[ ص: 309 ] nindex.php?page=treesubj&link=28973قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=273للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم
فيه عشر مسائل :
الأولى : قوله تعالى : ( للفقراء ) اللام متعلقة بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=272وما تنفقوا من خير وقيل : بمحذوف تقديره الإنفاق أو الصدقة للفقراء . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ومجاهد وغيرهما : المراد بهؤلاء الفقراء فقراء المهاجرين من
قريش وغيرهم ، ثم تتناول الآية كل من دخل تحت صفة الفقراء غابر الدهر . وإنما خص فقراء المهاجرين بالذكر لأنه لم يكن هناك سواهم وهم
أهل الصفة وكانوا نحوا من أربعمائة رجل ، وذلك أنهم كانوا يقدمون فقراء على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما لهم أهل ولا مال فبنيت لهم صفة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقيل لهم :
أهل الصفة . قال
أبو ذر :
كنت من أهل الصفة وكنا إذا أمسينا حضرنا باب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأمر كل رجل فينصرف برجل ويبقى من بقي من أهل الصفة عشرة أو أقل فيؤتى النبي صلى الله عليه وسلم بعشائه ونتعشى معه . فإذا فرغنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ناموا في المسجد . وخرج
الترمذي عن
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون قال : نزلت فينا معشر
الأنصار كنا أصحاب نخل ، قال : فكان الرجل يأتي من نخله على قدر كثرته وقلته ، وكان الرجل يأتي بالقنو والقنوين فيعلقه في المسجد ، وكان
أهل الصفة ليس لهم طعام ، فكان أحدهم إذا جاع أتى القنو فيضربه بعصاه فيسقط من البسر والتمر فيأكل ، وكان ناس ممن لا يرغب في الخير يأتي بالقنو فيه الشيص والحشف ، وبالقنو قد انكسر فيعلقه في المسجد ، فأنزل الله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه . قال : ولو أن أحدكم أهدي إليه مثل ما أعطاه لم يأخذه إلا على إغماض وحياء . قال :
[ ص: 310 ] فكنا بعد ذلك يأتي الرجل بصالح ما عنده . قال : هذا حديث حسن غريب صحيح . قال علماؤنا : وكانوا رضي الله عنهم في المسجد ضرورة ، وأكلوا من الصدقة ضرورة ، فلما فتح الله على المسلمين استغنوا عن تلك الحال وخرجوا ثم ملكوا وتأمروا . ثم بين الله سبحانه من أحوال أولئك الفقراء المهاجرين ما يوجب الحنو عليهم بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=273الذين أحصروا في سبيل الله والمعنى حبسوا ومنعوا . قال
قتادة وابن زيد : معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=273أحصروا في سبيل الله حبسوا أنفسهم عن التصرف في معايشهم خوف العدو ، ولهذا قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=273لا يستطيعون ضربا في الأرض لكون البلاد كلها كفرا مطبقا . ، وهذا في صدر الإسلام ، فعلتهم تمنع من الاكتساب بالجهاد ، وإنكار الكفار عليهم إسلامهم يمنع من التصرف في التجارة فبقوا فقراء . وقيل : معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=273لا يستطيعون ضربا في الأرض أي لما قد ألزموا أنفسهم من الجهاد . والأول أظهر . والله أعلم .
الثانية :
nindex.php?page=treesubj&link=28973قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=273يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف أي إنهم من
nindex.php?page=treesubj&link=19649الانقباض وترك المسألة والتوكل على الله بحيث يظنهم الجاهل بهم أغنياء . وفيه دليل على أن اسم
nindex.php?page=treesubj&link=3132الفقر يجوز أن يطلق على من له كسوة ذات قيمة ولا يمنع ذلك من إعطاء الزكاة إليه . وقد أمر الله تعالى بإعطاء هؤلاء القوم ، وكانوا من المهاجرين الذين يقاتلون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرضى ولا عميان . والتعفف تفعل ، وهو بناء مبالغة من عف عن الشيء إذا أمسك عنه وتنزه عن طلبه ، وبهذا المعنى فسر
قتادة وغيره . وفتح السين وكسرها في يحسبهم لغتان . قال
أبو علي : والفتح أقيس ؛ لأن العين من الماضي مكسورة فبابها أن تأتي في المضارع مفتوحة . والقراءة بالكسر حسنة ، لمجيء السمع به وإن كان شاذا عن القياس . و " من " في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=273من التعفف لابتداء الغاية . وقيل لبيان الجنس .
الثالثة : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=273تعرفهم بسيماهم فيه دليل على أن للسيما أثرا في اعتبار من يظهر عليه ذلك ، حتى إذا رأينا ميتا في دار الإسلام وعليه زنار وهو غير مختون لا يدفن في مقابر المسلمين ، ويقدم ذلك على حكم الدار في قول أكثر العلماء ، ومنه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=30ولتعرفنهم في لحن القول . فدلت الآية على جواز
nindex.php?page=treesubj&link=23496_3134صرف الصدقة إلى من له ثياب وكسوة وزي في التجمل . واتفق العلماء على ذلك ، وإن اختلفوا بعده في مقدار ما يأخذه إذا احتاج
فأبو [ ص: 311 ] حنيفة اعتبر مقدار ما تجب فيه الزكاة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي اعتبر قوت سنة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك اعتبر أربعين درهما ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي لا يصرف الزكاة إلى المكتسب .
والسيما ( مقصورة ) : العلامة ، وقد تمد فيقال السيماء . وقد اختلف العلماء في تعيينها هنا ، فقال
مجاهد : هي الخشوع والتواضع .
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : أثر الفاقة والحاجة في وجوههم وقلة النعمة .
ابن زيد : رثاثة ثيابهم . وقال قوم وحكاه
مكي : أثر السجود .
