الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء
( المسلسل )

764 - مسلسل الحديث ما تواردا فيه الرواة واحدا فواحدا [ ص: 39 ]      765 - حالا لهم أو وصفا او وصف سند
كقول كلهم سمعت فاتحد      766 - وقسمه إلى ثمان مثل
وقلما يسلم ضعفا يحصل      767 - ومنه ذو نقص بقطع السلسله
كأولية وبعض وصله

[ معنى المسلسل لغة واصطلاحا وأمثلته ] ( المسلسل ) وهو لغة : اتصال الشيء بعضه ببعض ، ومنه سلسلة الحديد . و ( مسلسل الحديث ) ، وهو من صفات الإسناد ، ( ما تواردا فيه الرواة ) له كلهم ( واحدا فواحدا حالا ) ; أي : على حال ( لهم ) ، وذلك إما أن يكون قوليا لهم ; كحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لمعاذ رضي الله عنه : ( إني أحبك ، فقل في دبر كل صلاة : اللهم أعني على ذكرك وشكرك ) الحديث . فقد تسلسل لنا بقول كل من رواته : ( أنا أحبك فقل ) . ونحوه المسلسل بقول : ( رحم الله فلانا ، كيف لو أدرك زماننا ؟ ! ) . وبقول : ( قم فصب علي حتى أريك وضوء فلان ) .

وإما أن يكون الحال فعليا ; كقول أبي هريرة : شبك بيدي أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم - وقال : ( خلق الله الأرض يوم السبت ) الحديث . فقد تسلسل لنا بتشبيك كل من رواته بيد من رواه عنه .

ونحوه المسلسل بوضع اليد على الرأس ، وبالأخذ بيد الطالب ، وبالعد في يده للخمسة ; التي منها الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، والترحم ، والدعاء ، وبالمصافحة ، وبرفع اليدين في الصلاة ، وبالاتكاء وبالإطعام والسقي وبالضيافة بالأسودين ; التمر والماء . وقد يجيئان معا ، أعني القولي والفعلي ، في حديث واحد ; كحديث أنس مرفوعا : [ ص: 40 ] ( لا يجد العبد حلاوة الإيمان حتى يؤمن بالقدر خيره وشره حلوه ومره ) . قال : وقبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على لحيته وقال : ( آمنت بالقدر ) . فقد تسلسل لنا بقبض كل واحد من رواته على لحيته مع قوله : آمنت . . . . . إلى آخره .

( أو وصفا ) ; أي : أو كان التوارد من الرواة على وصف لهم ، وهو أيضا فعلي ; كالمسلسل بالقراء وبالحفاظ وبالفقهاء وبالنحاة وبالصوفية وبالدمشقيين وبالمصريين ونحو ذلك ; كالمسلسل بالمحمدين ، أو بمن أول اسمه عين ، أو بمن في اسمه أو اسم أبيه أو نسبه أو غيرهما مما يضاف إليه نون ، أو برواية الأبناء عن الآباء ، أو بالمعمرين ، أو بعدد مخصوص من الصحابة يروي بعضهم عن بعض ، أو من التابعين كذلك . وقولي ; كالمسلسل بقراءة سورة الصف ونحوه ، لكنه في الوصفي غالبا مقارب ، بل مماثل له في الحالي .

( او وصف سند ) ; أي : أو كان التوارد من الرواة على وصف سند بما يرجع إلى التحمل ; وذلك إما في صيغ الأداء ، ( كقول كلهم ) ; أي : الرواة ، ( سمعت ) فلانا ، أو ثنا ، أو أنا ، أو شهدت على فلان . ( فاتحد ) ما وقع منها لجميع الرواة ، فصار بذلك مسلسلا . بل جعل الحاكم منه أن تكون ألفاظ الأداء من جميع الرواة دالة على الاتصال وإن اختلفت ، فقال بعضهم : سمعت ، وقال بعضهم : أنا ، وقال بعضهم : ثنا . ولكن الأكثرون على اختصاصه بالتوارد في صيغة واحدة . ونحوه الحلف ; كقوله : ( أنا والله فلان ) ، كما نص عليه ابن الصلاح ، أو ما يلتحق به ; كقوله : ( صمت أذناي إن لم أكن سمعته من فلان ) .

وإما فيما يتعلق بزمن الرواية أو بمكانه أو بتاريخها ، فالأول : كالمسلسل بالتحمل يوم العيد ، أو بقص الأظفار في يوم الخميس .

والثاني : كالمسلسل بإجابة الدعاء في الملتزم . والثالث : ككون [ ص: 41 ] الراوي آخر من يروي عن شيخه ، إلى غير ذلك من أنواع للتسلسل كثيرة لا تنحصر كما قال ابن الصلاح .

التالي السابق


الخدمات العلمية