الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( وكل صانع لعمله أثر في العين كالقصار والصباغ فله أن يحبس العين بعد الفراغ من عمله حتى يستوفي الأجر ) ; لأن المعقود عليه وصف قائم في الثوب ، فله حق الحبس لاستيفاء البدل كما في المبيع ، ولو حبسه فضاع في يده لا ضمان عليه عند أبي حنيفة رحمه الله ; لأنه غير متعد في الحبس ، فبقي أمانة كما كان عنده ، ولا أجر له لهلاك المعقود عليه قبل التسليم . وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما اللهالعين كانت مضمونة قبل الحبس فكذا بعده لكنه بالخيار إن شاء ضمنه قيمته غير معمول ولا أجر له ، وإن شاء ضمنه معمولا وله الأجر وسيبين من بعد إن شاء الله تعالى .

                                                                                                        قال : ( وكل صانع ليس لعمله أثر في العين فليس له أن يحبس العين للأجر كالحمال والملاح ) ; لأن المعقود عليه نفس العمل وهو غير قائم في العين فلا يتصور حبسه فليس له ولاية الحبس وغسل الثوب نظير الحمل ، وهذا بخلاف الآبق حيث يكون للراد حق حبسه لاستيفاء الجعل ، ولا أثر لعمله ; لأنه كان على شرف الهلاك وقد أحياه فكأنه باعه عنه فله حق الحبس وهذا الذي ذكرناه مذهب علمائنا الثلاثة . وقال زفر رحمه الله : ليس له حق الحبس في الوجهين ; لأنه وقع التسليم باتصال المبيع بملكه فيسقط حق الحبس . ولنا أن الاتصال بالمحل [ ص: 281 ] ضرورة إقامة تسليم العمل فلم يكن هو راضيا به من حيث إنه تسليم فلا يسقط حق الحبس كما إذا قبض المشتري بغير رضا البائع .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الخدمات العلمية