لقد وقعت على لحم
أي لحم منيع ، وأنه ليس من أهلك ، أي من أهلك الناجين ؛ لأنه معلوم أن كلا منهم على شيء ، أو يكون ذلك نفيا على سبيل المبالغة العظيمة ، إذ جعل ما هما عليه ، وإن كان شيئا كلا شيء . هذا والشيء يطلق عند بعضهم على المعدوم والمستحيل ، فإذا نفي إطلاق اسم الشيء على ما هم عليه ، كان ذلك مبالغة في عدم الاعتداد به ، وصار كقولهم أقل من لا شيء .
( وهم يتلون الكتاب ) : جملة حالية ، أي وهم عالمون بما في كتبهم ، تالون له . وهذا نعي عليهم في مقالتهم تلك ، إذ الكتاب ناطق بخلاف ما يقولونه ، شاهدة توراتهم ببشارة عيسى ومحمد - عليهما الصلاة والسلام - وصحة نبوتهما . وإنجيلهم شاهد بصحة نبوة موسى ومحمد - صلى الله عليه وسلم - إذ كتب الله يصدق بعضها بعضا . وفي هذا تنبيه لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - في أن من كان عالما بالقرآن ، يكون واقفا عنده ، عاملا بما فيه ، قائلا بما تضمنه ، لا أن يخالف قوله ما هو شاهد على مخالفته منه ، فيكون في ذلك كاليهود والنصارى . والكتاب هنا قيل : هو التوراة والإنجيل . وقيل : التوراة ؛ لأن النصارى تمثلها .