قال : ( ولا بد في ذلك كله من ، فإن لم يذكر الشاهد لفظة شهادة وقال أعلم أو أتيقن لم تقبل شهادته ) أما العدالة فلقوله تعالى : { العدالة ولفظة : الشهادة ممن ترضون من الشهداء }والمرضي من الشاهد هو " العدل " ولقوله تعالى : { وأشهدوا ذوي عدل منكم }ولأن العدالة هي المعينة للصدق لأن من يتعاطى غير الكذب قد يتعاطاه . وعن : أن الفاسق إذا كان وجيها في الناس ذا مروءة تقبل شهادته لأنه لا يستأجر لوجاهته ، [ ص: 79 ] ويمتنع عن الكذب لمروءته ، والأول أصح إلا أن القاضي لو قضى بشهادة الفاسق يصح عندنا . وقال أبي يوسف رحمه الله : لا يصح والمسألة معروفة . وأما لفظة الشهادة فلأن النصوص نطقت باشتراطها إذ الأمر فيها بهذه اللفظة ، ولأن فيها زيادة توكيد ، فإن قوله أشهد من ألفاظ اليمين كقوله : أشهد بالله ، فكان الامتناع عن الكذب بهذه اللفظة أشد ، وقوله في ذلك كله إشارة إلى جميع ما تقدم حتى يشترط العدالة ولفظة الشهادة في شهادة النساء في الولادة وغيرها هو الصحيح لأنها شهادة لما فيه من معنى الإلزام ، حتى اختص [ ص: 80 ] بمجلس القضاء ، ولهذا يشترط فيه الحرية والإسلام . الشافعي
( قال رحمه الله : يقتصر الحاكم على ظاهر العدالة في المسلم ولا أبو حنيفة حتى يطعن الخصم ) لقوله عليه الصلاة والسلام : { يسأل عن حال الشهود }ومثل ذلك مروي عن المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا محدودا في قذف رضي الله عنه ولأن الظاهر هو الانزجار عما هو محرم في دينه وبالظاهر كفاية إذ لا وصول إلى القطع ( إلا في الحدود والقصاص فإنه يسأل عن الشهود ) لأنه يحتال لإسقاطها فيشترط الاستقصاء فيها ولأن الشبهة فيها دارئة ، وإن طعن الخصم فيهم سأل عنهم في السر والعلانية لأنه تقابل الظاهران فيسأل طلبا للترجيح ( وقال عمر أبو يوسف رحمهما الله: لا بد أن يسأل عنهم في السر والعلانية في سائر الحقوق ) لأن القضاء مبناه على الحجة وهي شهادة العدول ، فيتعرف عن العدالة وفيه صون قضائه عن البطلان . وقيل هذا اختلاف [ ص: 81 ] عصر وزمان ، والفتوى على قولهما في هذا الزمان . ومحمد
قال : ( ثم التزكية في السر أن يبعث المستورة إلى المعدل فيها النسب والحلي والمصلى ويردها المعدل ) كل ذلك في السر كي لا يظهر فيخدع أو يقصد ( وفي العلانية لا بد أن يجمع بين المعدل والشاهد ) لتنتفي شبهة تعديل غيره ، وقد كانت العلانية وحدها في الصدر الأول ووقع الاكتفاء في السر في زماننا تحرزا عن الفتنة ، ويروى عن رحمه الله تزكية العلانية بلاء وفتنة ، ثم قيل لا بد أن يقول المعدل هو حر عدل جائز الشهادة لأن العبد قد يعدل ، وقيل : يكتفى بقوله هو عدل لأن الحرية ثابتة بالدار وهو أصح . محمد
قال : ( وفي قول من رأى أن يسأل عن الشهود لم يقبل قول الخصم : إنه عدل ) معناه قول المدعى عليه . وعن أبي يوسف رحمهما اللهأنه يجوز تزكيته لكن عند ومحمد رحمه الله يضم تزكية الآخر إلى تزكيته ; لأن العدد عنده شرط . ووجه الظاهر أن في زعم المدعي وشهوده أن الخصم كاذب في إنكاره مبطل في إصراره فلا يصلح معدلا . وموضوع المسألة إذا محمد ، أما إذا قال : صدقوا أو هم عدول صدقة فقد [ ص: 82 ] اعترف بالحق . قال : هم عدول إلا أنهم أخطئوا أو نسوا
[ ص: 80 ]