باب إقرار المريض
قال : ( وإذا فدين الصحة والدين المعروف الأسباب مقدم ) وقال أقر الرجل في مرض موته بديون وعليه ديون في صحته وديون لزمته في مرضه بأسباب معلومة رحمه الله : دين المرض ودين الصحة يستويان [ ص: 201 ] لاستواء سببهما ، وهو الإقرار الصادر عن عقل ودين ، ومحل الوجوب الذمة القابلة للحقوق فصار كإنشاء التصرف مبايعة ومناكحة ، ولنا أن الإقرار لا يعتبر دليلا إذا كان فيه إبطال حق الغير ، وفي إقرار المريض ذلك ; لأن حق غرماء الصحة تعلق بهذا المال استيفاء ولهذا منع من التبرع والمحاباة إلا بقدر الثلث ، بخلاف النكاح لأنه من الحوائج الأصلية ، وهو بمهر المثل ، وبخلاف المبايعة بمثل القيمة لأن حق الغرماء تعلق بالمالية لا بالصورة ، وفي حال الصحة لم يتعلق حقهم بالمال لقدرته على الاكتساب فيتحقق التثمير وهذه حالة العجز ، وحالتا المريض حالة واحدة ; لأنه حالة الحجر بخلاف حالتي الصحة والمرض ; لأن الأولى حالة إطلاق وهذه حالة عجز فافترقا وإنما تقدم الديون المعروفة الأسباب ; لأنه لا تهمة في ثبوتها إذ المعاين لا مرد له وذلك مثل بدل مال ملكه أو استهلكه وعلم وجوبه بغير إقراره أو تزوج امرأة بمهر مثلها ، وهذا الدين مثل دين الصحة لا يقدم أحدهما على الآخر لما بينا ، ولو أقر بعين في يده لآخر لم يصح في حق غرماء الصحة لتعلق حقهم به ، الشافعي لأن في إيثار البعض إبطال حق الباقين ، وغرماء الصحة والمرض في ذلك سواء إلا إذا قضى ما استقرض في مرضه أو نقد ثمن ما اشترى في مرضه وقد علم بالبينة . ولا يجوز للمريض أن يقضي دين بعض الغرماء دون البعض
قال : ( فإذا قضيت ) يعني الديون المقدمة ( وفضل شيء يصرف إلى ما أقر به في حالة المرض ) لأن الإقرار في ذاته صحيح ، وإنما رد في حق غرماء الصحة فإذا لم يبق حقهم ظهرت صحته .
قال : ( فإذا لم يكن عليه ديون في صحته جاز إقراره ) لأنه لم يتضمن [ ص: 202 ] إبطال حق الغير ( وكان المقر له أولى من الورثة ) لقول رضي الله عنه : إذا أقر المريض بدين جاز ذلك عليه في جميع تركته ولأن قضاء الدين من الحوائج الأصلية ، وحق الورثة يتعلق بالتركة بشرط الفراغ ولهذا تقدم حاجته في التكفين . عمر
[ ص: 191 - 200 ]