الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( ولا يلبس ثوبا مصبوغا بورس ولا زعفران ولا عصفر ) لقوله عليه الصلاة والسلام { لا يلبس المحرم ثوبا مسه زعفران ولا ورس }. قال : ( إلا أن يكون غسيلا لا ينفض ) لأن المنع للطيب لا للون ، وقال الشافعي رحمه الله لا بأس بلبس المعصفر لأنه لون لا طيب له ، ولنا أن له رائحة طيبة .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الحادي عشر : قال عليه السلام : { لا يلبس المحرم ثوبا مسه زعفران ، ولا ورس } ، قلت : تقدم حديث ابن عمر في الحديث السابع أن النبي عليه السلام ، قال : { لا تلبس القميص ، ولا السراويلات ، ولا العمائم ، ولا البرانس ، ولا الخفاف إلا أن يكون أحد ليس له نعلان ، فيلبس الخفين ، وليقطع أسفل من الكعبين ، ولا تلبسوا شيئا مسه الزعفران ، ولا ورس } ، ورواه الطحاوي رحمه الله في " شرح الآثار " حدثنا فهد ثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ثنا أبو معاوية رحمه الله وحدثنا ابن أبي عمران ثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي حدثنا أبو معاوية عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا تلبسوا ثوبا مسه ورس أو زعفران ، إلا أن يكون غسيلا }يعني في الإحرام ، قال ابن أبي عمران : ورأيت يحيى بن معين ، وهو يتعجب من الحماني أن يحدث بهذا الحديث ، فقال له عبد الرحمن : هذا عندي ، ثم وثب من فوره فجاء بأصله ، فخرج منه هذا الحديث عن أبي معاوية ، كما ذكره يحيى الحماني ، فكتبه عنه يحيى بن معين ، قال : وقد روى ذلك عن جماعة من المتقدمين ، ثم أخرج عن سعيد بن المسيب ، وطاوس ، وإبراهيم النخعي ، قالوا في الثوب يكون فيه ورس أو زعفران فغسل : إنه لم ير به بأسا أن يحرم فيه انتهى .

                                                                                                        وأخرج البزار في " مسنده " عن عطاء نحوه ، وفي [ ص: 106 ] هذا المعنى أحاديث : منها حديث أخرجه البخاري عن كريب عن ابن عباس ، قال : { انطلق النبي عليه السلام بعد ما ترجل وادهن ولبس إزاره ورداءه ، هو وأصحابه ، فلم ينه عن شيء من الأردية والأزر يلبس ، إلا المزعفرة التي تردع على الجلد } ، الحديث . وقد تقدم ، وفيه دليل على اشتراط الردع ، وهو البل ، قال ابن دريد : الردع : ما يبل القدم من مطر أو غيره ، فحينئذ يخرج الغسل من ذلك .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه إسحاق بن راهويه ، وابن أبي شيبة ، والبزار ، وأبو يعلى الموصلي في " مسانيدهم " حدثنا يزيد بن هارون ثنا الحجاج عن حسين بن عبد الله عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي عليه السلام ، قال : { لا بأس أن يحرم الرجل في ثوب مصبوغ بزعفران قد غسل ، فليس له نفض ، ولا ردع }انتهى .

                                                                                                        أحاديث الخصوم " في المعصفر " : روى أبو داود في " سننه " حدثنا أحمد بن حنبل ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق حدثني نافع عن ابن عمر { عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب ، وما مس الورس ، والزعفران من الثياب ، ولتلبس بعد ذلك ما شاءت من ألوان الثياب ، معصفرا ، أو خزا ، أو حليا ، أو سراويل ، أو قميصا ، أو خفا }انتهى .

                                                                                                        قال أبو داود : وقد رواه عن ابن إسحاق عبدة بن سليمان ، ومحمد بن سلمة ، إلى قوله : ولتلبس بعد ذلك ، لم يذكرا ما بعده انتهى .

                                                                                                        واستدل الشيخ في " الإمام " كذلك بحديث كريب عن ابن عباس ، قال : { انطلق النبي عليه السلام من المدينة بعد ما ترجل وادهن ولبس إزاره ورداءه ، هو وأصحابه ، فلم ينه عن شيء من الأردية والأزر ، فلبس المزعفرة التي تردع على الجلد } ، رواه البخاري ، وروى مالك في " الموطأ " عن هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أنها كانت تلبس المعصفرات ، وهي محرمة .

                                                                                                        ومن أحاديث الأصحاب :

                                                                                                        ما رواه مالك في " الموطأ " عن نافع أنه سمع أسلم مولى عمر بن الخطاب يحدث عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب رأى على طلحة بن عبيد الله [ ص: 107 ] ثوبا مصبوغا ، وهو محرم ، فقال عمر بن الخطاب : ما هذا الثوب المصبوغ يا طلحة ؟ فقال طلحة : يا أمير المؤمنين إنما هو مدد ، فقال عمر : إنكم أيها الرهط أئمة يقتدي الناس بكم . فلو أن رجلا جاهلا رأى هذا الثوب لقال : إن طلحة بن عبيد الله كان يلبس الثياب المصبغة في الإحرام ، فلا تلبسوا أيها الرهط شيئا من هذه الثياب المصبغة انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية