ومن هاب أسباب المنايا ينلنه ولو نال أسباب السماء بسلم
وإذا كان الموت لا مفر عنه ولا عاصم ، وكان المرء يخوض معامع القتال فيصاب ولا يموت ، ويخاطر بنفسه فيها أحيانا فلا يصاب بجرح ولا يقتل ، وقد يموت المعتصم في البروج والحصون اغتضارا ، وإذا كان من القتل لأن الجبناء يغرون أعداءهم بأنفسهم لعدم دفاعهم عنها ، وإذا كان الاستعداد للقتال والإقدام فيه لأجل الدفاع عن الحق وحماية الحقيقة ومنع الباطل أن يسود والشر أن يفشو - موجبا لمرضاة الله ولسعادة الآخرة ، فما هو عذركم أيها القاعدون المبطئون ؟ الإقدام على القتال هو أقوى أسباب النجاةوطعم الموت في أمر حقير كطعم الموت في أمر عظيم
كان من مرض قلوب هؤلاء أن كرهوا القتال وجبنوا عنه وخافوا الناس وتمنوا بذلك طول البقاء ، فكان هذا صدعا في دينهم وعقولهم قامت به عليهم الحجة ، ثم ذكرنا شأنا آخر من شئونهم يشبهه في الدلالة على مرض القلب والعقل فقال :