مسألة : قال الشافعي رحمه الله : " ومن لم يبن أن يعيد من قبل أن الرجل خرج من صلاة معاذ بعدما افتتح معه فصلى لنفسه ، وأعلم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فلم نعلمه أمره بالإعادة " . خرج من إمامة الإمام ، فأتم لنفسه
قال الماوردي : وهذا صحيح ، وجملته أن من أخرج نفسه من صلاة إمامه ، وأتم منفردا لنفسه فلا يخلو حاله من أحد أمرين :
إما أن يكون معذورا ، أو غير معذور ، فإن كان معذورا جاز أن يبني على صلاته ويجزئه : لأن النبي صلى الله عليه وسلم حين صلى بذات الرقاع صلاة الخوف فرق أصحابه فريقين ، فصلى بالطائفة الأولى ركعة ، ثم خرجت فبنت على صلاتها فأتمت لأنفسها فدلت على صحة صلاة المأموم إذا أخرج نفسه من صلاة إمامه ، وأتم منفردا لنفسه ، فلا يخلو من أن يكون معذورا ، وإن كان غير معذور فقد أساء ، في بطلان صلاته قولان :
أحدهما : باطلة ، لأن صلاة الانفراد تخالف صلاة الجماعة في الأحكام ، لأن المنفرد [ ص: 349 ] يلزمه سهو نفسه ، ولا يلزمه سهو غيره وإذا اختلفت أحكامهما جريا مجرى الصلاتين المختلفتين ، فلذلك لم يجز الانتقال من الجماعة إلى الانفراد كما لم يجز نقل ظهر إلى عصر .
والقول الثاني : وهو الصحيح ، صلاته جائزة : لأن الرجل أخرج نفسه من إمامة معاذ غير معذور فلم يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإعادة ، ولأن كل عبادة لا تقضي بالخروج من غير عذر ، أصله صلاة النافلة ، وصوم النافلة ، وعكسه صلاة الفرض وصوم الفرض ، ولأنه يجب أن يعدم بمفارقة إمامه ما استفاده من الائتمام وهو فضيلة الجماعة لا جواز الصلاة .