الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( وتقبل شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض وإن اختلفت مللهم ) وقال مالك : والشافعي رحمهما اللهلا تقبل لأنه فاسق ، قال الله تعالى : { والكافرون هم الظالمون }فيجب التوقف في خبره ، ولهذا لا تقبل شهادته على المسلم فصار كالمرتد . ولنا ما روي أن النبي عليه الصلاة والسلام { أجاز شهادة النصارى بعضهم على بعض } ، ولأنه من أهل الولاية على نفسه وأولاده الصغار فيكون من أهل الشهادة على جنسه ، والفسق من حيث الاعتقاد غير مانع لأنه يجتنب ما يعتقده محرم دينه ، والكذب محظور الأديان كلها ، [ ص: 92 ] بخلاف المرتد لأنه لا ولاية له وبخلاف شهادة الذمي على المسلم لأنه لا ولاية له بالإضافة إليه ولأنه يتقول عليه لأنه يغيظه قهره إياه وملل الكفر وإن اختلفت فلا قهر فلا يحملهم الغيظ على التقول .

                                                                                                        [ ص: 91 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 91 ] الحديث الرابع : روي أن النبي صلى الله عليه وسلم { أجاز شهادة النصارى بعضهم على بعض }; قلت : غريب بهذا اللفظ ، وهو غير مطابق للحكمين ، فإن المصنف قال : وتقبل شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض ، وإن اختلفت مللهم ، ثم استدل بالحديث ، ولو قال : أهل الكتاب عوض : النصارى لكان أولى ، وموافقا للحكمين ، أعني اتحاد الملة واختلافها ، هكذا أخرجه ابن ماجه في " سننه " عن مجالد عن الشعبي عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم { أجاز شهادة أهل الكتاب ، بعضهم على بعض } ، انتهى . ومجالد فيه مقال إلا أن يقال : أنهم إذا قبلوا عند اتحاد الملة قبلوا عند اختلافها ; لعدم القائل بالفصل ، فالله أعلم قال شيخنا علاء الدين : ويؤخذ من بعض نسخ " الهداية " اليهود عوض : النصارى ، واحتج له مقلدا لغيره بحديث رواه أبو داود في " الحدود " بهذا الإسناد ، قال : { جاءت اليهود برجل وامرأة منهم زنيا ، فقال ائتوني بأعلم رجلين منكم ، فأتوه بابني صوريا ، فنشدهما ، كيف تجدان أمر هذين في التوراة ؟ قالا : نجد فيهما إذا شهد أربعة أنهم رأوا ذكره في فرجها ، كالميل في المكحلة رجما ، قال : فما يمنعكما أن ترجموهما ؟ قالا : ذهب سلطاننا فكرهنا القتل ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم باليهود }. قوله : فدعا باليهود ، كذا بخطه ، وبخطه في " الهامش { الشهود عليه ، فجاء أربعة فشهدوا أنهم رأوا ذكره في فرجها ، كالميل في المكحلة ، فأمر عليه السلام برجمهما }انتهى .

                                                                                                        هكذا وجدته في نسخة علاء الدين بخط يده ، وهو تصحيف ، وإنما هو : فدعا بالشهود ، كشفته من نحو عشرين نسخة ، ورواه كذلك إسحاق بن راهويه ، وأبو يعلى الموصلي ، والبزار في " مسانيدهم " ، والدارقطني في " سننه " ، وكلهم قالوا : فدعا [ ص: 92 ] بالشهود ، قال الدارقطني : تفرد به مجالد عن الشعبي ، وليس بالقوي ، انتهى . ذكره في " آخر الوصايا " ، وقال في " التنقيح " : قوله في الحديث : فدعا بالشهود ، فشهدوا زيادة في الحديث تفرد بها مجالد ، ولا يحتج بما ينفرد به ، قال ابن عدي : عامة ما يرويه غير محفوظ انتهى .

                                                                                                        قلت : أخرجه أبو داود أيضا عن هشيم عن ابن شبرمة عن الشعبي بنحوه مرسلا ، لم يذكر فيه : فدعا بالشهود ، فشهدوا ، والله أعلم . .




                                                                                                        الخدمات العلمية