الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت أن هذه الأعضاء السبعة هي فرض لمحل السجود في أحد القولين انتقل الكلام إلى المباشرة بها في السجود ، فنقول أما الجبهة فالمباشرة بها واجبة ، وعليه إلصاقها بمحل السجود من أرض أو بساط ، فإن سجد على كور عمامته ، أو على حائل دون جبهته لم يجزه ، وقال أبو حنيفة : إن كان بين جبهته وبين الأرض كحد السيف ، أو سجد على كور عمامته أجزأه ؟ استدلالا بما يروى " أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد على كور عمامته " ، ولأنه عضو أمر بالسجود عليه فجاز على حائل دونه كالركبة

                                                                                                                                            ودليلنا رواية يحيى بن خلاد عن أبيه ، عن رفاعة بن رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر رجلا إذا سجد أن يمكن وجهه من الأرض وتطمئن مفاصله ، ولأنه فرض تعلق بالجبهة فوجب أن يلزمه المباشرة بها كالطهارة ، فأما الخبر فضعيف ولو صح لاحتمل أمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون فعل ذلك لعلة بجبهته

                                                                                                                                            والثاني : ما قاله الأوزاعي أن عمائم القوم كانت لفة أو لفتين لصغرها ، فكان السجود على كورها لا يمنع من وصول الجبهة إلى الأرض ، وأما قياسهم على الركبتين فالمعنى فيهما مفارقة العادة بكشفهما وظهور العورة بهما ، فإذا ثبت وجوب المباشرة بالجبهة فسجد على جميعها أو بعضها أجزأه ، فلو كان على جبهته عصابة فسجد عليها فلا يخلو ذلك من أحد أمرين ، إما أن يكون ذلك لعلة ، أو لغير علة ، فإن كان وضعها لغير علة فمس الأرض بموضع من جبهته أو من خرق في العصابة أجزأه ، وإن لم يماس الأرض بشيء من جبهته لم يجزه ، وكذا لو سجد على جبهته أو رأسه ، وإن وضع العصابة لعلة أجزأه ولا إعادة عليه إذا باشر بالعصابة الأرض ، وكان بعض أصحابنا يخرج قولا آخر في وجوب الإعادة من المسح على الجبائر ، وليس بصحيح ، فلو سجد على ثوب هو لابسه لم يجزه ، ولو جعله وسجد عليه أجزأه ، ولو كان بجبهته علة لا يقدر على السجود عليها وأمكنه السجود على جبينه ، أو محاذاة الأرض بجبهته . قال الشافعي : " كانت محاذاة الأرض بجبهته أولى "

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية