بدت مثل قرن الشمس في رونق الضحى وصورتها أو أنت في العين أملح
وقد جاء أو بمعنى الواو في قوله :
من بين ملجم مهره أو سافع
وقوله :
صدور رماح أشرعت أو سلاسل
يريد : وشافع ، وسلاسل .
وقد قيل في ذلك : في قوله : " خطيئة أو إثما " ، أن المعنى : وإنما ، فيحتمل أن تخرج هذه القراءة الشاذة على أن تكون أو بمعنى الواو ، كأنه قيل : وكلما عاهدوا عهدا . وقرأ الحسن وأبو رجاء : أوكلما عوهدوا على البناء للمفعول ، وهي قراءة تخالف رسم المصحف . وانتصاب عهدا على أنه مصدر على غير المصدر ، أي معاهدة ، أو على أنه مفعول على تضمين عاهد معنى : أعطى ، أي أعطوا عهدا . وقرئ : عهدوا ، فيكون عهدا مصدرا ، وقد تقدم ما المراد بالعهد في سبب النزول ، فأغنى عن إعادته .
( نبذه ) : طرحه ، أو نقضه ، أو ترك العمل به ، أو اعتزله ، أو رماه . أقوال خمسة ، وهي متقاربة المعنى . ونسبة النبذ إلى العهد مجاز ؛ لأن العهد معنى ، والنبذ حقيقة ، إنما هو في المتجسدات : ( فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم ) ، ( إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا ) ، فنبذ خاتمه ، فنبذ الناس خواتيمهم ، ( لنبذ بالعراء ) .
( فريق منهم ) : الفريق اسم جنس لا واحد له ، يقع على القليل والكثير . وقرأ عبد الله : نقضه فريق منهم ، وهي قراءة تخالف سواد المصحف ، فالأولى حملها على التفسير .
( بل أكثرهم لا يؤمنون ) : يحتمل أن يكون من باب عطف الجمل ، وهو الظاهر ، فيكون أكثرهم مبتدأ ، ولا يؤمنون خبرا عنه ، والضمير في أكثرهم عائد على من عاد عليه الضمير في عاهدوا ، وهم اليهود . ومعنى هذا الإضراب هو : انتقال من خبر إلى خبر ، ويكون الأكثر على هذا واقعا على ما يقع عليه الفريق ، كأنه أعم ؛ لأن من نبذ العهد مندرج تحت من لم يؤمن ، فكأنه قال : بل الفريق الذي نبذ العهد ، وغير ذلك الفريق محكوم عليه بأنه لا يؤمن . وقيل : يحتمل أن يكون من باب عطف المفردات ، ويكون أكثرهم معطوفا على فريق ، أي نبذه فريق منهم ، بل أكثرهم ، يكون قوله : لا يؤمنون ، جملة حالية ، العامل فيها نبذه ، وصاحب الحال هو أكثرهم . ولما كان الفريق ينطلق على القليل والكثير ، وأسند النبذ إليه ، كان فيما يتبادر إليه الذهن أنه يحتمل أن يكون النابذون قليلا ، فبين أن النابذين هم الأكثر ، وصار ذكر الأكثر دليلا على أن الفريق هنا لا يراد به اليسير منهم ، فكان هذا إضرابا عما يحتمله لفظ الفريق من دلالته على القليل . والضمير في " أكثرهم " عائد على الفريق ، أو على جميع بني إسرائيل . وعلى كلا الاحتمالين ، ذكر الأكثر محكوما عليه بالنبذ ، أو بعدم الإيمان ؛ لأن بعضهم آمن ، ومن آمن فما نبذ العهد . وأجمع المسلمون على أن من ، فهو كافر . كفر بآية من كتاب الله ، أو نقض عهد الله الذي أخذه على عباده في كتبه