هاد : ألفه منقلبة عن واو ، والمضارع يهود ، ومعناه : تاب ، أو عن ياء والمضارع يهيد : إذا تحرك . والأولى الأول لقوله تعالى : ( إنا هدنا إليك ) . وسيأتي الكلام على لفظة اليهود حيث انتهينا إليها في القرآن ، إن شاء الله تعالى . والنصارى : جمع نصران ونصرانة ، مثل ندمان وندمانة . قال وأنشد : سيبويه
وكلتاهما خرت وأسجد رأسها كما سجدت نصرانة لم تحنف
وأنشد : الطبري
يظل إذا دار العشي محنفا ويضحى لديه وهو نصران شامس
منع ( نصرانا ) الصرف ضرورة ، وهو مصروف ; لأن مؤنثه على نصرانة . قال : إلا أنه لا يستعمل [ ص: 239 ] في الكلام إلا بياء النسب ، فيكون : كلحيان ولحياني وكأحمري . وقال سيبويه الخليل : واحد النصارى نصري ، كمهري ومهارى . قيل : وهو منسوب إلى نصرة ، قرية نزل بها عيسى . وقال قتادة : نسبوا إلى ناصرة ، وهي قرية نزلوها . فعلى هذا يكون من تغييرات النسب .
والصابئين : الصائبون ، قيل : الخارجون من دين مشهور إلى غيره ، من صبوء السن والنجم ، يقال : صبأت النجوم : طلعت ، وصبأت ثنية الغلام : خرجت ، وصبأت على القوم بمعنى : طرأت ، قال :
إذا صبأت هوادي الخيل عنا حسبت بنحرها شرق البعير
ومن قرأ بغير همز فسنتكلم على قراءته . قال الحسن والسدي : هم بين اليهود والمجوس . وقال قتادة والكلبي : هم بين اليهود والنصارى ، يحلقون أوساط رءوسهم ويجبون مذاكيرهم . وقال الخليل : هم أشباه النصارى ، قبلتهم مهب الجنوب ، يقرون بنوح ، ويقرءون الزبور ، ويعبدون الملائكة . وقال عبد العزيز بن يحيى : لا عين منهم ولا أثر . وقال المغربي ، عن الصابي صاحب الرسائل : هم قريب من المعتزلة ، يقولون بتدبير الكواكب . وقال مجاهد : هم قوم لا دين لهم ، ليسوا بيهود ولا نصارى . قال : قوم تركب دينهم بين اليهودية والمجوسية ، لا تؤكل ذبائحهم . وقال ابن أبي نجيح ابن زيد : قوم يقولون لا إله إلا الله ، وليس لهم عمل ولا كتاب ، كانوا بالجزيرة والموصل . وروي عن الحسن وقتادة أيضا أنهم قوم يعبدون الملائكة ، ويصلون الخمس للقبلة ، ويقرءون الزبور ، رآهم ، فأراد وضع الجزية عنهم حتى عرف أنهم يعبدون الملائكة . وقال زياد بن أبي سفيان : هم قوم من ابن عباس اليهود والنصارى ، لا تحل مناكحتهم ولا تؤكل ذبائحهم . وقال أبو العالية : قوم من أهل الكتاب ، ذبائحهم كذبائح أهل الكتاب ، يقرءون الزبور ، ويخالفونهم في بقية أفعالهم . وقال الحسن والحكم : قوم كالمجوس . وقيل : قوم موحدون يعتقدون تأثير النجوم ، وأنها فعالة .
وأفتى القادر بالله حين سأله عنهم بكفرهم . وقيل : قوم يعبدون الكواكب ، ثم لهم قولان ، أحدهما : أن خالق العالم هو الله ، إلا أنه أمر بتعظيم الكواكب واتخاذها قبلة للصلاة والتعظيم والدعاء . الثاني : أنه تعالى خلق الأفلاك والكواكب ، ثم إن الكواكب هي المدبرة لما في هذا العالم من الخير والشر والصحة والمرض ، فيجب على البشر تعظيمها لأنها هي الآلهة المدبرة لهذا العالم ، ثم إنها تعبد الله ، وهذا المذهب هو المنسوب للذين جاءهم أبو سعيد الإصطخري إبراهيم عليه السلام رادا عليهم .
الأجر : مصدر أجر يأجر ، ويطلق على المأجور به ، وهو الثواب . والأجور : جبر كسر معوج ، والإجار : السطح ، قال الشاعر :
تبدو هواديها من الغبار كالجيش الصف على الإجار
الرفع : معروف ، وهو أعلى الشيء ، والفعل منه رفع يرفع . الطور : اسم لكل جبل ، قال مجاهد وعكرمة وقتادة . أو الجبل المنبت دون غير المنبت ، قاله ابن عباس والضحاك ، أو الجبل الذي ناجى الله عليه موسى - على نبينا وعليه الصلاة والسلام . وقال العجاج :
داني جناحيه من الطور فمر تقضى البازي إذا البازي كسر
وقال آخر :
وإن تر سلمى الجن يستأنسوا بها وإن ير سلمى صاحب الطور ينزل
وأصله الناحية ، ومنه طوار الدار . وقال مجاهد : هو جنس الجبل بالسريانية .
القوة : الشدة ، وهي مصدر قوي يقوى ، وطيئ تقول : قوى ، يفتحون العين والياء مفتوحة فتنقلب ألفا ، يقولون في بقي : بقى ، وفي زهي : زها ، وقد يوجد ذلك في لغة غيرهم . قال علقمة بن عبدة التميمي :
[ ص: 240 ]
زها الشوق حتى ظل إنسان عينه يفيض بمغمور من الدمع متأف
وهذه المادة قليلة ، وهي أن تكون العين واللام واوين . التولي : الإعراض بعد الإقبال . لولا : للتحضيض بمنزلة هلا ، فيليها الفعل ظاهرا أو مضمرا ، وحرف امتناع لوجود فيكون لها جواب ، ويجيء بعدها اسم مرفوع بها عند الفراء ، وبفعل محذوف عند ، وبالابتداء عند البصريين ، والخبر محذوف عند جمهورهم ، وعند بعضهم فيه تفصيل ذكرناه في ( منهج السالك ) من تأليفنا ، وليست جملة الجواب الخبر ، خلافا الكسائي لأبي الحسين بن الطراوة ، وإن وقع بعدها مضمر فيكون ضمير رفع مبتدأ عند البصريين ، ويجوز أن يقع بعدها ضمير الجر فتقول : لولاني ولولاك ولولاه ، إلى آخرها ، وهو في موضع جر بلولا عند ، وفي موضع رفع عند سيبويه الأخفش ، استعير ضمير الجر للرفع ، كما استعاروا ضمير الرفع للجر في قولهم : ما أنا كانت ، ولا أنت كانا . والترجيح بين المذهبين مذكور في النحو .