فصل : فأما الفصل الثالث : في فقد قال وقت النية الشافعي : " مع التكبير لا قبله ولا بعده ، فإن لم يجزه ، وإن نوى قبل التكبير لم يجزه إلا أن يستديم النية إلى وقت التكبير " نوى بعد التكبير
وقال أبو حنيفة : إن أجزأه ، وإن كان بزمان بعيد لم يجزه نوى قبل التكبير بزمان قريب
وقال أبو داود : وأحب أن ينوي قبل التكبير فإن لم ينو قبله لم يجزه ، فأما أبو حنيفة فاستدل على جواز النية بأنه لما جاز تقديمها في الصيام على الدخول فيه بطلوع الفجر جاز [ ص: 93 ] تقديمها في الصلاة على الدخول فيها بالتكبير ، لأن مراعاة النية مع ابتداء الدخول فيها يشق ، وأما داود فإنه استدل على وجوب تقديم النية بأنه لو لتقدم جزء من التكبير قبل النية ، كما لو تأخى بنيته طلوع ، الفجر لم يجزه لتقدم جزء منه قبل كمال نيته قارن النية بالتكبير
والدليل على أبي حنيفة في أن تقديم النية لا يجوز : أنه إحرام عري عن النية فوجب أن لا يجزئه قياسا على الزمان البعيد ، ويفارق ما استشهد به من الصيام من وجهين :
أحدهما : أنه لما جاز تقديم النية فيه بالزمان القريب جاز بالزمان البعيد والصلاة ، لما لم يجز تقديم النية عليها بالزمان البعيد لم يجز بالزمان اليسير
والثاني : أن دخوله في الصيام لا يفعله بالزمان فشق عليه مراعاة النية في أوله ودخوله إلى الصلاة بفعله فلم يشق عليه مراعاة النية في أولها
والدليل على داود : أن ما وجب تقديم النية عليه لم يلزم استدامة النية إليه كالصيام ، فلما كان وجوب النية عند الإحرام معتبرا لم يكن تقديمها قبل الإحرام واجبا ، وفيه انفصال