قوله تعالى : انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا    . 
قوله تعالى : انظر كيف ضربوا لك الأمثال   أي ضربوا لك هذه الأمثال ليتوصلوا إلى تكذيبك . فضلوا  عن سبيل الحق وعن بلوغ ما أرادوا . فلا يستطيعون سبيلا  إلى تصحيح ما قالوه فيك . 
قوله تعالى : تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات  شرط ومجازاة ، ولم يدغم جعل لك  لأن الكلمتين منفصلتان ، ويجوز الإدغام لاجتماع المثلين . ويجعل لك  في موضع جزم عطفا على موضع ( جعل ) . ويجوز أن يكون في موضع رفع ، مقطوعا من الأول . وكذلك قرأ أهل الشام     . ويروى عن عاصم  أيضا : ويجعل لك  بالرفع ; أي   [ ص: 8 ] وسيجعل لك في الآخرة قصورا . قال مجاهد    : كانت قريش  ترى البيت من حجارة ، قصرا ، كائنا ما كان . والقصر في اللغة الحبس ، وسمي القصر قصرا لأن من فيه مقصور عن أن يوصل إليه . وقيل : العرب تسمي بيوت الطين القصر . وما يتخذ من الصوف والشعر : البيت . حكاه القشيري    . وروى سفيان  عن حبيب بن أبي ثابت  عن  خيثمة  قال : قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : إن شئت أن نعطيك خزائن الدنيا ومفاتيحها ولم يعط ذلك من قبلك ولا يعطاه أحد بعدك ، وليس ذلك بناقصك في الآخرة شيئا ; وإن شئت جمعنا لك ذلك في الآخرة ، فقال : يجمع ذلك لي في الآخرة . فأنزل الله عز وجل : تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا    . ويروى أن هذه الآية أنزلها رضوان  خازن الجنان إلى النبي صلى الله عليه وسلم ; وفي الخبر : إن رضوان  لما نزل سلم على النبي صلى الله عليه وسلم ; ثم قال : يا محمد    ! رب العزة يقرئك السلام ، وهذا سفط - فإذا سفط من نور يتلألأ - يقول لك ربك : هذه مفاتيح خزائن الدنيا ، مع أنه لا ينقص ما لك في الآخرة مثل جناح بعوضة ; فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبريل  كالمستشير له ; فضرب جبريل  بيده الأرض يشير أن تواضع ; فقال : يا رضوان  لا حاجة لي فيها الفقر أحب إلي وأن أكون عبدا صابرا شكورا . فقال رضوان    : أصبت ! الله لك   . وذكر الحديث . 
				
						
						
