وإن ، فله أحوال . انفصل بجناية ، بأن ضرب بطنها فأجهضت
أحدها : أن يكون الجاني أجنبيا ، فيجب على عاقلته الغرة ويغرمه المغرور ; لأنه يغرم له فيغرمه . وقيل : لا يغرمه إذ لا قيمة للميت ، والصحيح الأول ، وضمانه عشر قيمة الأم ; لأن الجنين الرقيق يغرم بهذا القدر .
فإن كانت قيمة الغرة مثل عشر قيمة الأم ، أو أكثر ، فالمستحق للسيد عشر القيمة ، وإن كان العشر أكثر ، فوجهان . أصحهما : يستحق العشر وهو اختيار القاضي حسين والإمام وغيرهما ، ونسبه البغوي إلى العراقيين ; لأنه قدر ما فوته . والثاني : ليس له إلا قدر الغرة ، ويعبر عن هذا بأن الواجب أقل [ ص: 191 ] الأمرين . فعلى الأول لا يتوقف تغريمه على حصول الغرة له . وعلى الثاني ، يتوقف وينظر إلى ما يحصل له من الغرة ، فإن كان يجوز ميراث الجنين ، فذاك ، وإلا ، فيغرم أقل الأمرين من حصته من الغرة والعشر ، ولا يتصور أن يرث مع الأب المغرور إلا الجدة أم الأم ، ولا تسقط بالأم لأنها رقيقة .
الثاني : أن يكون الجاني هو المغرور ، فعلى عاقلته الغرة ، ويلزم المغرور عشر قيمة الأم إن قلنا في الحال الأول بالأصح : أنه يستحق العشر وتسلم الغرة للورثة ، وإن قلنا بأقل الأمرين ، تعلق حق السيد بالغرة فيؤدي منها ، وما فضل يكون للورثة . وعلى التقديرين ، لا يرث المغرور منها شيئا ; لأنه قاتل ولا يحجب من بعده من العصبات .
فإن كان المغرور عبدا ، تعلقت الغرة برقبته . ثم إن اعتبرنا الغرة ولم نوجب زيادة عليها ، فإذا حصلت الغرة ، صرف إلى السيد منها عشر قيمة الأم ، فإن فضل شيء ، فهو للورثة ، وإن اعتبرنا التفويت ، سلمت الغرة للورثة ، وتعلق حق السيد بذمة المغرور .
الثالث : أن يكون الجاني عبد المغرور ، فإن اعتبرنا التفويت ، فحق سيد الأمة على المغرور ، ولا تتعلق الغرة برقبته إن كان المغرور حائز ميراث الجنين ; لأنه لا يستحق على عبده شيئا ، وإن كان معه جدة الجنين ، تعلق نصيبها برقبته ، وإن اعتبرنا أقل الأمرين ، تعلقت الغرة برقبته ليؤدي منها حق السيد . فإن فضل منها شيء ، فعلى ما ذكرناه .
الرابع : أن يكون الجاني سيد الأمة ، فعلى عاقلته الغرة . ثم إن اعتبرنا التفويت ، سلمت الغرة للورثة وغرم المغرور للسيد عشر قيمة الأم . قال الإمام : ويجوز أن يقال : انفصاله بجناية السيد ، كانفصاله بلا جناية ، فلا يغرم المغرور شيئا ، [ ص: 192 ] وإن اعتبرنا أقل الأمرين ، فإذا حصلت الغرة ، صرف منها العشر إلى السيد . فإن فضل شيء فهو للورثة . قال الإمام : إذا كانت الغرة قدر العشر أو أقل ، وصرفناها إلى السيد ، كان الحاصل إيجاب المال على عاقلة الجاني للجاني وهو مستبعد .
فرع
خيار الخلف هل هو على الفور ؟ فيه طريقان حكاهما وغيره ، المذهب : نعم كخيار العيب ، والثاني : على أقوال خيار العتق . قال ابن كج البغوي : وإذا أثبتنا الفسخ ، انفرد به من له الخيار ، ولا يفتقر إلى الحاكم كخيار عيب المبيع ، ولكن هذا مختلف فيه ، فليكن كخيار عيب النكاح .