عَنِّي بُكَاءَكَ أُخْبِرْكَ ; فَكَفَّ
يَعْقُوبُ بُكَاءَهُ فَقَالَ : يَا أَبَتِ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=17إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ .
الثَّانِيَةُ : قَالَ عُلَمَاؤُنَا : هَذِهِ الْآيَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بُكَاءَ الْمَرْءِ لَا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِ مَقَالِهِ ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ تَصَنُّعًا ; فَمِنَ الْخَلْقِ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَقْدِرُ . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ الدَّمْعَ الْمَصْنُوعَ لَا يَخْفَى ; كَمَا قَالَ حَكِيمٌ :
إِذَا اشْتَبَكَتْ دُمُوعٌ فِي خُدُودٍ تَبَيَّنَ مَنْ بَكَى مِمَّنْ تَبَاكَى