قال : ( ومن كان في يده شيء سوى العبد والأمة وسعك أن تشهد أنه له ) لأن اليد أقصى ما يستدل به على الملك إذ هي مرجع الدلالة في الأسباب كلها فيكتفى بها . وعن أبي يوسف رحمه الله أنه يشترط مع ذلك أن يقع في [ ص: 85 ] قلبه أنه له ، قالوا : ويحتمل أن يكون هذا تفسيرا لإطلاق محمد رحمه الله في الرواية فيكون شرطا على الاتفاق . وقال الشافعي رحمه الله : دليل الملك اليد مع التصرف ، وبه قال بعض مشايخنا رحمهم الله ، لأن اليد متنوعة إلى إنابة وملك . قلنا : والتصرف يتنوع أيضا إلى نيابة وأصالة . ثم المسألة على وجوه : إن عاين المالك الملك حل له أن يشهد ، وكذا إذا عاين الملك بحدوده دون المالك استحسانا ; لأن النسب يثبت بالتسامع فيحصل معرفته ، وإن لم يعاينها أو عاين المالك دون الملك لا يحل له .
وأما العبد والأمة فإن كان يعرف أنهما رقيقان فكذلك لأن الرقيق لا يكون في يد نفسه ، وإن كان لا يعرف أنهما رقيقان إلا أنهما صغيران لا يعبران عن أنفسهما فكذلك لأنه لا يد لهما ، وإن كانا كبيرين فذلك مصرف الاستثناء ; لأن لهما يدا على أنفسهما فيدفع يد الغير عنهما فانعدم دليل الملك . وعن أبي حنيفة رحمه الله أنه يحل له أن يشهد فيهما أيضا اعتبارا بالثياب ، والفرق ما بيناه ، والله أعلم بالصواب .


