[ ص: 111 ] كتاب الوكالة
قال : لأن الإنسان قد يعجز عن المباشرة بنفسه على اعتبار بعض الأحوال ، فيحتاج إلى أن يوكل غيره ، فيكون بسبيل منه دفعا للحاجة وقد صح أن { ( كل عقد جاز أن يعقد الإنسان بنفسه جاز أن يوكل به غيره ) . [ ص: 112 - 113 ] وبالتزويج حكيم بن حزام رضي الله عنهما عمر بن أم سلمة }. [ ص: 114 - 116 ] قال : ( وتجوز النبي عليه الصلاة والسلام وكل بالشراء ) لما قدمنا من الحاجة إذ ليس كل أحد يهتدي إلى وجوه الخصومات ، وقد صح أن الوكالة بالخصومة في سائر الحقوق رضي الله عنه وكل فيها عليا وبعدما أسن وكل عقيلا رضي الله عنه ( وكذا بإيفائها واستيفائها إلا في الحدود والقصاص ، فإن الوكالة لا تصح باستيفائها مع غيبة الموكل عن المجلس ) لأنها تندرئ بالشبهات وشبهة العفو ثابتة حال غيبة الموكل بل هو الظاهر للندب الشرعي ، بخلاف غيبة الشاهد لأن الظاهر عدم الرجوع ، وبخلاف حالة الحضرة لانتفاء هذه الشبهة ، وليس كل أحد يحسن الاستيفاء ، فلو منع عنه يسند باب الاستيفاء أصلا ، وهذا الذي ذكرناه قول عبد الله بن جعفر رحمه الله . أبي حنيفة
( وقال رحمه الله : لا تجوز الوكالة بإثبات الحدود والقصاص بإقامة الشهود أيضا ) أبو يوسف رحمه الله مع ومحمد رحمه الله ، وقيل مع أبي حنيفة رحمه الله ، وقيل : هذا الاختلاف في غيبته دون حضرته لأن كلام الوكيل ينتقل إلى الموكل عند حضوره فصار كأنه متكلم بنفسه ، له أن التوكيل إنابة وشبهة النيابة يتحرز عنها في هذا الباب ( كما في الشهادة على الشهادة وكما في الاستيفاء ) أبي يوسف رحمه الله : أن الخصومة شرط محض لأن الوجوب مضاف إلى الجناية ، والظهور إلى الشهادة فيجري فيه التوكيل كما في سائر الحقوق وعلى هذا الخلاف التوكيل بالجواب من جانب من عليه الحد [ ص: 117 ] والقصاص ، وكلام ولأبي حنيفة رحمه الله فيه أظهر لأن الشبهة لا تمنع الدفع غير أن إقرار الوكيل غير مقبول عليه لما فيه من شبهة عدم الأمر به . أبي حنيفة
( وقال رحمه الله : لا يجوز التوكيل بالخصومة من غير رضا الخصم إلا أن يكون الموكل مريضا أو غائبا مسيرة ثلاثة أيام فصاعدا ، وقالا : يجوز التوكيل بغير رضا الخصم ) وهو قول أبو حنيفة رحمه الله ، ولا خلاف في الجواز إنما الخلاف في اللزوم . لهما : أن التوكيل تصرف في خالص حقه ، فلا يتوقف على رضا غيره كالتوكيل بتقاضي الديون ، وله : أن الجواب مستحق على الخصم ، ولهذا يستحضره والناس متفاوتون في الخصومة ، فلو قلنا بلزومه يتضرر به ، فيتوقف على رضاه كالعبد المشترك إذا كاتبه أحدهما يتخير الآخر بخلاف المريض والمسافر لأن الجواب غير مستحق عليهما هنالك ثم كما يلزم التوكيل عنده من المسافر يلزم إذا أراد السفر لتحقق الضرورة ولو كانت المرأة مخدرة لم تجر عادتها بالبروز وحضور مجلس الحكم . قال الشافعي رحمه الله : يلزم التوكيل لأنها لو حضرت لا يمكنها أن تنطق بحقها لحيائها فيلزم توكيلها . قال رضي الله عنه : وهذا شيء استحسنه المتأخرون . الرازي
[ ص: 109 - 111 ]