الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 378 ] قال : ( وإذا حجر القاضي عليه ثم رفع إلى قاض آخر فأبطل حجره وأطلق عنه جاز ) ; لأن الحجر منه فتوى وليس بقضاء ألا يرى أنه لم يوجد المقضي له والمقضي عليه ، ولو كان قضاء فنفس القضاء مختلف فيه فلا بد من الإمضاء ، حتى لو رفع تصرفه بعد الحجر إلى القاضي الحاجر أو إلى غيره فقضى ببطلان تصرفه ثم رفع إلى قاض آخر نفذ إبطاله لاتصال الإمضاء به فلا يقبل النقض بعد ذلك ( ثم عند أبي حنيفة رحمه الله إذا بلغ الغلام غير رشيد لم يسلم إليه ماله حتى يبلغ خمسا وعشرين سنة فإن تصرف فيه قبل ذلك نفذ تصرفه فإذا بلغ خمسا وعشرين سنة يسلم إليه ماله وإن لم يؤنس منه الرشد وقالا : لا يدفع إليه ماله أبدا ، حتى يؤنس منه رشده ولا يجوز تصرفه فيه ) ; لأن علة المنع السفه فيبقى ما بقي العلة وصار كالصبا ، ولأبي حنيفة رحمه الله : أن منع المال عنه بطريق التأديب ولا يتأدب بعد هذا ظاهرا وغالبا ألا يرى أنه قد يصير جدا في هذا السن فلا فائدة للمنع ، فلزم الدفع ; ولأن المنع باعتبار أثر الصبا ، وهو في أوائل البلوغ وينقطع بتطاول الزمان ، فلا يبقى المنع ; ولهذا قال أبو حنيفة رحمه الله : لو بلغ رشيدا ثم صار سفيها لا يمنع المال عنه ; لأنه ليس بأثر الصبا ، ثم لا يتأتى التفريع على قوله . وإنما التفريع على قول من يرى الحجر ، فعندهما لما صح الحجر لا ينفذ بيعه إذا باع توفيرا لفائدة الحجر عليه ، وإن كان فيه مصلحة أجازه الحاكم ; لأن ركن التصرف قد وجد والتوقف للنظر له ، وقد نصب الحاكم ناظرا له ، فيتحرى المصلحة فيه كما في الصبي الذي يعقل البيع والشراء ويقصده ، ولو باع قبل حجر القاضي جاز عند أبي يوسف رحمه الله ; لأنه لا بد من حجر القاضي عنده ; لأن الحجر دائر بين الضرر والنظر والحجر لنظره ، فلا بد من فعل القاضي ، وعند محمد رحمه الله لا يجوز ; لأنه يبلغ محجورا عنده إذ العلة هي السفه بمنزلة الصبا وعلى هذا الخلاف إذا بلغ رشيدا ثم صار سفيها

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الخدمات العلمية