قوله تعالى : ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون فتول عنهم حتى حين وأبصرهم فسوف يبصرون أفبعذابنا يستعجلون فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين وتول عنهم حتى حين وأبصر فسوف يبصرون .
ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين قال قوله تعالى : الفراء : أي : بالسعادة . وقيل : أراد بالكلمة قوله - عز وجل - : كتب الله لأغلبن أنا ورسلي قال الحسن : لم يقتل من أصحاب الشرائع قط أحد
إنهم لهم المنصورون أي سبق الوعد بنصرهم بالحجة والغلبة . وإن جندنا لهم الغالبون على المعنى ولو كان على اللفظ لكان هو الغالب مثل جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب وقال الشيباني : جاء هاهنا على الجمع من أجل أنه رأس آية .
قوله تعالى : فتول عنهم أي أعرض عنهم . حتى حين قال قتادة : إلى الموت . وقال الزجاج : إلى الوقت الذي أمهلوا إليه . وقال ابن عباس : يعني القتل ببدر . وقيل : يعني [ ص: 126 ] فتح مكة . وقيل : الآية منسوخة بآية السيف .
وأبصرهم فسوف يبصرون قال قتادة : سوف يبصرون حين لا ينفعهم الإبصار . وعسى من الله للوجوب ، وعبر بالإبصار عن تقريب الأمر ، أي : عن قريب يبصرون . وقيل : المعنى : فسوف يبصرون العذاب يوم القيامة .
أفبعذابنا يستعجلون كانوا يقولون من فرط تكذيبهم : متى هذا العذاب ، أي : لا تستعجلوه فإنه واقع بكم .
فإذا نزل بساحتهم أي العذاب . قال قوله تعالى : الزجاج : وكان عذاب هؤلاء بالقتل . ومعنى بساحتهم أي : بدارهم ، عن وغيره . والساحة والسحسة في اللغة فناء الدار الواسع . السدي الفراء : نزل بساحتهم ونزل بهم سواء .
فساء صباح المنذرين أي بئس صباح الذين أنذروا بالعذاب . وفيه إضمار أي : فساء الصباح صباحهم . وخص الصباح بالذكر ; لأن العذاب كان يأتيهم فيه . ومنه الحديث الذي رواه أنس - رضي الله عنه - قال : خيبر ، وكانوا خارجين إلى مزارعهم ومعهم المساحي ، فقالوا : محمد والخميس ، ورجعوا إلى حصنهم ، فقال - صلى الله عليه وسلم - : الله أكبر خربت خيبر ، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين وهو يبين معنى : لما أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا نزل بساحتهم يريد النبي صلى الله عليه وسلم .
وتول عنهم حتى حين كرر تأكيدا . وكذا وأبصر فسوف يبصرون تأكيد أيضا .