فصل فيمن لا يكون خصما ( وإن قال المدعى عليه : هذا الشيء أودعنيه فلان الغائب ، أو رهنه [ ص: 171 ] عندي أو غصبته منه وأقام بينته على ذلك فلا خصومة بينه وبين المدعي ) وكذا إذا قال : أجرنيه وأقام البينة لأنه أثبت ببينته أن يده ليست بيد خصومة . وقال : لا تندفع الخصومة لأنه تعذر إثبات الملك للغائب لعدم الخصم عنه ، ودفع الخصومة بناء عليه . قلنا : مقتضى البينة شيئان ثبوت الملك للغائب ، ولا خصم فيه فلم يثبت ، ودفع خصومة المدعي ، وهو خصم فيه فيثبت وهو كالوكيل بنقل المرأة كإقامتها البينة على الطلاق كما بيناه من قبل ولا تندفع بدون إقامة البينة كما قاله ابن شبرمة ; لأنه صار خصما بظاهر يده فهو بإقراره يريد أن يحول حقا مستحقا على نفسه فلا يصدق إلا بالحجة كما إذا ادعى تحول الدين من ذمته إلى ذمة غيره . ابن أبي ليلى
( وقال رحمه الله آخرا : إن كان الرجل صالحا فالجواب كما قلناه ، وإن كان معروفا بالحيل لا تندفع عنه الخصومة ) لأن المحتال من الناس قد يدفع ماله إلى مسافر يودعه إياه ، ويشهد عليه الشهود ، فيحتال لإبطال حق غيره فإذا اتهمه القاضي به لا يقبله . أبو يوسف
( ولو لا تندفع عنه الخصومة ) لاحتمال أن يكون المودع هو هذا المدعي ، ولأنه ما أحاله إلى معين يمكن المدعي اتباعه ، فلو اندفعت لتضرر به المدعي ، ولو قالوا : نعرفه بوجهه ولا نعرفه باسمه ونسبه فكذلك الجواب عند قال الشهود أودعه رجل لا نعرفه رحمه الله للوجه الثاني . وعند محمد رحمه الله تندفع لأنه أثبت ببينته أن العين وصل إليه من جهة غيره حيث عرفه الشهود بوجهه ، بخلاف الفصل الأول فلم تكن يده يد خصومة وهو المقصود ، والمدعي هو الذي أضر بنفسه حيث نسي خصمه أو أضره شهوده دون المدعى عليه ، وهذه المسألة مخمسة كتاب الدعوى وقد ذكرنا الأقوال الخمسة ( وإن أبي حنيفة فهو خصم ) لأنه لما زعم أن يده يد ملك اعترف بكونه خصما ( وإن قال : ابتعته من الغائب لا تندفع الخصومة ، وإن أقام ذو اليد البينة على الوديعة ) لأنه إنما صار خصما بدعوى الفعل عليه لا بيده ، بخلاف دعوى الملك المطلق لأنه خصم فيه باعتبار يده حتى لا يصح دعواه على [ ص: 172 ] غير ذي اليد ويصح دعوى الفعل قال المدعي : غصبته مني أو سرقته مني