قوله تعالى : وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون
وإن عليكم لحافظين أي رقباء من الملائكة قوله تعالى : كراما كاتبين أي علي ; كقوله : كرام بررة . وهنا ثلاث مسائل :
الأولى : روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " أكرموا الكرام الكاتبين الذين لا يفارقونكم إلا عند إحدى حالتين : الخراءة أو الجماع ، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر بجرم حائط أو بغيره ، أو ليستره أخوه " . وروي عن علي - رضي الله عنه - قال : ( لا يزال الملك موليا عن العبد ما دام بادي العورة ) وروي ( إن العبد إذا دخل الحمام بغير مئزر لعنه ملكاه ) .
الثانية : واختلف الناس في فقال بعضهم : لا ; لأن أمرهم ظاهر ، وعملهم واحد ; قال الله تعالى : الكفار هل عليهم حفظة أم لا ؟ يعرف المجرمون بسيماهم . وقيل : بل عليهم حفظة ; لقوله تعالى : كلا بل تكذبون بالدين وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون . وقال : وأما من أوتي كتابه بشماله وقال : وأما من أوتي كتابه وراء ظهره ، فأخبر أن الكفار يكون لهم كتاب ، ويكون عليهم حفظة . فإن قيل : الذي على يمينه أي شيء يكتب ولا حسنة له ؟ قيل له : الذي يكتب عن شماله يكون بإذن صاحبه ، ويكون شاهدا على ذلك وإن لم يكتب . والله أعلم .
الثالثة : سئل سفيان : قال : إذا هم العبد بحسنة وجدوا منه ريح المسك ، وإذا هم بسيئة وجدوا منه ريح النتن . وقد مضى في ( ق ) قوله : ما كيف تعلم الملائكة أن العبد قد هم بحسنة أو سيئة ؟ يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد زيادة بيان لمعنى هذه الآية . وقد كره العلماء لمفارقة الملك العبد عند ذلك . وقد مضى في آخر ( آل عمران ) [ ص: 213 ] القول في هذا . الكلام عن الغائط والجماع ،
وعن الحسن : يعلمون لا يخفى عليهم شيء من أعمالكم . وقيل : يعلمون ما ظهر منكم دون ما حدثتم به أنفسكم . والله أعلم .