ابن عطية : وهذا حسن ، وذلك لأنهم كانوا متفرغين متوكلين لا شغل لهم في الأغلب إلا الصلاة ، فكان أثر السجود عليهم .
قلت : وهذه السيما التي هي أثر السجود اشترك فيها جميع الصحابة رضوان الله عليهم بإخبار الله تعالى في آخر " الفتح " بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=29سيماهم في وجوههم من أثر السجود فلا فرق بينهم وبين غيرهم ، فلم يبق إلا أن تكون السيماء أثر الخصاصة والحاجة ، أو يكون أثر السجود أكثر ، فكانوا يعرفون بصفرة الوجوه من قيام الليل وصوم النهار . والله أعلم . وأما الخشوع فذلك محله القلب ويشترك فيه الغني والفقير ، فلم يبق إلا ما اخترناه ، والموفق الإله .
الرابعة : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=273لا يسألون الناس إلحافا مصدر في موضع الحال أي ملحفين يقال : ألحف وأحفى وألح في المسألة سواء ويقال ( هو للشاعر
بشار بن برد ) :
الحر يلحى والعصا للعبد وليس للملحف مثل الرد
واشتقاق الإلحاف من اللحاف ، سمي بذلك لاشتماله على وجوه الطلب في المسألة كاشتمال اللحاف من التغطية ، أي هذا السائل يعم الناس بسؤاله فيلحفهم ذلك ، ومنه قول
ابن أحمر :
فظل يحفهن بقفقفيه ويلحفهن هفهافا ثخينا
يصف ذكر النعام يحضن بيضا بجناحيه ويجعل جناحه لها كاللحاف وهو رقيق مع ثخنه . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ومسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831703ليس المسكين الذي ترده [ ص: 312 ] التمرة والتمرتان واللقمة واللقمتان إنما المسكين المتعفف اقرءوا إن شئتم nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=273لا يسألون الناس إلحافا .
الخامسة : واختلف العلماء في معنى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=273لا يسألون الناس إلحافا على قولين ، فقال قوم منهم
الطبري والزجاج : إن المعنى لا يسألون البتة ، وهذا على أنهم متعففون عن المسألة عفة تامة ، وعلى هذا جمهور المفسرين ، ويكون التعفف صفة ثابتة لهم ، أي لا يسألون الناس إلحاحا ولا غير إلحاح . وقال قوم : إن المراد نفي الإلحاف ، أي إنهم يسألون غير إلحاف ، وهذا هو السابق للفهم ، أي يسألون غير ملحفين . وفي هذا تنبيه على سوء حالة من يسأل الناس إلحافا روى الأئمة واللفظ
لمسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية بن أبي سفيان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831704لا تلحفوا في المسألة فوالله لا يسألني أحد منكم شيئا فتخرج له مسألته مني شيئا وأنا له كاره فيبارك له فيما أعطيته . وفي الموطأ عن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار nindex.php?page=hadith&LINKID=831705عن رجل من بني أسد أنه قال : نزلت أنا وأهلي ببقيع الغرقد فقال لي أهلي : اذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسأله لنا شيئا نأكله ، وجعلوا يذكرون من حاجتهم ، فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدت عنده رجلا يسأله ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا أجد ما أعطيك ) فتولى الرجل عنه وهو مغضب وهو يقول : لعمري إنك لتعطي من شئت! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه يغضب علي ألا أجد ما أعطيه من سأل منكم وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافا . قال الأسدي : فقلت للقحة لنا خير من أوقية - قال مالك : والأوقية أربعون درهما - قال : فرجعت ولم أسأله ، فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بشعير وزبيب فقسم لنا منه حتى أغنانا الله . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : هكذا رواه
مالك وتابعه
nindex.php?page=showalam&ids=17241هشام بن سعد وغيره ، وهو حديث صحيح ، وليس حكم الصحابي إذا لم يسم كحكم من دونه إذا لم يسم عند العلماء ، لارتفاع الجرحة عن جميعهم وثبوت العدالة لهم . وهذا الحديث يدل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=25951السؤال مكروه لمن له أوقية من فضة ، فمن سأل وله هذا الحد والعدد والقدر من الفضة أو ما يقوم مقامها ويكون عدلا منها فهو ملحف ، وما علمت أحدا من أهل العلم إلا وهو يكره السؤال لمن له هذا المقدار من الفضة أو عدلها من الذهب على ظاهر هذا الحديث . وما جاءه من غير مسألة فجائز له أن يأكله ، إن كان من غير الزكاة ، وهذا مما لا
[ ص: 313 ] أعلم فيه خلافا ، فإن كان من الزكاة ففيه خلاف يأتي بيانه في آية الصدقات إن شاء الله تعالى .
السادسة : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : من أحسن ما روي من أجوبة الفقهاء في معاني السؤال وكراهيته ومذهب أهل الورع فيه ما حكاه
الأثرم عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل وقد سئل عن المسألة متى تحل قال : إذا لم يكن ما يغذيه ويعشيه على حديث
سهل بن الحنظلية . قيل
لأبي عبد الله : فإن اضطر إلى المسألة ؟ قال : هي مباحة له إذا اضطر . قيل له : فإن تعفف ؟ قال : ذلك خير له . ثم قال : ما أظن أحدا يموت من الجوع! الله يأتيه برزقه . ثم ذكر حديث
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري nindex.php?page=hadith&LINKID=831706من استعف أعفه الله . وحديث
أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : ( تعفف ) . قال
أبو بكر : وسمعته يسأل عن
nindex.php?page=treesubj&link=23988_23991الرجل لا يجد شيئا أيسأل الناس أم يأكل الميتة ؟ فقال : أيأكل الميتة وهو يجد من يسأله ، هذا شنيع . قال : وسمعته يسأله هل يسأل الرجل لغيره ؟ قال لا ، ولكن يعرض ، كما
nindex.php?page=hadith&LINKID=837901قال النبي صلى الله عليه وسلم حين جاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار فقال : ( تصدقوا ) ولم يقل أعطوهم . قال
أبو عمر : قد قال النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=831707اشفعوا تؤجروا . وفيه إطلاق السؤال لغيره . والله أعلم . وقال :
ألا رجل يتصدق على هذا ؟ قال
أبو بكر : قيل له - يعني
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل - فالرجل يذكر الرجل فيقول : إنه محتاج ؟ فقال : هذا تعريض وليس به بأس ، إنما المسألة أن يقول أعطه . ثم قال : لا يعجبني أن يسأل المرء لنفسه فكيف لغيره ؟ والتعريض هنا أحب إلي .
