[ ص: 9 ] الباب الأول
في زكاة النقدين
والنظر في سبب الوجوب وشروطه وموانعه ، والجزء الواجب ، والواجب عليه ، فهذه خمسة أنظار ، النظر الأول في التسبب ، وهو أن
nindex.php?page=treesubj&link=2693_2691يملك نصابا من الذهب وهو عشرون دينارا مسكوكة أو غير مسكوكة ، أو من الورق وهو مائتا درهم مسكوكة أو غير مسكوكة .
وفي ( التنبيهات ) : النصاب في اللغة الأصل ، ومنه قول
السموأل :
ونحن كماء المزن لا في نصابنا كهام ولا منا يعد بخيل
وأصله المنار وهو العلم ومنه الأنصاب ، حجارة نصبت علما للعبادة ، وأخذت من الارتفاع ; لأن نصائب الحوض حجارة ترفع حوله ، والنصاب أصل الوجوب وعلم عليه ، ومرتفع عن القلة ، فاجتمعت المعاني كلها فيه ، وفي
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ، قال عليه
[ ص: 10 ] السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348879المكيال على مكيال أهل المدينة ، والوزن على وزن أهل مكة . وفي الجواهر قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251ابن حنبل : أخبرني كل من أثق به أن دينار الذهب
بمكة وزنه اثنان وثمانون حبة ، وثلاثة أعشار الحبة من حب الشعير المطلق ، والدرهم سبعة أعشار المثقال ، فالدرهم المكي سبع وخمسون حبة وستة أعشار الحبة وعشر عشر حبة ، قال
سند : كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل ، وكانت الدراهم بغلية ثمانية دوانق ، وطبرية أربعة دوانق ، فجمعت في الإسلام ، وكل جعل كل درهم ستة دوانق ، وقال غيره : والبغلية كبرت لرداءتها ، وكان الاجتماع على ذلك في زمن
nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان ، والظاهر من الاجتماع إنما كان ذهاب تلك الرداءة التي هي من آثار الكفر ، وإن الدرهم كان معلوما في زمنه عليه السلام ; ولذلك رتب الزكاة عليه ، وكانت الأوقية في زمنه أربعين والسن نصف أوقية ، والنواة خمسة دراهم .
والدنانير في الأحكام ( خمسة ) ، ثلاثة ، اثنا عشر في الدية والنكاح والسرقة ويجمعها أنها في الذمة ، واثنان ، عشرة عشرة في الزكاة والجزية ; لأن تقسيط المقدر من الدراهم على المقدر من الدنانير يقتضيه .
تنبيه : الدرهم المصري أربعة وستون حبة ، فهو أكثر من درهم الزكاة ، فإذا أسقطت الزائد كان النصاب من دراهم
مصر مائة وثمانين درهما وحبتين فقط .
[ ص: 11 ] والنقدان ثلاثة أقسام : أعيان موجودة ، وقيم المتاجر ، وديون في الذمة . القسم الأول : النقود الموجودة ، وهي الذهب والفضة ، وفي الكتاب : إذا كان عنده فلوس قيمتها مايتا درهم لا زكاة ، إلا أن يكون مديرا فتجرى مجرى العرض ، وكره الربا فيها ، وقال ش ، ح : إذا أعدت للمعاملة وجبت في قيمتها الزكاة ، ولا يعتبر وزنها اتفاقا ، والفرق بين الزكاة والربا : أن الربا أشد ; لأن البين عند الجميع ، والمطعومات عند ش والمكيالات عند ح ربويات ، وليست كلها زكوية مع أن
مالكا لم يحرم ، وإنما كره الربا فيها .
( فروع خمسة ) :
الأول :
nindex.php?page=treesubj&link=26342ما زاد على النصاب أخذ منه بحسابه عند
مالك و ش
nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس : لا شيء فيه حتى يبلغ مائتين أخرى ، وقال ح : لا شيء فيه حتى تصير الدراهم مائتين وأربعين ، والدنانير أربعة وعشرين محتجا بما في
أبي داود : قال عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348880عفوت لكم عن الخيل والرقيق ، فهاتوا صدقة الرقة ، من كل أربعين درهما درهم ، وليس في تسعين ومائة شيء ، فإذا بلغت مائتين ففيها خمسة دراهم ، ولأنه نصاب مزكى فيكون له وقص كالمائية .
والجواب عن الأول : أنه معارض بما في
أبي داود : قال عليه السلام
لعلي [ ص: 12 ] - رضي الله عنه - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348881إذا كان لك مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم ، وليس عليك شيء - يعني في الذهب - حتى يكون لك عشرون دينارا ) ، فإذا كان لك عشرون دينارا ، ففيها نصف دينار ، فما زاد فبحساب ذلك ) وفي سنده وهن ، ولأن الاستدلال بما ذكرتموه إنما هو من جهة مفهوم العدد ، وهو معارض بالمنطوق ، وهو أقوى منه إجماعا بما في قوله عليه السلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348882في الرقة ربع العشر " ، وعن الثاني : ( الفرق ) بأن التجزئة في المواشي عشرة بخلاف النقدين ، والمعارضة بالقياس على الحبوب وهو أولى من القياس على المواشي ، لأجل تيسير التجزيء وعدم اختلاف النصاب .
فائدة : الرقة بكسر الراء وفتح القاف وتخفيفها : الدراهم المسكوكة ، لا يقال في غيرها ، والورق : المسكوك وغيره ، قاله في ( التنبيهات ) .
الثاني :
nindex.php?page=treesubj&link=2686لو كانت المائتان ناقصة تجوز بجواز الوازنة ، قال
الأبهري : ومعنى النقصان أن تكون في ميزان دون آخر ، فإن نقصت في الجميع فلا زكاة ، وقال
عبد الوهاب : بل فيها الزكاة إذا تسامح الناس بذلك ، وعليه جمهور الأصحاب ، وقال
محمد : إن نقصت كل دينار ثلاث حبات وهي تغتفر وجبت الزكاة ، وفي ( الموطأ ) كتب
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز إلى عامله
بمصر : أن انظر من مر بك من المسلمين فخذ مما ظهر من أموالهم مما يريدون من التجارة من كل أربعين دينارا دينارا ، فما نقص فبحساب ذلك ، حتى تبلغ عشرين دينارا ، فإن نقصت ثلث دينار فلا تأخذ منها شيئا .
قال صاحب ( تهذيب الطالب ) :
[ ص: 13 ] قال
عبد الملك : إذا جازت بجواز الوازنة وجبت الزكاة ، كان النقص ما كان بحصول المقصود ، هذا في المسكوكة ، وأما غيرها فقال
عبد المالك : إذا نقص غير المسكوك درهما من المائتين ، أو ثلث دينار لم تجب الزكاة ، قال : وتعارض الموازين كتعارض البينتين والخبرين والقياسين ، والمثبت أولى من النافي .
قال صاحب ( المقدمات ) : قال
ابن حبيب : تجب الزكاة في مائتي درهم بوزن زماننا ، ويزكي أهل كل بلد بوزنهم وإن كان أقل من الكيل ، قال : وهو بعيد جدا ، وقال
ابن حبيب بقول
مالك ، وقال ش و ح : إذا نقص النصاب حبة لا تجب الزكاة ، ورواه صاحب ( الجواهر ) عن
مالك .
الثالث : إذا كان النقد مغشوشا يسيرا جدا كالدانق في العشرة : فلا حكم له ، وإلا فالمعتبر بما فيه حق النقد قل أو كثر ، وقاله ش
nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل ، وقال الحنفي
وابن النجار منا : الحكم للأغلب ، وظواهر النصوص تمنع الاعتداد بغير النقدين .
الرابع في الكتاب :
nindex.php?page=treesubj&link=2699يضم الذهب إلى الورق بالأجزاء لا بالقيمة ، ويخرج من كل صنف ربع عشره ، وقاله ح و ش
nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل وقال : هما جنسان لا يمتنع التفاضل بينهما فيمتنع الضم كالإبل مع البقر ، والفرق : أنهما رءوس الأموال وقيم المتلفات ، والواجب في الجميع ربع العشر بخلاف غيرها ، وقال ح : يكمل النصاب بالورق أو القيمة لحصول المقصود ، وجوابه : لو ملك عشرة
[ ص: 14 ] قيمتها مائتا درهم لم تجب الزكاة إجماعا ، وأما الإخراج من كل صنف فلأنه أعدل للفقراء والأغنياء مع علة الاختلاف بخلاف الحبوب ، لما عظم الخلاف فيها اعتبر الوسط عدلا بين الفريقين .
فائدة هندسية فقهية يعلم بها النقد المغشوش هل هو مغشوش أم لا ؟ وإن كان مغشوشا فما مقدار غشه ؟ وهل الغش من النقد الزكوي فيضم بعد العلم بمقداره أو من غيره فيطرح من غير حمى بالنار ؟ ولا برد بالمبرد ولا حك بالميلق ، بل يعلم ذلك والذهب والفضة على حاليهما من سكة أو صياغة أو ترصيع فصوص مع بقائه على منحته ، وهي فائدة يحتاجها الفقهاء والقضاة في أموال الأيتام ، والملوك وأرباب الأموال النفيسة ، وهي من عجائب المعقولات مما تعب الأقدمون التعب الكثير حتى فتح الله عليهم بها .
وصورة ذلك : أن يتخذ ميزانا تتحرك علاقة كفته من طرف العمود إلى وسطه ، ويعمل على طرف العمود علامة متقاربة متناسبة البعد محررة التساوي ، ثم تأخذ ذهبا أو فضة خالصين وتسوى زنتهما في الهواء ، ولتكن كفتا الميزان من جسم يغوص في الماء متساويتي الزنة والمساحة ، ثم نزلهما في مائع متساوي الأجزاء ، سهل الحركة كالماء الصافي ونحوه ، فيحصل في كفة الذهب من الماء أكثر مما في كفة الفضة ليتلزز الذهب فتحرك علاقة كفته على العمود حتى يساوي الفضة في الماء ، كما ساواها في الهواء ، وتحفظ عدد تلك العلامات ( التي ) قطعتها علاقة كفته ، ولتكن ستة مثلا فيعلم أن ذلك فضل الذهب الخالص على الفضة الخالصة ، ونفرض أن الجرم الممتحن ذهب فتزنه بفضة خالصة في الهواء ثم تضعها في الماء فترجح كفة الممتحن لتلزز الذهب ، فتسوي
[ ص: 15 ] بينهما في الماء بتحريك العلاقة على الرد ، فإن قطعت العلاقة تلك العلامات الست فهو خالص لا غش فيه ، وإن حصلت المساواة دون ذلك ، ولتكن حصلت بالحركة على أربع فقط ، فقد بقي الثلث ، فثلثه فضة ، وعلى هذه النسبة ، أو يعمل جرمين متساويي العظم أحدهما ذهب خالص والآخر فضة خالصة ، وتحرر وزنهما ، ولتكن الفضة أربعة ، والذهب خمسة ، ويعمل جرما آخر مساويا عظمه لعظم الممتحن فضة خالصة ، ولتعرف وزنه ، ولتكن سبعة ، ووزن الممتحن ثمانية بزيادة الممتحن واحدا ، ونسبته إلى السبعة ، نسبة السبع ، ونسبة الواحد في الذهب الخالص إلى الفضة الخالصة نسبة الربع ، ففي الممتحن من الغش بقدر ما بين الربع والسبع ، فلو كان الممتحن ثمانية ونصفا وربعا حتى يكون لزائد مثل ربع الفضة التي تقابله ، كان خالصا فإن عسر علينا وجود فضة متساوية للمختلط عملنا جرمين من شمع أو غيره ، أحدهما مساو عظمه لعظم المختلط ، والآخر يساوي عظمه عظم فضة ( مساوية للمختلطة ) أعددناها ، ثم تعرف زنة الشمعين ، فإن كانت نسبة زنة شمع الممتحن إليه كنسبة زنة شمع الفضة إليها فالممتحن فضة خالصة ، وإن كان ذهبا فاجعل مكان الفضة ذهبا ، فإن عسر اتخاذ جرم يساوي عظمه عظم المختلط فتزنه بصنج في الهواء في ميزان محكم ، ثم تزيله من الميزان ، وتملأ كفتيه بالماء ، ثم تضع الممتحن في الكفة فيطلع بعض الماء وترجح الكفة فتقابله بالصنج في الكفة الأخرى ، فتكون هذه الصنج أكثر من صنج الهواء إن كان جوهرها أخف من جوهر الذهب ; لأن الخالص حينئذ من الماء معها أقل ، ومع الممتحن أكثر ، فإن كانت أثقل من جوهر الذهب كانت أقل من صنج الهواء ، أو مساوية له كانت مساوية لصنج الهواء ، ثم تحفظ نسبة ما بين الهواء والماء من زيادة الصنج وقلتها ، وتفعل مثل ذلك بجسم خالص من الذهب
[ ص: 16 ] إن كان الممتحن ذهبا ، أو فضة إن كانت فضة ، فإن استوت النسبتان فهو خالص ، أو اختلفتا فهو مغشوش بقدر الاختلاف ، وبهذه الطريق يمتحن سائر المعادن .
الخامس :
nindex.php?page=treesubj&link=3043حلي التجارة المفصل بالياقوت ونحوه يزكي عليه غير المدير وزنه كل عام ، والحجارة بعد البيع ، والمدير يقوم الحجارة في شهر زكاته ويزكي وزن الحلي . وفي ( المقدمات ) : إن كان مربوطا بالحجارة ربط صياغة : روى
ابن القاسم : لا تأثير للربط ، فإن كان الذهب تبعا للحجارة ووزنه زكى الذهب تحريا كل عام ، وإذا باع زكى ما ينوب الحجارة بعد حول من يوم البيع ، وإن اشتراه للتجارة وهو مدير قوم الحجارة وزكى وزنه تحريا ، وهو ظاهر ( المدونة ) وقال
التونسي : تقوم الصياغة ، وإن كان محتكرا زكى الذهب كل عام تحريا ، وثمن الحجارة بعد البيع لعام واحد ، فعلى ظاهر ( المدونة ) يفض الثمن على الحلي مصوغا وقيمة الحجارة ، وعلى قول
التونسي : لا يحتاج إلى الفض ، بل يسقط عدد ما زكى تحريا ويزكي الباقي ، وفي ( الجواهر ) : إذا لم يمكن النزع فهل يعطي كل نوع حكمه بالتحري أو يغلب الحجارة فيكون الجميع عرضا ، أو يكون الحكم للأكثر ؟ .
[ ص: 9 ] الْبَابُ الْأَوَّلُ
فِي زَكَاةِ النَّقْدَيْنِ
وَالنَّظَرُ فِي سَبَبِ الْوُجُوبِ وَشُرُوطِهِ وَمَوَانِعِهِ ، وَالْجُزْءِ الْوَاجِبِ ، وَالْوَاجِبِ عَلَيْهِ ، فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَنْظَارٍ ، النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي التَّسَبُّبِ ، وَهُوَ أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=2693_2691يَمْلِكَ نِصَابًا مِنَ الذَّهَبِ وَهُوَ عِشْرُونَ دِينَارًا مَسْكُوكَةً أَوْ غَيْرَ مَسْكُوكَةٍ ، أَوْ مِنَ الْوَرِقِ وَهُوَ مِائَتَا دِرْهَمٍ مَسْكُوكَةٍ أَوْ غَيْرِ مَسْكُوكَةٍ .
وَفِي ( التَّنْبِيهَاتِ ) : النِّصَابُ فِي اللُّغَةِ الْأَصْلُ ، وَمِنْهُ قَوْلُ
السَّمَوْأَلِ :
وَنَحْنُ كَمَاءِ الْمُزْنِ لَا فِي نِصَابِنَا كَهَامٍ وَلَا مِنَّا يُعَدُّ بِخَيْلُ
وَأَصْلُهُ الْمَنَارُ وَهُوَ الْعَلَمُ وَمِنْهُ الْأَنْصَابُ ، حِجَارَةٌ نُصِبَتْ عَلَمًا لِلْعِبَادَةِ ، وَأُخِذَتْ مِنَ الِارْتِفَاعِ ; لِأَنَّ نَصَائِبَ الْحَوْضِ حِجَارَةٌ تُرْفَعُ حَوْلَهُ ، وَالنِّصَابُ أَصْلُ الْوُجُوبِ وَعَلَمٌ عَلَيْهِ ، وَمُرْتَفِعٌ عَنِ الْقِلَّةِ ، فَاجْتَمَعَتِ الْمَعَانِي كُلُّهَا فِيهِ ، وَفِي
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيِّ ، قَالَ عَلَيْهِ
[ ص: 10 ] السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348879الْمِكْيَالُ عَلَى مِكْيَالِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، وَالْوَزْنُ عَلَى وَزْنِ أَهْلِ مَكَّةَ . وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251ابْنُ حَنْبَلٍ : أَخْبَرَنِي كُلُّ مَنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّ دِينَارَ الذَّهَبِ
بِمَكَّةَ وَزْنُهُ اثْنَانِ وَثَمَانُونَ حَبَّةً ، وَثَلَاثَةُ أَعْشَارِ الْحَبَّةِ مِنْ حَبِّ الشَّعِيرِ الْمُطْلَقِ ، وَالدِّرْهَمُ سَبْعَةُ أَعْشَارِ الْمِثْقَالِ ، فَالدِّرْهَمُ الْمَكِّيُّ سَبْعٌ وَخَمْسُونَ حَبَّةً وَسِتَّةُ أَعْشَارِ الْحَبَّةِ وَعُشْرُ عُشْرِ حَبَّةٍ ، قَالَ
سَنَدٌ : كُلُّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ ، وَكَانَتِ الدَّرَاهِمُ بَغْلِيَّةً ثَمَانِيَةَ دَوَانِقَ ، وَطَبَرِيَّةً أَرْبَعَةَ دَوَانِقَ ، فَجُمِعَتْ فِي الْإِسْلَامِ ، وَكُلٌّ جَعَلَ كُلَّ دِرْهَمٍ سِتَّةَ دَوَانِقَ ، وَقَالَ غَيْرُهُ : وَالْبَغْلِيَّةُ كَبُرَتْ لِرَدَاءَتِهَا ، وَكَانَ الِاجْتِمَاعُ عَلَى ذَلِكَ فِي زَمَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16491عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ ، وَالظَّاهِرُ مِنَ الِاجْتِمَاعِ إِنَّمَا كَانَ ذَهَابَ تِلْكَ الرَّدَاءَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ آثَارِ الْكُفْرِ ، وَإِنَّ الدِّرْهَمَ كَانَ مَعْلُومًا فِي زَمَنِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ; وَلِذَلِكَ رَتَّبَ الزَّكَاةَ عَلَيْهِ ، وَكَانَتِ الْأُوقِيَّةُ فِي زَمَنِهِ أَرْبَعِينَ وَالسِّنُّ نِصْفَ أُوقِيَّةٍ ، وَالنَّوَاةُ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ .
وَالدَّنَانِيرُ فِي الْأَحْكَامِ ( خَمْسَةٌ ) ، ثَلَاثَةٌ ، اثْنَا عَشَرَ فِي الدِّيَةِ وَالنِّكَاحِ وَالسَّرِقَةِ وَيَجْمَعُهَا أَنَّهَا فِي الذِّمَّةِ ، وَاثْنَانِ ، عَشَرَةً عَشَرَةً فِي الزَّكَاةِ وَالْجِزْيَةِ ; لِأَنَّ تَقْسِيطَ الْمُقَدَّرِ مِنَ الدَّرَاهِمِ عَلَى الْمُقَدَّرِ مِنَ الدَّنَانِيرِ يَقْتَضِيهِ .
تَنْبِيهٌ : الدِّرْهَمُ الْمِصْرِيُّ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ حَبَّةً ، فَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ دِرْهَمِ الزَّكَاةِ ، فَإِذَا أَسْقَطْتَ الزَّائِدَ كَانَ النِّصَابُ مِنْ دَرَاهِمِ
مِصْرَ مِائَةً وَثَمَانِينَ دِرْهَمًا وَحَبَّتَيْنِ فَقَطْ .
[ ص: 11 ] وَالنَّقْدَانِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ : أَعْيَانٌ مَوْجُودَةٌ ، وَقِيَمُ الْمَتَاجِرِ ، وَدُيُونٌ فِي الذِّمَّةِ . الْقِسْمُ الْأَوَّلُ : النُّقُودُ الْمَوْجُودَةُ ، وَهِيَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ ، وَفِي الْكِتَابِ : إِذَا كَانَ عِنْدَهُ فُلُوسٌ قِيمَتُهَا مِايَتَا دِرْهَمٍ لَا زَكَاةَ ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُدِيرًا فَتُجْرَى مَجْرَى الْعَرْضِ ، وَكُرِهَ الرِّبَا فِيهَا ، وَقَالَ ش ، ح : إِذَا أُعِدَّتْ لِلْمُعَامَلَةِ وَجَبَتْ فِي قِيمَتِهَا الزَّكَاةُ ، وَلَا يُعْتَبَرُ وَزْنُهَا اتِّفَاقًا ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الزَّكَاةِ وَالرِّبَا : أَنَّ الرِّبَا أَشَدُّ ; لِأَنَّ الْبَيِّنَ عِنْدَ الْجَمِيعِ ، وَالْمَطْعُومَاتِ عِنْدَ ش وَالْمِكْيَالَاتِ عِنْدَ ح رَبَوِيَّاتٌ ، وَلَيْسَتْ كُلُّهَا زَكَوِيَّةً مَعَ أَنَّ
مَالِكًا لَمْ يُحَرِّمْ ، وَإِنَّمَا كَرِهَ الرِّبَا فِيهَا .
( فُرُوعٌ خَمْسَةٌ ) :
الْأَوَّلُ :
nindex.php?page=treesubj&link=26342مَا زَادَ عَلَى النِّصَابِ أُخِذَ مِنْهُ بِحِسَابِهِ عِنْدَ
مَالِكٍ وَ ش
nindex.php?page=showalam&ids=12251وَابْنِ حَنْبَلٍ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16248طَاوُسٌ : لَا شَيْءَ فِيهِ حَتَّى يَبْلُغَ مِائَتَيْنِ أُخْرَى ، وَقَالَ ح : لَا شَيْءَ فِيهِ حَتَّى تَصِيرَ الدَّرَاهِمُ مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ ، وَالدَّنَانِيرُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ مُحْتَجًّا بِمَا فِي
أَبِي دَاوُدَ : قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348880عَفَوْتُ لَكُمْ عَنِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ ، فَهَاتُوا صَدَقَةَ الرِّقَّةِ ، مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ ، وَلَيْسَ فِي تِسْعِينَ وَمِائَةٍ شَيْءٌ ، فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْنِ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ ، وَلِأَنَّهُ نِصَابٌ مُزَكًّى فَيَكُونُ لَهُ وَقَصٌ كَالْمَائِيَّةِ .
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ : أَنَّهُ مُعَارَضٌ بِمَا فِي
أَبِي دَاوُدَ : قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ
لِعَلِيٍّ [ ص: 12 ] - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348881إِذَا كَانَ لَكَ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ ، وَلَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ - يَعْنِي فِي الذَّهَبِ - حَتَّى يَكُونَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا ) ، فَإِذَا كَانَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا ، فَفِيهَا نِصْفُ دِينَارٍ ، فَمَا زَادَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ ) وَفِي سَنَدِهِ وَهَنٌ ، وَلِأَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِمَا ذَكَرْتُمُوهُ إِنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ مَفْهُومِ الْعَدَدِ ، وَهُوَ مُعَارَضٌ بِالْمَنْطُوقِ ، وَهُوَ أَقْوَى مِنْهُ إِجْمَاعًا بِمَا فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348882فِي الرِّقَّةِ رُبْعُ الْعُشْرِ " ، وَعَنِ الثَّانِي : ( الْفَرْقُ ) بِأَنَّ التَّجْزِئَةَ فِي الْمَوَاشِي عَشْرَةٌ بِخِلَافِ النَّقْدَيْنِ ، وَالْمُعَارَضَةُ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْحُبُوبِ وَهُوَ أَوْلَى مِنَ الْقِيَاسِ عَلَى الْمَوَاشِي ، لِأَجْلِ تَيْسِيرِ التَّجْزِيءِ وَعَدَمِ اخْتِلَافِ النِّصَابِ .
فَائِدَةٌ : الرِّقَةُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَتَخْفِيفِهَا : الدَّرَاهِمُ الْمَسْكُوكَةُ ، لَا يُقَالُ فِي غَيْرِهَا ، وَالْوَرِقُ : الْمَسْكُوكُ وَغَيْرُهُ ، قَالَهُ فِي ( التَّنْبِيهَاتِ ) .
الثَّانِي :
nindex.php?page=treesubj&link=2686لَوْ كَانَتِ الْمِائَتَانِ نَاقِصَةً تَجُوزُ بِجَوَازِ الْوَازِنَةِ ، قَالَ
الْأَبْهَرِيُّ : وَمَعْنَى النُّقْصَانِ أَنْ تَكُونَ فِي مِيزَانٍ دُونَ آخَرَ ، فَإِنْ نَقَصَتْ فِي الْجَمِيعِ فَلَا زَكَاةَ ، وَقَالَ
عَبْدُ الْوَهَّابِ : بَلْ فِيهَا الزَّكَاةُ إِذَا تَسَامَحَ النَّاسُ بِذَلِكَ ، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ ، وَقَالَ
مُحَمَّدٌ : إِنْ نَقَصْتَ كُلَّ دِينَارٍ ثَلَاثَ حَبَّاتٍ وَهِيَ تُغْتَفَرُ وَجَبَتِ الزَّكَاةُ ، وَفِي ( الْمُوَطَّأِ ) كَتَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=16673عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عَامِلِهِ
بِمِصْرَ : أَنِ انْظُرْ مَنْ مَرَّ بِكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَخُذْ مِمَّا ظَهَرَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مِمَّا يُرِيدُونَ مِنَ التِّجَارَةِ مَنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِينَارًا دِينَارًا ، فَمَا نَقَصَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ ، حَتَّى تَبْلُغَ عِشْرِينَ دِينَارًا ، فَإِنْ نَقَصَتْ ثُلُثَ دِينَارٍ فَلَا تَأْخُذْ مِنْهَا شَيْئًا .
قَالَ صَاحِبُ ( تَهْذِيبِ الطَّالِبِ ) :
[ ص: 13 ] قَالَ
عَبْدُ الْمَلِكِ : إِذَا جَازَتْ بِجَوَازِ الْوَازِنَةِ وَجَبَتِ الزَّكَاةُ ، كَانَ النَّقْصُ مَا كَانَ بِحُصُولِ الْمَقْصُودِ ، هَذَا فِي الْمَسْكُوكَةِ ، وَأَمَّا غَيْرُهَا فَقَالَ
عَبْدُ الْمَالِكِ : إِذَا نَقَصَ غَيْرُ الْمَسْكُوكِ دِرْهَمًا مِنَ الْمِائَتَيْنِ ، أَوْ ثُلُثَ دِينَارٍ لَمْ تَجِبِ الزَّكَاةُ ، قَالَ : وَتَعَارُضُ الْمَوَازِينِ كَتَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَالْخِبْرَيْنِ وَالْقِيَاسَيْنِ ، وَالْمُثْبِتُ أُولَى مِنَ النَّافِي .
قَالَ صَاحِبُ ( الْمُقَدِّمَاتِ ) : قَالَ
ابْنُ حَبِيبٍ : تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ بِوَزْنِ زَمَانِنَا ، وَيُزَكِّي أَهْلُ كُلِّ بَلَدٍ بِوَزْنِهِمْ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنَ الْكَيْلِ ، قَالَ : وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا ، وَقَالَ
ابْنُ حَبِيبٍ بِقَوْلِ
مَالِكٍ ، وَقَالَ ش وَ ح : إِذَا نَقَصَ النِّصَابُ حَبَّةً لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ ، وَرَوَاهُ صَاحِبُ ( الْجَوَاهِرِ ) عَنْ
مَالِكٍ .
الثَّالِثُ : إِذَا كَانَ النَّقْدُ مَغْشُوشًا يَسِيرًا جِدًّا كَالدَّانَقِ فِي الْعَشْرَةِ : فَلَا حُكْمَ لَهُ ، وَإِلَّا فَالْمُعْتَبَرُ بِمَا فِيهِ حَقُّ النَّقْدِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ ، وَقَالَهُ ش
nindex.php?page=showalam&ids=12251وَابْنُ حَنْبَلٍ ، وَقَالَ الْحَنَفِيُّ
وَابْنُ النَّجَّارِ مِنَّا : الْحُكْمُ لِلْأَغْلَبِ ، وَظَوَاهِرُ النُّصُوصِ تَمْنَعُ الِاعْتِدَادَ بِغَيْرِ النَّقْدَيْنِ .
الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ :
nindex.php?page=treesubj&link=2699يَضُمُّ الذَّهَبَ إِلَى الْوَرِقِ بِالْأَجْزَاءِ لَا بِالْقِيمَةِ ، وَيُخْرِجُ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ رُبُعَ عُشْرِهِ ، وَقَالَهُ ح وَ ش
nindex.php?page=showalam&ids=12251وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ : هُمَا جِنْسَانِ لَا يَمْتَنِعُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا فَيَمْتَنِعَ الضَّمُّ كَالْإِبِلِ مَعَ الْبَقَرِ ، وَالْفَرْقُ : أَنَّهُمَا رُءُوسُ الْأَمْوَالِ وَقِيَمُ الْمُتْلَفَاتِ ، وَالْوَاجِبُ فِي الْجَمِيعِ رُبُعُ الْعُشْرِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا ، وَقَالَ ح : يُكْمِلُ النِّصَابَ بِالْوَرِقِ أَوِ الْقِيمَةِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ ، وَجَوَابُهُ : لَوْ مَلَكَ عَشْرَةً
[ ص: 14 ] قِيمَتُهَا مِائَتَا دِرْهَمٍ لَمْ تَجِبِ الزَّكَاةُ إِجْمَاعًا ، وَأَمَّا الْإِخْرَاجُ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ فَلِأَنَّهُ أَعْدَلُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْأَغْنِيَاءِ مَعَ عِلَّةِ الِاخْتِلَافِ بِخِلَافِ الْحُبُوبِ ، لَمَّا عَظُمَ الْخِلَافُ فِيهَا اعْتُبِرَ الْوَسَطُ عَدْلًا بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ .
فَائِدَةٌ هَنْدَسِيَّةٌ فِقْهِيَّةٌ يُعْلَمُ بِهَا النَّقْدُ الْمَغْشُوشُ هَلْ هُوَ مَغْشُوشٌ أَمْ لَا ؟ وَإِنْ كَانَ مَغْشُوشًا فَمَا مِقْدَارُ غِشِّهِ ؟ وَهَلِ الْغِشُّ مِنَ النَّقْدِ الزَّكَوِيِّ فَيُضَمَّ بَعْدَ الْعِلْمِ بِمِقْدَارِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَيُطْرَحَ مِنْ غَيْرِ حِمًى بِالنَّارِ ؟ وَلَا بَرْدٍ بِالْمِبْرَدِ وَلَا حَكٍّ بِالْمَيْلَقِ ، بَلْ يُعْلَمُ ذَلِكَ وَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ عَلَى حَالَيْهِمَا مِنْ سِكَّةٍ أَوْ صِيَاغَةٍ أَوْ تَرْصِيعِ فُصُوصٍ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى مِنْحَتِهِ ، وَهِيَ فَائِدَةٌ يَحْتَاجُهَا الْفُقَهَاءُ وَالْقُضَاةُ فِي أَمْوَالِ الْأَيْتَامِ ، وَالْمُلُوكُ وَأَرْبَابُ الْأَمْوَالِ النَّفِيسَةِ ، وَهِيَ مِنْ عَجَائِبِ الْمَعْقُولَاتِ مِمَّا تَعِبَ الْأَقْدَمُونَ التَّعَبَ الْكَثِيرَ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِهَا .
وَصُورَةُ ذَلِكَ : أَنْ يَتَّخِذَ مِيزَانًا تَتَحَرَّكُ عِلَاقَةُ كِفَّتِهِ مِنْ طَرَفِ الْعَمُودِ إِلَى وَسَطِهِ ، وَيَعْمَلُ عَلَى طَرَفِ الْعَمُودِ عَلَامَةً مُتَقَارِبَةً مُتَنَاسِبَةَ الْبُعْدِ مُحَرَّرَةَ التَّسَاوِي ، ثُمَّ تَأْخُذُ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً خَالِصَيْنِ وَتُسَوَّى زِنَتُهُمَا فِي الْهَوَاءِ ، وَلْتَكُنْ كِفَّتَا الْمِيزَانِ مِنْ جِسْمٍ يَغُوصُ فِي الْمَاءِ مُتَسَاوِيَتَيِ الزِّنَةِ وَالْمِسَاحَةِ ، ثُمَّ نَزِّلْهُمَا فِي مَائِعٍ مُتَسَاوِي الْأَجْزَاءِ ، سَهْلِ الْحَرَكَةِ كَالْمَاءِ الصَّافِي وَنَحْوِهِ ، فَيَحْصُلُ فِي كِفَّةِ الذَّهَبِ مِنَ الْمَاءِ أَكْثَرُ مِمَّا فِي كِفَّةِ الْفِضَّةِ لِيَتَلَزَّزَ الذَّهَبُ فَتُحَرِّكُ عِلَاقَةَ كِفَّتِهِ عَلَى الْعَمُودِ حَتَّى يُسَاوِيَ الْفِضَّةَ فِي الْمَاءِ ، كَمَا سَاوَاهَا فِي الْهَوَاءِ ، وَتَحْفَظُ عَدَدَ تِلْكَ الْعَلَامَاتِ ( الَّتِي ) قَطَعَتْهَا عِلَاقَةُ كِفَّتِهِ ، وَلْتَكُنْ سِتَّةً مَثَلًا فَيُعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ فَضْلُ الذَّهَبِ الْخَالِصِ عَلَى الْفِضَّةِ الْخَالِصَةِ ، وَنَفْرِضُ أَنَّ الْجِرْمَ الْمُمْتَحَنَ ذَهَبٌ فَتَزِنُهُ بِفِضَّةٍ خَالِصَةٍ فِي الْهَوَاءِ ثُمَّ تَضَعُهَا فِي الْمَاءِ فَتُرَجَّحُ كِفَّةُ الْمُمْتَحَنِ لِتَلَزُّزِ الذَّهَبِ ، فَتُسَوِّي
[ ص: 15 ] بَيْنَهُمَا فِي الْمَاءِ بِتَحْرِيكِ الْعِلَاقَةِ عَلَى الرَّدِّ ، فَإِنْ قَطَعَتِ الْعِلَاقَةُ تِلْكَ الْعَلَامَاتِ السِّتَّ فَهُوَ خَالِصٌ لَا غِشَّ فِيهِ ، وَإِنْ حَصَلَتِ الْمُسَاوَاةُ دُونَ ذَلِكَ ، وَلْتَكُنْ حَصَلَتْ بِالْحَرَكَةِ عَلَى أَرْبَعٍ فَقَطْ ، فَقَدْ بَقِيَ الثُّلُثُ ، فَثُلُثُهُ فِضَّةٌ ، وَعَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ ، أَوْ يَعْمَلُ جِرْمَيْنِ مُتَسَاوِيَيِ الْعَظْمِ أَحَدُهُمَا ذَهَبٌ خَالِصٌ وَالْآخَرُ فِضَّةٌ خَالِصَةٌ ، وَتُحَرِّرُ وَزْنَهُمَا ، وَلْتَكُنِ الْفِضَّةُ أَرْبَعَةً ، وَالذَّهَبُ خَمْسَةً ، وَيَعْمَلُ جِرْمًا آخَرَ مُسَاوِيًا عَظْمُهُ لِعَظْمِ الْمُمْتَحَنِ فِضَّةً خَالِصَةً ، وَلِتَعْرِفْ وَزْنَهُ ، وَلْتَكُنْ سَبْعَةً ، وَوَزْنُ الْمُمْتَحَنِ ثَمَانِيَةً بِزِيَادَةِ الْمُمْتَحَنِ وَاحِدًا ، وَنِسْبَتُهُ إِلَى السَّبْعَةِ ، نِسْبَةُ السُّبْعِ ، وَنِسْبَةُ الْوَاحِدِ فِي الذَّهَبِ الْخَالِصِ إِلَى الْفِضَّةِ الْخَالِصَةِ نِسْبَةُ الرُّبُعِ ، فَفِي الْمُمْتَحَنِ مِنَ الْغِشِّ بِقَدْرِ مَا بَيْنَ الرُّبُعِ وَالسُّبُعِ ، فَلَوْ كَانَ الْمُمْتَحَنُ ثَمَانِيَةً وَنِصْفًا وَرُبْعًا حَتَّى يَكُونَ لِزَائِدٍ مِثْلَ رُبُعِ الْفِضَّةِ الَّتِي تُقَابِلُهُ ، كَانَ خَالِصًا فَإِنْ عَسُرَ عَلَيْنَا وُجُودُ فِضَّةٍ مُتَسَاوِيَةٍ لِلْمُخْتَلِطِ عَمِلْنَا جِرْمَيْنِ مِنْ شَمْعٍ أَوْ غَيْرِهِ ، أَحَدُهُمَا مُسَاوٍ عَظْمُهُ لِعَظْمِ الْمُخْتَلِطِ ، وَالْآخَرُ يُسَاوِي عَظْمُهُ عَظْمَ فِضَّةٍ ( مُسَاوِيَةٍ لِلْمُخْتَلِطَةِ ) أَعْدَدْنَاهَا ، ثُمَّ تَعْرِفُ زِنَةَ الشَّمْعَيْنِ ، فَإِنْ كَانَتْ نِسْبَةُ زِنَةِ شَمْعِ الْمُمْتَحَنِ إِلَيْهِ كَنِسْبَةِ زِنَةِ شَمْعِ الْفِضَّةِ إِلَيْهَا فَالْمُمْتَحَنُ فِضَّةٌ خَالِصَةٌ ، وَإِنْ كَانَ ذَهَبًا فَاجْعَلْ مَكَانَ الْفِضَّةِ ذَهَبًا ، فَإِنَّ عَسُرَ اتِّخَاذُ جِرْمٍ يُسَاوِي عَظْمُهُ عَظْمَ الْمُخْتَلِطِ فَتَزِنُهُ بِصَنْجٍ فِي الْهَوَاءِ فِي مِيزَانٍ مُحْكَمٍ ، ثُمَّ تُزِيلُهُ مِنَ الْمِيزَانِ ، وَتَمْلَأُ كِفَّتَيْهِ بِالْمَاءِ ، ثُمَّ تَضَعُ الْمُمْتَحَنَ فِي الْكِفَّةِ فَيَطْلَعُ بَعْضُ الْمَاءِ وَتُرَجِّحُ الْكِفَّةَ فَتُقَابِلُهُ بِالصَّنْجِ فِي الْكِفَّةِ الْأُخْرَى ، فَتَكُونُ هَذِهِ الصَّنْجُ أَكْثَرَ مِنْ صَنْجِ الْهَوَاءِ إِنْ كَانَ جَوْهَرُهَا أَخَفَّ مِنْ جَوْهَرِ الذَّهَبِ ; لِأَنَّ الْخَالِصَ حِينَئِذٍ مِنَ الْمَاءِ مَعَهَا أَقَلُّ ، وَمَعَ الْمُمْتَحَنِ أَكْثَرُ ، فَإِنْ كَانَتْ أَثْقَلَ مِنْ جَوْهَرِ الذَّهَبِ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ صَنْجِ الْهَوَاءِ ، أَوْ مُسَاوِيَةً لَهُ كَانَتْ مُسَاوِيَةً لِصَنْجِ الْهَوَاءِ ، ثُمَّ تَحْفَظُ نِسْبَةَ مَا بَيْنَ الْهَوَاءِ وَالْمَاءِ مِنْ زِيَادَةِ الصَّنْجِ وَقِلَّتِهَا ، وَتَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ بِجِسْمٍ خَالِصٍ مِنَ الذَّهَبِ
[ ص: 16 ] إِنْ كَانَ الْمُمْتَحَنُ ذَهَبًا ، أَوْ فِضَّةً إِنْ كَانَتْ فِضَّةً ، فَإِنِ اسْتَوَتِ النِّسْبَتَانِ فَهُوَ خَالِصٌ ، أَوِ اخْتَلَفَتَا فَهُوَ مَغْشُوشٌ بِقَدْرِ الِاخْتِلَافِ ، وَبِهَذِهِ الطَّرِيقِ يَمْتَحِنُ سَائِرَ الْمَعَادِنِ .
الْخَامِسُ :
nindex.php?page=treesubj&link=3043حُلِيُّ التِّجَارَةِ الْمُفَصَّلُ بِالْيَاقُوتِ وَنَحْوِهِ يُزَكِّي عَلَيْهِ غَيْرُ الْمُدِيرِ وَزْنَهُ كُلَّ عَامٍ ، وَالْحِجَارَةُ بَعْدَ الْبَيْعِ ، وَالْمُدِيرُ يُقَوِّمُ الْحِجَارَةَ فِي شَهْرِ زَكَاتِهِ وَيُزَكِّي وَزْنَ الْحُلِيِّ . وَفِي ( الْمُقَدِّمَاتِ ) : إِنْ كَانَ مَرْبُوطًا بِالْحِجَارَةِ رَبْطَ صِيَاغَةٍ : رَوَى
ابْنُ الْقَاسِمِ : لَا تَأْثِيرَ لِلرَّبْطِ ، فَإِنْ كَانَ الذَّهَبُ تَبَعًا لِلْحِجَارَةِ وَوَزْنِهِ زَكَّى الذَّهَبَ تَحَرِّيًا كُلَّ عَامٍ ، وَإِذَا بَاعَ زَكَّى مَا يَنُوبُ الْحِجَارَةَ بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ الْبَيْعِ ، وَإِنِ اشْتَرَاهُ لِلتِّجَارَةِ وَهُوَ مُدِيرٌ قَوَّمَ الْحِجَارَةَ وَزَكَّى وَزْنَهُ تَحَرِّيًا ، وَهُوَ ظَاهِرُ ( الْمُدَوَّنَةِ ) وَقَالَ
التُّونُسِيُّ : تُقَوَّمُ الصِّيَاغَةُ ، وَإِنْ كَانَ مُحْتَكِرًا زَكَّى الذَّهَبَ كُلَّ عَامٍ تَحَرِّيًا ، وَثَمَّنَ الْحِجَارَةَ بَعْدَ الْبَيْعِ لِعَامٍ وَاحِدٍ ، فَعَلَى ظَاهِرِ ( الْمُدَوَّنَةِ ) يَفُضُّ الثَّمَنَ عَلَى الْحُلِيِّ مَصُوغًا وَقِيمَةِ الْحِجَارَةِ ، وَعَلَى قَوْلِ
التُّونُسِيِّ : لَا يَحْتَاجُ إِلَى الْفَضِّ ، بَلْ يُسْقِطُ عَدَدَ مَا زَكَّى تَحَرِّيًا وَيُزَكِّي الْبَاقِيَ ، وَفِي ( الْجَوَاهِرِ ) : إِذَا لَمْ يُمْكِنِ النَّزْعُ فَهَلْ يُعْطِي كُلَّ نَوْعٍ حُكْمَهُ بِالتَّحَرِّي أَوْ يُغَلِّبُ الْحِجَارَةَ فَيَكُونُ الْجَمِيعُ عَرْضًا ، أَوْ يَكُونُ الْحُكْمُ لِلْأَكْثَرِ ؟ .