الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما الزوال فهو ابتداء هبوط الشمس بعد انتهاء اندفاعها ومعرفته تكون بأن يزيد الظل بعد تناهي مقره : لأن الشمس إذا طلعت كان ظل الشخص طويلا فكلما ارتفعت قصر ظل الشخص حتى تنتهي إلى وسط الفلك ، فيصير الظل يسيرا لا يزيد ولا ينقص ، ثم إن الشمس تميل نحو المغرب هابطة ، فإذا ابتدأت بالهبوط ابتدأ الظل بالزيادة ، فأول ما يبتدئ الظل بالزيادة فهو حينئذ زوال الشمس وقال الشاعر :


                                                                                                                                            هي شمس الضحى إذا انتقلت بعد سير فليس غير الزوال

                                                                                                                                            وأعلم : أن ظل الزوال قد يختلف في الزيادة والنقصان بحسب اختلاف البلدان ، ويتغير بحسب تنقل الأزمان ، فيكون ظل الزوال في البلد المحاذي لقبلة الفلك أقصر منه في غيره ، لأن الشمس فيه قد تسامت الشخص ، حتى قيل فيه أنه لا يبقى للشخص في مكة ظل وقت الزوال في أطول يوم في السنة ، وهو اليوم السابع من حزيران ، ثم يكون ظل الزوال في الصيف أقل منه في الشتاء ، لأن الشمس في الصيف تعترض وسط الفلك ويكون زوالها في وسطه فيكون الظل أقصر . وفي الشتاء تعترض جانب الفلك ، فيكون زوالها في جانبه ، فيكون الفلك أطول ، وللشمس عند الزوال كالوقفة لإبطاء سيرها في وسط الفلك قال الشاعر :

                                                                                                                                            [ ص: 13 ]

                                                                                                                                            فعد بعد تفريق وقد وقفت     شمس النهار ولاذ الظل بالعود

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية