[ ص: 298 - 300 ] ( ومن أوصى بأن يحج عنه فأحجوا عنه رجلا فلما بلغ الكوفة مات أو سرقت نفقته وقد أنفق النصف يحج عن الميت من منزله بثلث ما بقي ) وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله ( وقالا : يحج عنه من حيث مات الأول ) فالكلام هاهنا في اعتبار الثلث وفي مكان الحج أما الأول فالمذكور قول أبي حنيفة رحمه الله . أما عند محمد يحج عنه بما بقي من المال المدفوع إليه إن بقي شيء وإلا بطلت الوصية اعتبارا بتعيين الموصي إذ تعيين الوصي كتعيينه وعند أبي يوسف رحمه الله : يحج عنه بما بقي من الثلث الأول ; لأنه هو المحل لنفاذ الوصية ولأبي حنيفة أن قسمة الوصي وعزله المال لا يصح إلا بالتسليم إلى الوجه الذي سماه الموصي ; لأنه لا خصم له ليقبض ، ولم يوجد التسليم إلى ذلك الوجه فصار كما إذا هلك قبل الإفراز والعزل فيحج بثلث ما بقي .
وأما الثاني فوجه قول أبي حنيفة رحمه الله وهو القياس أن القدر الموجود من السفر قد بطل في حق أحكام الدنيا . قال عليه الصلاة والسلام { إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من [ ص: 301 ] ثلاث }الحديث ، وتنفيذ الوصية من أحكام الدنيا فبقيت الوصية من وطنه كأن لم يوجد الخروج ، وجه قولهما وهو الاستحسان أن سفره لم يبطل لقوله تعالى: { ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله }الآية وقال عليه الصلاة والسلام { من مات في طريق الحج كتب له حجة مبرورة في كل سنة }وإذا لم يبطل سفره اعتبرت الوصية من ذلك المكان ; وأصل الاختلاف في الذي يحج بنفسه وينبني على ذلك المأمور بالحج .


