[ ص: 100 ] باب سنة الوضوء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " أخبرنا سفيان ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فإنه لا يدري أين باتت يده إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا . "
قال الشافعي : فإذا قام الرجل إلى الصلاة من نوم أو كان غير متوضئ فأحب أن يسمي الله تعالى .
قال الماوردي : وهذا كما قال أول ما يبدأ به المتوضئ من أعمال وضوئه التسمية فيقول : " بسم الله " وهي سنة . وقال أبو حامد الإسفراييني : هي هيئة ، والفرق بين الهيئة والسنة بأن قال : الهيئة ما تهيأ به لفعل العبادة ، والسنة ما كانت في أفعالها الراتبة فيها وهكذا نقول في غسل الكفين : وهذا يعد في العبارة مع تسليم المعنى .
وقال إسحاق ابن راهويه : واجبة ، فإن تركها عامدا بطل وضوؤه وإن تركها ناسيا أجزأه . التسمية
وقال أهل الظاهر : هي واجبة وإن تركها عامدا أو ناسيا لم يجزه استدلالا برواية أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " " . [ ص: 101 ] قالوا : ولأنها عبادة تبطل بالحدث فوجب أن يفتقر ابتداؤها إلى نطق كالصلاة ودليلنا قوله تعالى : لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم [ المائدة : 6 ] فلما كانت واجبات الوضوء مأخوذة منها لقوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي : " " ، ولم يكن للتسمية فيها ذكر فدل على أنها غير واجبة ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " توضأ كما أمرك الله من توضأ وذكر اسم الله عليه كان طهورا لجميع بدنه ، ومن توضأ ولم يذكر اسم الله عليه كان طهورا لأعضائه ، ولأنها عبادة ليس في آخرها نطق واجب فوجب أن لا يكون في ابتدائها نطق واجب كالصيام ، ولأنها طهارة فوجب أن لا يكون من شرطها التسمية كإزالة النجاسة .
فأما استدلالهم بالحديث فضعيف الإسناد لأنه مروي من طريقين واهيين .
أحدهما : أبو فضال ، عن جدته ، عن أبيها أنه سمع أبا هريرة .
والثاني : يعقوب بن سلمة ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبي هريرة ، وقد قال أحمد بن حنبل : ليس في التسمية حديث ثبت ولو سلم لكان الجواب عنه من وجهين :
أحدهما : أن تحمل التسمية على النية ، وهو تأويل الأوزاعي .
والثاني : أنه محمول على نفي الكمال دون الإجزاء ، وأما قياسهم على الصلاة فمنتقض بالطواف ، ثم المعنى في الصلاة أنه لما كان في آخرها نطق واجب كان في أولها نطق واجب وليس كذلك في الوضوء .