قلت : قد روى
أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي وغيرهما
nindex.php?page=hadith&LINKID=831709أن الفراسي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أسأل يا رسول الله ؟ قال : لا وإن كنت سائلا لا بد فاسأل الصالحين . فأباح صلى الله عليه وسلم سؤال أهل الفضل والصلاح عند الحاجة إلى ذلك ، وإن أوقع حاجته ، بالله فهو أعلى . قال
إبراهيم بن [ ص: 314 ] أدهم : سؤال الحاجات من الناس هي الحجاب بينك وبين الله تعالى ، فأنزل حاجتك بمن يملك الضر والنفع ، وليكن مفزعك إلى الله تعالى يكفيك الله ما سواه وتعيش مسرورا .
السابعة : فإن
nindex.php?page=treesubj&link=23496جاءه شيء من غير سؤال فله أن يقبله ولا يرده ، إذ هو رزق رزقه الله . روى
مالك عن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار nindex.php?page=hadith&LINKID=831710أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إلى عمر بن الخطاب بعطاء فرده ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لم رددته ) ؟ فقال : يا رسول الله ، أليس أخبرتنا أن أحدنا خير له ألا يأخذ شيئا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إنما ذاك عن المسألة فأما ما كان من غير مسألة فإنما هو رزق رزقكه الله ) . فقال
عمر بن الخطاب : والذي نفسي بيده لا أسأل أحدا شيئا ولا يأتيني بشيء من غير مسألة إلا أخذته . وهذا نص . وخرج
مسلم في صحيحه
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي في سننه وغيرهما عن
ابن عمر قال سمعت
عمر يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831711كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء فأقول : أعطه أفقر إليه مني ، حتى أعطاني مرة مالا فقلت : أعطه أفقر إليه مني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذه وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه ومالا فلا تتبعه نفسك . زاد
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي - بعد قوله (
nindex.php?page=hadith&LINKID=831712خذه - فتموله أو تصدق به ) . وروى
مسلم من حديث
عبد الله بن السعدي المالكي عن
عمر فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831713إذا أعطيت شيئا من غير أن تسأل فكل وتصدق . وهذا يصحح لك حديث
مالك المرسل . قال
الأثرم : سمعت
أبا عبد الله أحمد بن حنبل يسأل عن قول النبي صلى الله عليه وسلم : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=831714ما أتاك من غير مسألة ولا إشراف ) أي الإشراف أراد ؟ فقال : أن تستشرفه وتقول : لعله يبعث إلي بقلبك . قيل له : وإن لم يتعرض ، قال نعم إنما هو بالقلب . قيل له : هذا شديد قال : وإن كان شديدا فهو هكذا . قيل له : فإن كان الرجل لم يعودني أن يرسل إلي شيئا إلا أنه قد عرض بقلبي فقلت : عسى أن يبعث إلي . قال : هذا إشراف ، فأما إذا جاءك من غير أن تحتسبه ولا خطر على قلبك فهذا الآن ليس فيه إشراف . قال
أبو عمر : الإشراف في اللغة رفع الرأس إلى المطموع ، عنده والمطموع فيه ، وأن يهش الإنسان ويتعرض . وما قاله
أحمد في تأويل الإشراف تضييق وتشديد وهو عندي بعيد ؛ لأن الله عز وجل تجاوز لهذه الأمة عما حدثت به أنفسها ما لم ينطق به لسان أو تعمله جارحة . وأما ما اعتقده
[ ص: 315 ] القلب من المعاصي ما خلا الكفر فليس بشيء حتى يعمل به ، وخطرات النفس متجاوز عنها بإجماع .
الثامنة :
nindex.php?page=treesubj&link=24715الإلحاح في المسألة والإلحاف فيها مع الغنى عنها حرام لا يحل . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831715من سأل الناس أموالهم تكثرا فإنما يسأل جمرا فليستقل أو ليستكثر رواه
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة خرجه
مسلم . وعن
ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831716لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله وليس في وجهه مزعة لحم رواه
مسلم أيضا .
التاسعة :
nindex.php?page=treesubj&link=24716السائل إذا كان محتاجا فلا بأس أن يكرر المسألة ثلاثا إعذارا وإنذارا والأفضل تركه . فإن كان المسئول يعلم بذلك وهو قادر على ما سأله وجب عليه الإعطاء ، وإن كان جاهلا به فيعطيه مخافة أن يكون صادقا في سؤاله فلا يفلح في رده .
