لا تطعه أي فيما دعاك إليه من ترك الصلاة .
واسجد أي صل لله واقترب أي تقرب إلى الله - جل ثناؤه - بالطاعة والعبادة . وقيل : المعنى : إذا سجدت فاقترب من الله بالدعاء . روى عطاء عن قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أبي هريرة . أقرب ما يكون العبد من ربه ، وأحبه إليه ، جبهته في الأرض ساجدا لله
قال علماؤنا : وإنما [ كان ] ذلك لأنها نهاية العبودية والذلة ; ولله غاية العزة ، وله العزة التي لا مقدار لها ; فكلما بعدت من صفته ، قربت من جنته ، ودنوت من جواره في داره . وفي [ ص: 114 ] الحديث الصحيح : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : . ولقد أحسن من قال : أما الركوع فعظموا فيه الرب . وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء ، فإنه قمن أن يستجاب لكم
وإذا تذللت الرقاب تواضعا منا إليك فعزها في ذلها
وقال : اسجد أنت يا زيد بن أسلم محمد مصليا ، واقترب أنت يا أبا جهل من النار .وقوله تعالى : واسجد هذا من السجود . يحتمل أن يكون بمعنى السجود في الصلاة ، ويحتمل أن يكون سجود التلاوة في هذه السورة . قال : ( والظاهر أنه سجود الصلاة ) لقوله تعالى : ابن العربي أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى - إلى قوله - كلا لا تطعه واسجد واقترب ، لولا ما ثبت في الصحيح من رواية مسلم وغيره من الأئمة عن أنه قال : أبي هريرة اقرأ باسم ربك الذي خلق سجدتين ، فكان هذا نصا على أن المراد سجود التلاوة . وقد روى سجدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إذا السماء انشقت ، وفي ابن وهب ، عن حماد بن زيد ، عن عن عاصم بن بهدلة ، زر بن حبيش ، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ، قال : عزائم السجود أربع : ألم و حم تنزيل من الرحمن الرحيم والنجم و اقرأ باسم ربك . وقال : وهذا إن صح يلزم عليه السجود الثاني من سورة ( الحج ) ، وإن كان مقترنا بالركوع ; لأنه يكون معناه اركعوا في موضع الركوع ، واسجدوا في موضع السجود . وقد قال ابن العربي ابن نافع ومطرف : وكان مالك يسجد في خاصة نفسه بخاتمة هذه السورة من اقرأ باسم ربك يراها من العزائم . وابن وهب
قلت : وقد روينا من حديث مالك بن أنس عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن نافع عن ابن عمر قال : لما أنزل الله تعالى اقرأ باسم ربك الذي خلق قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ : " اكتبها يا معاذ " فأخذ معاذ اللوح والقلم والنون - وهي الدواة - فكتبها معاذ ; فلما بلغ كلا لا تطعه واسجد واقترب سجد اللوح ، وسجد القلم ، وسجدت النون ، وهم يقولون : اللهم ارفع به ذكرا ، اللهم احطط به وزرا ، اللهم اغفر به ذنبا . قال معاذ : سجدت ، وأخبرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فسجد .
ختمت السورة . والحمد لله على ما فتح ومنح وأعطى وله الحمد والمنة .