[ ص: 338 ] فصل
في مسائل تتعلق . بالضيافة
إحداها : للضيف أن يأكل إذا قدم إليه الطعام من غير أن يأذن صاحب الطعام لفظا ، إلا إذا كان ينتظر حضور غيره ، فلا يأكل حتى يحضر أو يأذن المضيف لفظا .
وفي " الوسيط " أنه لا بد من لفظ وهو شاذ ضعيف ، والصحيح الاكتفاء بقرينة التقديم ، وللقرينة أثر ظاهر في مثل هذا الباب ، وكذلك يجوز الشرب من الحباب الموضوعة على الطرق ، وكان السلف يأكلون من بيوت إخوانهم للانبساط وهم غيب .
وقال المتولي : تقديم الطعام ، إنما يكفي إذا دعاه إلى بيته . فإن لم يسبق دعوة ، فلا بد من الإذن لفظا ، إلا إذا جعلنا المعاطاة بيعا ، وقرينة التقديم لا تختلف لسبق الدعوة وعدمه .
قلت : الصحيح بتقديم الطعام أنه يجوز الأكل بلا لفظ ، سواء دعاه أم لا ، بشرط أن لا يكون منتظرا غيره كما سبق . وأما الأكل من بيت الصديق وبستانه ونحوها في حال غيبته فجائز ، بشرط أن يعلم من حاله أنه لا يكره ذلك منه . والله أعلم .
الثانية : ؟ وجهان . قال القفال : لا بل هو إتلاف بإذن المالك ، وللمالك أن يرجع ما لم يأكل . هل يملك الضيف ما يأكله
وقال الجمهور : نعم . وبم يملك ؟ فيه أوجه . قيل : بالوضع بين يديه ، وقيل : بالأخذ ، وقيل : بوضعه [ ص: 339 ] في الفم ، وقيل : بالازدراد يتبين حصول الملك قبيله . وضعف المتولي ما سوى الوجه الأخير . وعلى الأوجه ينبني التمكن من الرجوع .
قلت : قال صاحب " البيان " : إذا قلنا : يملكه بالأخذ أو بالوضع في الفم ، فهل للآخذ إباحته لغيره والتصرف فيه بغير ذلك ؟ وجهان .
الصحيح [ وقول الجمهور ] لا يجوز كما لا يعير المستعار . وقال الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب : يجوز أن يفعل ما يشاء من البيع والهبة وغيرهما ؛ لأنه ملكه . قال ابن الصباغ : هذا لا يجيء على أصلهما . والله أعلم .
الثالثة : ليس للضيف بما سوى الأكل ، فلا يجوز أن يحمل معه منه شيئا ، إلا إذا أخذ ما يعلم رضى المالك به ، ويختلف ذلك بقدر المأخوذ وجنسه ، وبحال المضيف والدعوة . التصرف في الطعام
فإن شك في وقوعه في محل المسامحة ، فالصحيح التحريم ، وليس للضيف إطعام السائل والهرة ، ويجوز أن يلقم الأضياف بعضهم بعضا ، إلا إذا فاوت بينهم في الطعام ، فليس لمن خص بنوع أن يطعموا منه غيرهم ، ويكره للمضيف أن يفعل ذلك .
الرابعة : يحرم ، واستثنى التطفل المتولي وغيره فقالوا : إذا كان في الدار ضيافة ، جاز لمن بينه وبين صاحب الطعام انبساط أن يدخل ويأكل إذا علم أنه لا يشق عليه .
[ ص: 340 ]