قوله تعالى : ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا قوله تعالى : ولولا أن ثبتناك أي على الحق وعصمناك من موافقتهم .
لقد كدت تركن إليهم أي تميل . شيئا قليلا أي ركونا قليلا .
قال قتادة : لما نزلت هذه الآية قال - عليه السلام - : . وقيل : ظاهر الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - وباطنه إخبار عن اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين ثقيف . والمعنى : وإن كادوا ليركنونك ، أي كادوا يخبرون عنك بأنك ملت إلى قولهم ; فنسب فعلهم إليه مجازا واتساعا ; كما تقول لرجل : كدت تقتل نفسك ، أي كاد الناس يقتلونك بسبب ما فعلت ; ذكره المهدوي . وقيل ما كان منه هم بالركون إليهم ، بل المعنى : ولولا فضل الله عليك لكان منك ميل إلى موافقتهم ، ولكن تم فضل الله عليك فلم تفعل ; ذكره القشيري . وقال ابن عباس : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معصوما ، ولكن هذا تعريف للأمة لئلا يركن أحد منهم إلى المشركين في شيء من أحكام الله - تعالى - وشرائعه .
قوله تعالى : إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات أي لو ركنت لأذقناك مثلي [ ص: 270 ] عذاب الحياة في الدنيا ومثلي عذاب الممات في الآخرة ; قاله ابن عباس ومجاهد وغيرهما . وهذا غاية الوعيد . وكلما كانت الدرجة أعلى كان العذاب عند المخالفة أعظم . قال الله - تعالى - : يانساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وضعف الشيء مثله مرتين ، وقد يكون الضعف النصيب ; كقوله - عز وجل - : لكل ضعف أي نصيب . وقد تقدم في الأعراف .