قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له - : أظهر القولين عندي فيمن قال لذكر : يا زانية بصيغة التأنيث ، أو قال لامرأة : يا زاني بصيغة التذكير ، أنه يلزمه الحد .
وإيضاحه أن القاذف بالعبارتين المذكورتين لا يخلو من أحد أمرين ، إما أن يكون عاميا لا يعرف العربية ، أو يكون له علم باللغة العربية ، فإن كان عاميا فقد يكون غير عالم بالفرق بين العبارتين ، ونداؤه للشخص بلفظ الزنى ظاهر في قصده قذفه .
وإن كان عالما باللغة ، فالله يكثر فيها إطلاق وصف الذكر على الأنثى باعتبار كونها شخصا .
وقد قدمنا بعض أمثلة ذلك في سورة " النحل " ، في الكلام على قوله : وتستخرجوا منه حلية تلبسونها [ 16 \ 14 ] ، ومما ذكرنا من الشواهد هناك قول حسان - رضي الله عنه - :
منع النوم بالعشاء الهموم وخيال إذا تغار النجوم من حبيب أصاب قلبك منه
سقم فهو داخل مكتوم
ومراده بالحبيب أنثى ، بدليل قوله بعده :
لم تفتها شمس النهار بشيء غير أن الشباب ليس يدوم
[ ص: 450 ] وقول كثير :
لئن كان يرد الماء هيمان صاديا إلي حبيبا إنها لحبيب
ومن أمثلة ذلك قول مليح بن الحكم الهذلي :
ولكن ليلى أهلكتني بقولها نعم ثم ليلى الماطل المتبلح
يعني ليلى الشخص الماطل المتبلح .
وقول عروة بن حزام العذري :
وعفراء أرجى الناس عندي مودة وعفراء عني المعرض المتواني
أي : الشخص المعرض .
وإذا كثر في كلام العرب تذكير وصف الأنثى باعتبار الشخص كما رأيت أمثلته ، فكذلك لا مانع من تأنيثهم صفة الذكر باعتبار النسمة أو النفس ، وورود ذلك لتأنيث اللفظ مع تذكير المعنى معروف ; كقوله :
أبوك خليفة ولدته أخرى وأنت خليفة ذاك الكمال