العاشرة : فإن
nindex.php?page=treesubj&link=17464_25950كان محتاجا إلى ما يقيم به سنة كالتجمل بثوب يلبسه في العيد والجمعة فذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : سمعت بجامع الخليفة ببغداد رجلا يقول : هذا أخوكم يحضر الجمعة معكم وليس عنده ثياب يقيم بها سنة الجمعة . فلما كان في الجمعة الأخرى رأيت عليه ثيابا أخر ، فقيل لي : كساه إياها
أبو الطاهر البرسني أخذ الثناء
[ ص: 309 ] nindex.php?page=treesubj&link=28973قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=273لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ
فِيهِ عَشْرُ مَسَائِلَ :
الْأُولَى : قَوْلُهُ تَعَالَى : ( لِلْفُقَرَاءِ ) اللَّامُ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=272وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ وَقِيلَ : بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ الْإِنْفَاقُ أَوِ الصَّدَقَةُ لِلْفُقَرَاءِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ وَمُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُمَا : الْمُرَادُ بِهَؤُلَاءِ الْفُقَرَاءِ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ
قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ ، ثُمَّ تَتَنَاوَلُ الْآيَةُ كُلَّ مَنْ دَخَلَ تَحْتَ صِفَةِ الْفُقَرَاءِ غَابِرَ الدَّهْرِ . وَإِنَّمَا خُصَّ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ سِوَاهُمْ وَهُمْ
أَهْلُ الصُّفَّةِ وَكَانُوا نَحْوًا مِنْ أَرْبَعِمِائَةِ رَجُلٍ ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقْدَمُونَ فُقَرَاءَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَا لَهُمْ أَهْلٌ وَلَا مَالٌ فَبُنِيَتْ لَهُمْ صُفَّةٌ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقِيلَ لَهُمْ :
أَهْلُ الصُّفَّةِ . قَالَ
أَبُو ذَرٍّ :
كُنْتُ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ وَكُنَّا إِذَا أَمْسَيْنَا حَضَرْنَا بَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَأْمُرُ كُلَّ رَجُلٍ فَيَنْصَرِفُ بِرَجُلٍ وَيَبْقَى مَنْ بَقِيَ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ عَشَرَةٌ أَوْ أَقَلُّ فَيُؤْتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَشَائِهِ وَنَتَعَشَّى مَعَهُ . فَإِذَا فَرَغْنَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نَامُوا فِي الْمَسْجِدِ . وَخَرَّجَ
التِّرْمِذِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=48الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ قَالَ : نَزَلَتْ فِينَا مَعْشَرَ
الْأَنْصَارِ كُنَّا أَصْحَابَ نَخْلٍ ، قَالَ : فَكَانَ الرَّجُلُ يَأْتِي مِنْ نَخْلِهِ عَلَى قَدْرِ كَثْرَتِهِ وَقِلَّتِهِ ، وَكَانَ الرَّجُلُ يَأْتِي بِالْقِنْوِ وَالْقِنْوَيْنِ فَيُعَلِّقُهُ فِي الْمَسْجِدِ ، وَكَانَ
أَهْلُ الصُّفَّةِ لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ ، فَكَانَ أَحَدُهُمْ إِذَا جَاعَ أَتَى الْقِنْوَ فَيَضْرِبُهُ بِعَصَاهُ فَيَسْقُطُ مِنَ الْبُسْرِ وَالتَّمْرِ فَيَأْكُلُ ، وَكَانَ نَاسٌ مِمَّنْ لَا يَرْغَبُ فِي الْخَيْرِ يَأْتِي بِالْقِنْوِ فِيهِ الشِّيصُ وَالْحَشَفُ ، وَبِالْقِنْوِ قَدِ انْكَسَرَ فَيُعَلِّقُهُ فِي الْمَسْجِدِ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ . قَالَ : وَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أُهْدِيَ إِلَيْهِ مِثْلُ مَا أَعْطَاهُ لَمْ يَأْخُذْهُ إِلَّا عَلَى إِغْمَاضٍ وَحَيَاءٍ . قَالَ :
[ ص: 310 ] فَكُنَّا بَعْدَ ذَلِكَ يَأْتِي الرَّجُلُ بِصَالِحِ مَا عِنْدَهُ . قَالَ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ . قَالَ عُلَمَاؤُنَا : وَكَانُوا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي الْمَسْجِدِ ضَرُورَةً ، وَأَكَلُوا مِنَ الصَّدَقَةِ ضَرُورَةً ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ اسْتَغْنَوْا عَنْ تِلْكَ الْحَالِ وَخَرَجُوا ثُمَّ مَلَكُوا وَتَأَمَّرُوا . ثُمَّ بَيَّنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنْ أَحْوَالِ أُولَئِكَ الْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ مَا يُوجِبُ الْحُنُوَّ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=273الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَعْنَى حُبِسُوا وَمُنِعُوا . قَالَ
قَتَادَةُ وَابْنُ زَيْدٍ : مَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=273أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ عَنِ التَّصَرُّفِ فِي مَعَايِشِهِمْ خَوْفَ الْعَدُوِّ ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=273لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ لِكَوْنِ الْبِلَادِ كُلِّهَا كُفْرًا مُطْبِقًا . ، وَهَذَا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ ، فَعِلَّتُهُمْ تَمْنَعُ مِنَ الِاكْتِسَابِ بِالْجِهَادِ ، وَإِنْكَارُ الْكُفَّارِ عَلَيْهِمْ إِسْلَامَهُمْ يَمْنَعُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي التِّجَارَةِ فَبَقُوا فُقَرَاءَ . وَقِيلَ : مَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=273لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ أَيْ لِمَا قَدْ أَلْزَمُوا أَنْفُسَهُمْ مِنَ الْجِهَادِ . وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
الثَّانِيَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28973قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=273يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ أَيْ إِنَّهُمْ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=19649الِانْقِبَاضِ وَتَرْكِ الْمَسْأَلَةِ وَالتَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ بِحَيْثُ يَظُنُّهُمُ الْجَاهِلُ بِهِمْ أَغْنِيَاءَ . وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اسْمَ
nindex.php?page=treesubj&link=3132الْفَقْرِ يَجُوزُ أَنْ يُطْلَقَ عَلَى مَنْ لَهُ كِسْوَةٌ ذَاتُ قِيمَةٍ وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ إِعْطَاءِ الزَّكَاةِ إِلَيْهِ . وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِإِعْطَاءِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ ، وَكَانُوا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ مَرْضَى وَلَا عُمْيَانَ . وَالتَّعَفُّفُ تَفَعُّلٌ ، وَهُوَ بِنَاءُ مُبَالَغَةٍ مِنْ عَفَّ عَنِ الشَّيْءِ إِذَا أَمْسَكَ عَنْهُ وَتَنَزَّهَ عَنْ طَلَبِهِ ، وَبِهَذَا الْمَعْنَى فَسَّرَ
قَتَادَةُ وَغَيْرُهُ . وَفَتْحُ السِّينِ وَكَسْرُهَا فِي يَحْسَبُهُمْ لُغَتَانِ . قَالَ
أَبُو عَلِيٍّ : وَالْفَتْحُ أَقْيَسُ ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ مِنَ الْمَاضِي مَكْسُورَةٌ فَبَابُهَا أَنْ تَأْتِيَ فِي الْمُضَارِعِ مَفْتُوحَةً . وَالْقِرَاءَةُ بِالْكَسْرِ حَسَنَةٌ ، لِمَجِيءِ السَّمْعِ بِهِ وَإِنْ كَانَ شَاذًّا عَنِ الْقِيَاسِ . وَ " مِنْ " فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=273مِنَ التَّعَفُّفِ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ . وَقِيلَ لِبَيَانِ الْجِنْسِ .
الثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=273تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلسِّيمَا أَثَرًا فِي اعْتِبَارِ مَنْ يَظْهَرُ عَلَيْهِ ذَلِكَ ، حَتَّى إِذَا رَأَيْنَا مَيِّتًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَعَلَيْهِ زُنَّارٌ وَهُوَ غَيْرُ مَخْتُونٍ لَا يُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ ، وَيُقَدَّمُ ذَلِكَ عَلَى حُكْمِ الدَّارِ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=30وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ . فَدَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى جَوَازِ
nindex.php?page=treesubj&link=23496_3134صَرْفِ الصَّدَقَةِ إِلَى مَنْ لَهُ ثِيَابٌ وَكِسْوَةٌ وَزِيٌّ فِي التَّجَمُّلِ . وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى ذَلِكَ ، وَإِنِ اخْتَلَفُوا بَعْدَهُ فِي مِقْدَارِ مَا يَأْخُذُهُ إِذَا احْتَاجَ
فَأَبُو [ ص: 311 ] حَنِيفَةَ اعْتَبَرَ مِقْدَارَ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ اعْتَبَرَ قُوتَ سَنَةٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867وَمَالِكٌ اعْتَبَرَ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ لَا يَصْرِفُ الزَّكَاةَ إِلَى الْمُكْتَسِبِ .
وَالسِّيمَا ( مَقْصُورَةٌ ) : الْعَلَامَةُ ، وَقَدْ تُمَدُّ فَيُقَالُ السِّيمَاءُ . وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَعْيِينِهَا هُنَا ، فَقَالَ
مُجَاهِدٌ : هِيَ الْخُشُوعُ وَالتَّوَاضُعُ .
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : أَثَرُ الْفَاقَةِ وَالْحَاجَةِ فِي وُجُوهِهِمْ وَقِلَّةِ النِّعْمَةِ .
ابْنُ زَيْدٍ : رَثَاثَةُ ثِيَابِهِمْ . وَقَالَ قَوْمٌ وَحَكَاهُ
مَكِّيٌّ : أَثَرُ السُّجُودِ .
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَهَذَا حَسَنٌ ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُتَفَرِّغِينَ مُتَوَكِّلِينَ لَا شُغْلَ لَهُمْ فِي الْأَغْلَبِ إِلَّا الصَّلَاةُ ، فَكَانَ أَثَرُ السُّجُودِ عَلَيْهِمْ .
قُلْتُ : وَهَذِهِ السِّيمَا الَّتِي هِيَ أَثَرُ السُّجُودِ اشْتَرَكَ فِيهَا جَمِيعُ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بِإِخْبَارِ اللَّهِ تَعَالَى فِي آخِرِ " الْفَتْحِ " بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=29سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ غَيْرِهِمْ ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ السِّيمَاءُ أَثَرَ الْخَصَاصَةِ وَالْحَاجَةِ ، أَوْ يَكُونَ أَثَرُ السُّجُودِ أَكْثَرَ ، فَكَانُوا يُعْرَفُونَ بِصُفْرَةِ الْوُجُوهِ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ وَصَوْمِ النَّهَارِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَأَمَّا الْخُشُوعُ فَذَلِكَ مَحَلُّهُ الْقَلْبُ وَيَشْتَرِكُ فِيهِ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا مَا اخْتَرْنَاهُ ، وَالْمُوَفِّقُ الْإِلَهُ .
الرَّابِعَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=273لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا مَصْدَرٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ أَيْ مُلْحِفِينَ يُقَالُ : أَلْحَفَ وَأَحْفَى وَأَلَحَّ فِي الْمَسْأَلَةِ سَوَاءٌ وَيُقَالُ ( هُوَ لِلشَّاعِرِ
بَشَّارِ بْنِ بُرْدٍ ) :
الْحُرُّ يَلْحَى وَالْعَصَا لِلْعَبْدِ وَلَيْسَ لِلْمُلْحِفِ مِثْلُ الرَّدِّ
وَاشْتِقَاقُ الْإِلْحَافِ مِنَ اللِّحَافِ ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى وُجُوهِ الطَّلَبِ فِي الْمَسْأَلَةِ كَاشْتِمَالِ اللِّحَافِ مِنَ التَّغْطِيَةِ ، أَيْ هَذَا السَّائِلُ يَعُمُّ النَّاسَ بِسُؤَالِهِ فَيُلْحِفُهُمْ ذَلِكَ ، وَمِنْهُ قَوْلُ
ابْنِ أَحْمَرَ :
فَظَلَّ يَحُفُّهُنَّ بِقَفْقَفَيْهِ وَيَلْحَفُهُنَّ هَفْهَافًا ثَخِينَا
يَصِفُ ذَكَرَ النَّعَامِ يَحْضُنُ بِيضًا بِجَنَاحَيْهِ وَيَجْعَلُ جَنَاحَهُ لَهَا كَاللِّحَافِ وَهُوَ رَقِيقٌ مَعَ ثَخْنِهِ . وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831703لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ [ ص: 312 ] التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ وَاللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ إِنَّمَا الْمِسْكِينُ الْمُتَعَفِّفُ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=273لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا .
الْخَامِسَةُ : وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=273لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا عَلَى قَوْلَيْنِ ، فَقَالَ قَوْمٌ مِنْهُمُ
الطَّبَرِيُّ وَالزَّجَّاجُ : إِنَّ الْمَعْنَى لَا يَسْأَلُونَ الْبَتَّةَ ، وَهَذَا عَلَى أَنَّهُمْ مُتَعَفِّفُونَ عَنِ الْمَسْأَلَةِ عِفَّةً تَامَّةً ، وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ ، وَيَكُونُ التَّعَفُّفُ صِفَةً ثَابِتَةً لَهُمْ ، أَيْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَاحًا وَلَا غَيْرَ إِلْحَاحٍ . وَقَالَ قَوْمٌ : إِنَّ الْمُرَادَ نَفْيُ الْإِلْحَافِ ، أَيْ إِنَّهُمْ يَسْأَلُونَ غَيْرَ إِلْحَافٍ ، وَهَذَا هُوَ السَّابِقُ لِلْفَهْمِ ، أَيْ يَسْأَلُونَ غَيْرَ مُلْحِفِينَ . وَفِي هَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى سُوءِ حَالَةِ مَنْ يَسْأَلُ النَّاسَ إِلْحَافًا رَوَى الْأَئِمَّةُ وَاللَّفْظُ
لِمُسْلِمٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=33مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831704لَا تُلْحِفُوا فِي الْمَسْأَلَةِ فَوَاللَّهِ لَا يَسْأَلُنِي أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا فَتُخْرِجُ لَهُ مَسْأَلَتُهُ مِنِّي شَيْئًا وَأَنَا لَهُ كَارِهٌ فَيُبَارَكُ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتُهُ . وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15944زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16572عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=831705عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ أَنَّهُ قَالَ : نَزَلْتُ أَنَا وَأَهْلِي بِبَقِيعِ الْغَرْقَدِ فَقَالَ لِي أَهْلِي : اذْهَبْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْأَلْهُ لَنَا شَيْئًا نَأْكُلُهُ ، وَجَعَلُوا يَذْكُرُونَ مِنْ حَاجَتِهِمْ ، فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدْتُ عِنْدَهُ رَجُلًا يَسْأَلُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( لَا أَجِدُ مَا أُعْطِيكَ ) فَتَوَلَّى الرَّجُلُ عَنْهُ وَهُوَ مُغْضَبٌ وَهُوَ يَقُولُ : لَعَمْرِي إِنَّكَ لَتُعْطِي مَنْ شِئْتَ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّهُ يَغْضَبُ عَلَيَّ أَلَّا أَجِدَ مَا أُعْطِيهِ مَنْ سَأَلَ مِنْكُمْ وَلَهُ أُوقِيَّةٌ أَوْ عِدْلُهَا فَقَدْ سَأَلَ إِلْحَافًا . قَالَ الْأَسَدِيُّ : فَقُلْتُ لَلَقْحَةٌ لَنَا خَيْرٌ مِنْ أُوقِيَّةٍ - قَالَ مَالِكٌ : وَالْأُوقِيَّةُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا - قَالَ : فَرَجَعْتُ وَلَمْ أَسْأَلْهُ ، فَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ بِشَعِيرٍ وَزَبِيبٍ فَقَسَمَ لَنَا مِنْهُ حَتَّى أَغْنَانَا اللَّهُ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : هَكَذَا رَوَاهُ
