12380 ( أخبرنا ) أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني أبو الحسن علي بن أحمد بن قرقوب التمار بهمذان ، ثنا إبراهيم بن الحسين ، ثنا أبو اليمان ، أنا شعيب ، عن ، أخبرني الزهري ، مالك بن أوس بن الحدثان النصري - رضي الله عنه - دعاه بعدما ارتفع النهار ، قال : فدخلت عليه ، فإذا هو جالس على رمال سرير ، ليس بينه وبين الرمال فراش ، متكئا على وسادة من أدم ، فقال : يا عمر بن الخطاب مالك إنه [ ص: 299 ] قد قدم من قومك أهل أبيات حضروا المدينة ، قد أمرت لهم برضخ ، فاقبضه ، فاقسمه بينهم ، فقلت له : يا أمير المؤمنين ، لو أمرت بذلك غيري ! فقال : اقبضه أيها المرء ، فبينا أنا عنده ، إذ جاء حاجبه يرفأ ، فقال : هل لك في عثمان وعبد الرحمن والزبير وسعد يستأذنون ، قال : نعم ، فأدخلهم ، فلبث قليلا ، ثم جاءه ، فقال : هل لك في علي والعباس يستأذنان ، قال : نعم ، فأذن لهما ، فلما دخلا قال عباس : يا أمير المؤمنين ، اقض بيني وبين هذا - لعلي - وهما يختصمان في انصراف الذي أفاء الله على رسوله من أموال بني النضير ، فقال الرهط : يا أمير المؤمنين ، اقض بينهما ، وأرح أحدهما من الآخر ، فقال عمر - رضي الله عنه - : اتئدوا ، أناشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض ، هل تعملون أن - يريد نفسه ؟ قالوا : قد قال ذلك ، فأقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا نورث ، ما تركنا صدقة عمر على علي وعباس - رضي الله عنهما - فقال : أنشدكما بالله ، أتعلمان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك ؟ قالا : نعم . قال : فإني أحدثكم عن هذا الأمر ، إن الله كان خص رسوله - صلى الله عليه وسلم - من هذا الفيء بشيء لم يعطه أحدا غيره ، فقال الله ( وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير ) وكانت هذه خالصة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوالله ما احتازها دونكم ، ولا استأثرها عليكم ، لقد أعطاكموها وبثها فيكم ، حتى بقي منها هذا المال ، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال ، ثم يأخذ ما بقي ، فيجعله مجعل مال الله ، فعمل بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حياته ثم توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أبو بكر : فأنا ولي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقبضه أبو بكر ، فعمل فيه بما عمل فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنتم حينئذ - وأقبل على علي وعباس - رضي الله عنهما - : تذكران أن أبا بكر - رضي الله عنه - فيه كما تقولان ، والله يعلم أنه فيه لصادق بار راشد تابع للحق ، ثم توفى الله أبا بكر - رضي الله عنه - فقلت : أنا ولي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر - رضي الله عنه - فقبضته سنتين من إمارتي ، أعمل فيه بمثل ما عمل فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبما عمل فيه أبو بكر - رضي الله عنه - وأنتم حينئذ - وأقبل على علي والعباس - رضي الله عنهما - تذكران أني فيه كما تقولان ، والله يعلم أني فيه لصادق راشد تابع للحق ثم جئتماني كلاكما ، وكلمتكما واحدة ، وأمركما جميع ، فجئتني - يعني عباسا - فقلت لكما : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا نورث ، ما تركنا صدقة . فلما بدا لي أن أدفعه إليكما ، قلت : إن شئتما دفعته إليكما ، على أن عليكما عهد الله وميثاقه ، لتعملان فيه بما عمل به فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر - رضي الله عنه - وبما عملت به فيه منذ وليته ، وإلا فلا تكلمان ، فقلتما : ادفعه إلينا بذلك ، فدفعته إليكما ، أفتلتمسان مني قضاء غير ذلك ، فوالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض ، لا أقضي فيه بقضاء غير ذلك ، حتى تقوم الساعة فإن عجزتما عنه فادفعاه إلي فأنا أكفيكماه . أن