فصل : فإذا ثبت أن هذه في أحد القولين انتقل الكلام إلى المباشرة بها في السجود ، فنقول أما الأعضاء السبعة هي فرض لمحل السجود واجبة ، وعليه إلصاقها بمحل السجود من أرض أو بساط ، فإن سجد على كور عمامته ، أو على حائل دون جبهته لم يجزه ، وقال الجبهة فالمباشرة بها أبو حنيفة : إن كان بين جبهته وبين الأرض كحد السيف ، أو سجد على كور عمامته أجزأه ؟ استدلالا بما يروى " أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد على كور عمامته " ، ولأنه عضو أمر بالسجود عليه فجاز على حائل دونه كالركبة
ودليلنا رواية يحيى بن خلاد عن أبيه ، عن رفاعة بن رافع إذا سجد أن يمكن وجهه من الأرض وتطمئن مفاصله ، ولأنه فرض تعلق بالجبهة فوجب أن يلزمه المباشرة بها كالطهارة ، فأما الخبر فضعيف ولو صح لاحتمل أمرين : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر رجلا
أحدهما : أن يكون فعل ذلك لعلة بجبهته
والثاني : ما قاله الأوزاعي أن عمائم القوم كانت لفة أو لفتين لصغرها ، فكان السجود على كورها لا يمنع من وصول الجبهة إلى الأرض ، وأما قياسهم على الركبتين فالمعنى فيهما مفارقة العادة بكشفهما وظهور العورة بهما ، فإذا ثبت وجوب المباشرة بالجبهة فسجد على جميعها أو بعضها أجزأه ، فلو كان على جبهته عصابة فسجد عليها فلا يخلو ذلك من أحد أمرين ، إما أن يكون ذلك لعلة ، أو لغير علة ، فإن كان وضعها لغير علة فمس الأرض بموضع من جبهته أو من خرق في العصابة أجزأه ، وإن لم يماس الأرض بشيء من جبهته لم يجزه ، وكذا لو سجد على جبهته أو رأسه ، وإن وضع العصابة لعلة أجزأه ولا إعادة عليه إذا باشر بالعصابة الأرض ، وكان بعض أصحابنا يخرج قولا آخر في وجوب الإعادة من المسح على الجبائر ، وليس بصحيح ، فلو سجد على ثوب هو لابسه لم يجزه ، ولو جعله وسجد عليه أجزأه ، ولو كان بجبهته علة لا يقدر على السجود عليها وأمكنه السجود على جبينه ، أو محاذاة الأرض بجبهته . قال الشافعي : " كانت محاذاة الأرض بجبهته أولى "