قوله تعالى : " وقالوا " يعني : أكابر المشركين ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار قال ابن عباس : يريدون أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، يقول أبو جهل : أين بلال أين صهيب أين عمار أولئك في الفردوس ، واعجبا لأبي جهل مسكين ، أسلم ابنه عكرمة ، وابنته جويرية ، وأسلمت أمه ، وأسلم أخوه ، وكفر هو ، قال :
ونورا أضاء الأرض شرقا ومغربا وموضع رجلي منه أسود مظلم
[ ص: 201 ] أتخذناهم سخريا قال مجاهد : أتخذناهم سخريا في الدنيا فأخطأنا " أم زاغت عنهم الأبصار " فلم نعلم مكانهم . قال الحسن : كل ذلك قد فعلوا ، اتخذوهم سخريا ، وزاغت عنهم أبصارهم في الدنيا محقرة لهم . وقيل : معنى أم زاغت عنهم الأبصار أي : أهم معنا في النار فلا نراهم . وكان ابن كثير والأعمش وأبو عمرو وحمزة يقرءون " من الأشرار اتخذناهم " بحذف الألف في الوصل . وكان والكسائي أبو جعفر وشيبة ونافع وعاصم وابن عامر يقرءون " أتخذناهم " بقطع الألف على الاستفهام ، وسقطت ألف الوصل ; لأنه قد استغني عنها ، فمن قرأ بحذف الألف لم يقف على " الأشرار " لأن " اتخذناهم " حال . وقال النحاس والسجستاني : هو نعت لرجال . قال ابن الأنباري : وهذا خطأ ; لأن النعت لا يكون ماضيا ولا مستقبلا . ومن قرأ : " أتخذناهم " بقطع الألف وقف على " الأشرار " قال الفراء : والاستفهام هنا بمعنى التوبيخ والتعجب . " أم زاغت عنهم الأبصار " إذا قرأت بالاستفهام كانت أم للتسوية ، وإذا قرأت بغير الاستفهام فهي بمعنى بل .
وقرأ أبو جعفر ونافع وشيبة والمفضل وهبيرة ويحيى والأعمش وحمزة : " سخريا " بضم السين . الباقون بالكسر . قال والكسائي أبو عبيدة : من كسر جعله من الهزء ، ومن ضم جعله من التسخير . وقد تقدم .
إن ذلك لحق تخاصم أهل النار " لحق " خبر إن ، و " تخاصم " خبر مبتدأ محذوف بمعنى هو تخاصم . ويجوز أن يكون بدلا من حق . ويجوز أن يكون خبرا بعد خبر . ويجوز أن يكون بدلا من ذلك على الموضع . أي : إن تخاصم أهل النار في النار لحق . يعني قولهم : " لا مرحبا بكم " الآية . وشبهه من قول أهل النار .