مَالِكٌ وَتَابَعَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17241هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُ ، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ ، وَلَيْسَ حُكْمُ الصَّحَابِيِّ إِذَا لَمْ يُسَمَّ كَحُكْمِ مَنْ دُونَهُ إِذَا لَمْ يُسَمَّ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ ، لِارْتِفَاعِ الْجُرْحَةِ عَنْ جَمِيعِهِمْ وَثُبُوتِ الْعَدَالَةِ لَهُمْ . وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=25951السُّؤَالَ مَكْرُوهٌ لِمَنْ لَهُ أُوقِيَّةٌ مِنْ فِضَّةٍ ، فَمَنْ سَأَلَ وَلَهُ هَذَا الْحَدُّ وَالْعَدَدُ وَالْقَدْرُ مِنَ الْفِضَّةِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا وَيَكُونُ عِدْلًا مِنْهَا فَهُوَ مُلْحِفٌ ، وَمَا عَلِمْتُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَّا وَهُوَ يَكْرَهُ السُّؤَالَ لِمَنْ لَهُ هَذَا الْمِقْدَارُ مِنَ الْفِضَّةِ أَوْ عِدْلُهَا مِنَ الذَّهَبِ عَلَى ظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ . وَمَا جَاءَهُ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ فَجَائِزٌ لَهُ أَنْ يَأْكُلَهُ ، إِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الزَّكَاةِ ، وَهَذَا مِمَّا لَا
[ ص: 313 ] أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا ، فَإِنْ كَانَ مِنَ الزَّكَاةِ فَفِيهِ خِلَافٌ يَأْتِي بَيَانُهُ فِي آيَةِ الصَّدَقَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
السَّادِسَةُ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : مِنْ أَحْسَنِ مَا رُوِيَ مِنْ أَجْوِبَةِ الْفُقَهَاءِ فِي مَعَانِي السُّؤَالِ وَكَرَاهِيَتِهِ وَمَذْهَبِ أَهْلِ الْوَرَعِ فِيهِ مَا حَكَاهُ
الْأَثْرَمُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الْمَسْأَلَةِ مَتَى تَحِلُّ قَالَ : إِذَا لَمْ يَكُنْ مَا يُغَذِّيهِ وَيُعَشِّيهِ عَلَى حَدِيثِ
سَهْلِ بْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ . قِيلَ
لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ : فَإِنِ اضْطُرَّ إِلَى الْمَسْأَلَةِ ؟ قَالَ : هِيَ مُبَاحَةٌ لَهُ إِذَا اضْطُرَّ . قِيلَ لَهُ : فَإِنْ تَعَفَّفَ ؟ قَالَ : ذَلِكَ خَيْرٌ لَهُ . ثُمَّ قَالَ : مَا أَظُنُّ أَحَدًا يَمُوتُ مِنَ الْجُوعِ! اللَّهُ يَأْتِيهِ بِرِزْقِهِ . ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ nindex.php?page=hadith&LINKID=831706مَنِ اسْتَعَفَّ أَعَفَّهُ اللَّهُ . وَحَدِيثَ
أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ : ( تَعَفَّفْ ) . قَالَ
أَبُو بَكْرٍ : وَسَمِعْتُهُ يَسْأَلُ عَنِ
nindex.php?page=treesubj&link=23988_23991الرَّجُلِ لَا يَجِدُ شَيْئًا أَيَسْأَلُ النَّاسَ أَمْ يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ ؟ فَقَالَ : أَيَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَهُوَ يَجِدُ مَنْ يَسْأَلُهُ ، هَذَا شَنِيعٌ . قَالَ : وَسَمِعْتُهُ يَسْأَلُهُ هَلْ يَسْأَلُ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ ؟ قَالَ لَا ، وَلَكِنْ يُعَرِّضُ ، كَمَا
nindex.php?page=hadith&LINKID=837901قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ فَقَالَ : ( تَصَدَّقُوا ) وَلَمْ يَقُلْ أَعْطُوهُمْ . قَالَ
أَبُو عُمَرَ : قَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=831707اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا . وَفِيهِ إِطْلَاقُ السُّؤَالِ لِغَيْرِهِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَقَالَ :
أَلَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا ؟ قَالَ
أَبُو بَكْرٍ : قِيلَ لَهُ - يَعْنِي
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ - فَالرَّجُلُ يَذْكُرُ الرَّجُلَ فَيَقُولُ : إِنَّهُ مُحْتَاجٌ ؟ فَقَالَ : هَذَا تَعْرِيضٌ وَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ ، إِنَّمَا الْمَسْأَلَةُ أَنْ يَقُولَ أَعْطِهِ . ثُمَّ قَالَ : لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَسْأَلَ الْمَرْءُ لِنَفْسِهِ فَكَيْفَ لِغَيْرِهِ ؟ وَالتَّعْرِيضُ هُنَا أَحَبُّ إِلَيَّ .
قُلْتُ : قَدْ رَوَى
أَبُو دَاوُدَ nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا
nindex.php?page=hadith&LINKID=831709أَنَّ الْفِرَاسِيَّ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَسْأَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : لَا وَإِنْ كُنْتَ سَائِلًا لَا بُدَّ فَاسْأَلِ الصَّالِحِينَ . فَأَبَاحَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُؤَالَ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالصَّلَاحِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَى ذَلِكَ ، وَإِنْ أَوْقَعَ حَاجَتَهُ ، بِاللَّهِ فَهُوَ أَعْلَى . قَالَ
إِبْرَاهِيمُ بْنُ [ ص: 314 ] أَدْهَمَ : سُؤَالُ الْحَاجَاتِ مِنَ النَّاسِ هِيَ الْحِجَابُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى ، فَأَنْزِلْ حَاجَتَكَ بِمَنْ يَمْلِكُ الضُّرَّ وَالنَّفْعَ ، وَلْيَكُنْ مَفْزَعُكَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى يَكْفِيكَ اللَّهُ مَا سِوَاهُ وَتَعِيشُ مَسْرُورًا .
