الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 351 - 355 ] قال : ( وإذا استأذنها الولي فسكتت أو ضحكت فهو إذن ) لقوله عليه الصلاة والسلام : " { البكر تستأمر في نفسها ، فإن سكتت فقد رضيت } ، ولأن جنبة الرضا فيه راجحة ; لأنها تستحي عن إظهار الرغبة لا عن الرد ، والضحك أدل على الرضا من السكوت بخلاف ما إذا بكت ; لأنه دليل السخط والكراهة ، [ ص: 356 ] وقيل إذا ضحكت كالمستهزئة بما سمعت لا يكون رضا ، وإذا بكت بلا صوت لم يكن ردا .

                                                                                                        قال : ( وإن فعل هذا غير الولي ) يعني استأمر غير الولي ( أو ولي غيره أولى منه لم يكن رضا حتى تتكلم به ) ; لأن هذا السكوت لقلة الالتفاف إلى كلامه : فلم يقع دلالة على الرضا ولو وقع فهو محتمل والاكتفاء بمثله للحاجة ولا حاجة في حق غير الأولياء ، بخلاف ما إذا كان المستأمر رسول الولي ; لأنه قائم مقامه ، ويعتبر في الاستئمار تسمية الزوج على وجه تقع به المعرفة لتظهر رغبتها فيه من رغبتها عنه ( ولا تشترط تسمية المهر ، هو الصحيح ) ; لأن النكاح صحيح بدونه . ( ولو زوجها فبلغها الخبر فسكتت فهو على ما ذكرنا ) ; لأن وجه الدلالة في السكوت لا يختلف ، ثم المخبر إن كان فضوليا يشترط فيه العدد أو العدالة [ ص: 357 ] عند أبي حنيفة رحمه الله خلافا لهما ، ولو كان رسولا لا يشترط إجماعا وله نظائر .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الأول : قال عليه السلام : " { البكر تستأمر في نفسها ، فإن سكتت فقد رضيت }" ; قلت : غريب بهذا اللفظ ; وروى الأئمة الستة من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا تنكح الأيم حتى تستأمر ، ولا تنكح البكر حتى تستأذن ، قالوا يا رسول الله ، وكيف إذنها ؟ قال : أن تسكت }" انتهى وأخرج البخاري ، ومسلم عن ذكوان مولى عائشة ، قالت : { قلت : يا رسول الله تستأمر النساء في أبضاعهن ؟ قال : [ ص: 356 ] نعم ، قلت : فإن البكر تستأمر ، فتستحي ، فتسكت ، قال : سكوتها إذنها }" انتهى .

                                                                                                        واللفظ للبخاري في " الإكراه ، ولفظ مسلم : قالت : { سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجارية ينكحها أهلها أتستأمر أم لا ؟ قال : نعم تستأمر ، قلت : فإنها تستحي ، قال : ذلك إذنها ، إذا هي سكتت }انتهى .

                                                                                                        وأخرج الجماعة خلا البخاري عن نافع بن جبير عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { الأيم أحق بنفسها ، والبكر تستأمر في نفسها ، وإذنها صماتها }" انتهى .

                                                                                                        وفي لفظ لمسلم : { الثيب أحق بنفسها من وليها ، والبكر تستأمر وإذنها سكوتها }انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية