مسألة : غسل الإناء من نجاسة ما سوى الكلب
قال الشافعي رضي الله عنه : " ويغسل الإناء من النجاسة سوى ذلك ثلاثا أحب إلي ، فإن غسله واحدة تأتى عليه طهرا " .
قال الماوردي : وهذا كما قال ما سوى ولوغ الكلب من سائر النجاسات ، فالواجب غسله مرة واحدة إلا أن يكون ذا أثر فيغسل حتى يزول الأثر وقال أبو حنيفة : سائر النجاسات في حكم الولوغ يغسل ثلاثا إما استحبابا ، وإما واجبا على أن اختلاف أصحابه في الثلاث هل هي واجبة في الولوغ أو مستحبة وقال أحمد بن حنبل : سائر النجاسات كالولوغ في وجوب غسلها ثمان مرات .
ودليلنا على جواز الاقتصار في غسلها على مرة واحدة قوله - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 313 ] وقد سألته عن لأسماء بنت أبي بكر " حتيه ثم اقرصيه بالماء " دم الحيض يصيب الثوب ولم يوقت لها في ذلك ثلاثا ولا سبعا ، وقال في بول الأعرابي : " صبوا عليه ذنوبا من ماء " ، ولأن التكرار لما لم يزل في الحدث مستحقا فأحرى أن لا يكون في النجاسة مستحقا ، ولأنها نجاسة لم يرد الشرع بأنه يجمع فيها بين الطهورين ، فلم تستحق العدد ، وتطهيرها كالأعيان ، لأن أبا حنيفة يعتبر العدد في النجاسة التي هي أثر ، ولا يعتبره في النجاسة التي هي عين ، ولأنها نجاسة متولدة عن أصل طاهر فلم يستحق فيها العدد كدم الشاة فإذا ثبت أن الواجب مرة ، فالمستحب غسله ثلاثا لقوله صلى الله عليه وسلم : " إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلهما ثلاثا " فلما أمر بالثلاث مع الشك في النجاسة ، كان الأمر بها مع نفس النجاسة أولى .