السَّابِعَةُ : فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=23496جَاءَهُ شَيْءٌ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ فَلَهُ أَنْ يَقْبَلَهُ وَلَا يَرُدَّهُ ، إِذْ هُوَ رِزْقٌ رَزَقَهُ اللَّهُ . رَوَى
مَالِكٌ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15944زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16572عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=831710أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِعَطَاءٍ فَرَدَّهُ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لِمَ رَدَدْتَهُ ) ؟ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلَيْسَ أَخْبَرْتَنَا أَنَّ أَحَدَنَا خَيْرٌ لَهُ أَلَّا يَأْخُذَ شَيْئًا ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّمَا ذَاكَ عَنِ الْمَسْأَلَةِ فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ رَزَقَكَهُ اللَّهُ ) . فَقَالَ
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا أَسْأَلُ أَحَدًا شَيْئًا وَلَا يَأْتِينِي بِشَيْءٍ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ إِلَّا أَخَذْتُهُ . وَهَذَا نَصٌّ . وَخَرَّجَ
مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ وَغَيْرُهُمَا عَنِ
ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ
عُمَرَ يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831711كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِينِي الْعَطَاءَ فَأَقُولُ : أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي ، حَتَّى أَعْطَانِي مَرَّةً مَالًا فَقُلْتُ : أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : خُذْهُ وَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلَا سَائِلٍ فَخُذْهُ وَمَالَا فَلَا تُتْبِعُهُ نَفْسَكَ . زَادَ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ - بَعْدَ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=hadith&LINKID=831712خُذْهُ - فَتَمَوَّلْهُ أَوْ تَصَدَّقْ بِهِ ) . وَرَوَى
مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّعْدِيِّ الْمَالِكِيِّ عَنْ
عُمَرَ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831713إِذَا أُعْطِيتَ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَسْأَلَ فَكُلْ وَتَصَدَّقْ . وَهَذَا يُصَحِّحُ لَكَ حَدِيثَ
مَالِكٍ الْمُرْسَلَ . قَالَ
الْأَثْرَمُ : سَمِعْتُ
أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَسْأَلُ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=831714مَا أَتَاكَ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ وَلَا إِشْرَافٍ ) أَيُّ الْإِشْرَافِ أَرَادَ ؟ فَقَالَ : أَنْ تَسْتَشْرِفَهُ وَتَقُولَ : لَعَلَّهُ يُبْعَثُ إِلَيَّ بِقَلْبِكَ . قِيلَ لَهُ : وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ ، قَالَ نَعَمْ إِنَّمَا هُوَ بِالْقَلْبِ . قِيلَ لَهُ : هَذَا شَدِيدٌ قَالَ : وَإِنْ كَانَ شَدِيدًا فَهُوَ هَكَذَا . قِيلَ لَهُ : فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَمْ يُعَوِّدْنِي أَنْ يُرْسِلَ إِلَيَّ شَيْئًا إِلَّا أَنَّهُ قَدْ عَرَضَ بِقَلْبِي فَقُلْتُ : عَسَى أَنْ يَبْعَثَ إِلَيَّ . قَالَ : هَذَا إِشْرَافٌ ، فَأَمَّا إِذَا جَاءَكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَحْتَسِبَهُ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِكَ فَهَذَا الْآنَ لَيْسَ فِيهِ إِشْرَافٌ . قَالَ
أَبُو عُمَرَ : الْإِشْرَافُ فِي اللُّغَةِ رَفْعُ الرَّأْسِ إِلَى الْمَطْمُوعِ ، عِنْدَهُ وَالْمَطْمُوعِ فِيهِ ، وَأَنْ يَهَشَّ الْإِنْسَانُ وَيَتَعَرَّضَ . وَمَا قَالَهُ
أَحْمَدُ فِي تَأْوِيلِ الْإِشْرَافِ تَضْيِيقٌ وَتَشْدِيدٌ وَهُوَ عِنْدِي بَعِيدٌ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ تَجَاوَزَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ يَنْطِقْ بِهِ لِسَانٌ أَوْ تَعْمَلْهُ جَارِحَةٌ . وَأَمَّا مَا اعْتَقَدَهُ
[ ص: 315 ] الْقَلْبُ مِنَ الْمَعَاصِي مَا خَلَا الْكُفْرَ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ حَتَّى يَعْمَلَ بِهِ ، وَخَطِرَاتُ النَّفْسِ مُتَجَاوَزٌ عَنْهَا بِإِجْمَاعٍ .
الثَّامِنَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=24715الْإِلْحَاحُ فِي الْمَسْأَلَةِ وَالْإِلْحَافُ فِيهَا مَعَ الْغِنَى عَنْهَا حَرَامٌ لَا يَحِلُّ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831715مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ خَرَّجَهُ
مُسْلِمٌ . وَعَنِ
ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831716لَا تَزَالُ الْمَسْأَلَةُ بِأَحَدِكُمْ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ رَوَاهُ
مُسْلِمٌ أَيْضًا .
التَّاسِعَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=24716السَّائِلُ إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا فَلَا بَأْسَ أَنْ يُكَرِّرَ الْمَسْأَلَةَ ثَلَاثًا إِعْذَارًا وَإِنْذَارًا وَالْأَفْضَلُ تَرْكُهُ . فَإِنْ كَانَ الْمَسْئُولُ يَعْلَمُ بِذَلِكَ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى مَا سَأَلَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِعْطَاءُ ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِهِ فَيُعْطِيهِ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ صَادِقًا فِي سُؤَالِهِ فَلَا يُفْلِحُ فِي رَدِّهِ .
الْعَاشِرَةُ : فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=17464_25950كَانَ مُحْتَاجًا إِلَى مَا يُقِيمُ بِهِ سُنَّةً كَالتَّجَمُّلِ بِثَوْبٍ يَلْبَسُهُ فِي الْعِيدِ وَالْجُمُعَةِ فَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ : سَمِعْتُ بِجَامِعِ الْخَلِيفَةِ بِبَغْدَادَ رَجُلًا يَقُولُ : هَذَا أَخُوكُمْ يَحْضُرُ الْجُمُعَةَ مَعَكُمْ وَلَيْسَ عِنْدَهُ ثِيَابٌ يُقِيمُ بِهَا سُنَّةَ الْجُمُعَةِ . فَلَمَّا كَانَ فِي الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى رَأَيْتُ عَلَيْهِ ثِيَابًا أُخَرَ ، فَقِيلَ لِي : كَسَاهُ إِيَّاهَا
أَبُو الطَّاهِرِ الْبَرْسَنِيُّ أَخْذَ الثَّنَاءِ