قوله تعالى : أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور إن ربهم بهم يومئذ لخبير
قوله تعالى : أفلا يعلم أي ابن آدم إذا بعثر أي أثير وقلب وبحث ، فأخرج ما [ ص: 145 ] فيها . قال أبو عبيدة : بعثرت المتاع : جعلت أسفله أعلاه . وعن محمد بن كعب قال : ذلك حين يبعثون . الفراء : سمعت بعض أعراب بني أسد يقرأ : ( بحثر ) بالحاء مكان العين ; وحكاه عن الماوردي ابن مسعود ، وهما بمعنى .
وحصل ما في الصدور أي ميز ما فيها من خير وشر ; كذا قال المفسرون : وقال ابن عباس : أبرز . وقرأ عبيد بن عمير وسعيد بن جبير ويحيى بن يعمر وحصل بفتح الحاء وتخفيف الصاد وفتحها ; أي ظهر . ونصر بن عاصم
إن ربهم بهم يومئذ لخبير أي عالم لا يخفى عليه منهم خافية . وهو عالم بهم في ذلك اليوم وفي غيره ; ولكن المعنى أنه يجازيهم في ذلك اليوم .
وقوله : إذا بعثر العامل في إذا : بعثر ، ولا يعمل فيه يعلم ; إذ لا يراد به العلم من الإنسان ذلك الوقت ، إنما يراد في الدنيا . ولا يعمل فيه خبير ; لأن ما بعد إن لا يعمل فيما قبلها . والعامل في يومئذ : خبير ، وإن فصلت اللام بينهما ; لأن موضع اللام الابتداء . وإنما دخلت في الخبر لدخول إن على المبتدأ . ويروى أن الحجاج قرأ هذه السورة على المنبر يحضهم على الغزو ، فجرى على لسانه : ( أن ربهم ) بفتح الألف ، ثم استدركها فقال : خبير بغير لام . ولولا اللام لكانت مفتوحة ، لوقوع العلم عليها . وقرأ أبو السمال أن ربهم بهم يومئذ خبير . والله سبحانه وتعالى أعلم .